بعمر الواحد والثلاثين، عامل في مصنع كراسي دورات المياه الخاصة بطائرات الجامبو 747، يجد الفرصة سانحة أمامه لإبراز موهبته الغنائية بعد موافقة بوكر ت. جونز منتج موسيقى الأر آند بي الذي بدأت شهرته تظهر في ستينيات القرن الماضي، على إنتاج ألبومه الأول الذي حمل عنوان "كما أنا". وبسرعة الريح حملت محطات الإذاعة الأمريكية الأغنية ضمن قائمة البيل بورد لأقوى الأعمال الصادرة في الترتيب الثالث، والسادس في صنف أر آند بي في أمريكا الشمالية، في زمن بدأت فيه النزعات التجارية لتحوير لذلك الصنف تحت مسميات بديلة مثل السول أو كغطاء لمفاهيم جديدة من الفنك والديسكو وغيرها، لكنها استمرت في صعودها حتى حققت جائزة الغرامي لعام 1972م عن أفضل عمل أر آند بي. بناء الأغنية لا يبدو اليوم مختلفاً بشكل قطعي عن أبرز أعمال الأر آند بي الشهيرة تاريخياً لو نظرنا لها بشكل إجمالي من وقتنا الحالي، حيث القصر الشديد مقابل الطول الذي اشتهرت به أصناف أخرى مثل الروك أو الجاز، التركيز على أبيات مقتضبة مكررة لتأكيد الحالة الراهنة التي تدور حولها الفكرة والتي غالباً ما تدور حول مفاهيم عاطفية مثل الحنين وجمال الماضي والحب وقبض الموت للأهل والأصدقاء، لكن ترداد ويثرز لمفردة "أنا أعرف" التي اشتهرت بها بنية الأغنية، أكدت جدية فقدان الأمل الذي توحي به الأبيات التي ترثي حباً انتهى ولم يعد هناك ما يمكن قوله سوى التغني بليلى ذلك الحب المضطرب. ويثرز يقول أنه استوحى الأبيات من مشاهدته لفيلم Days of Wine and Roses الذي أخرجه بلايك إدواردز عام 1962م، من بطولة جاك ليمون ولي ريمك، ومن حدث في حياته لا يبدو أنه يستوعبه الآن. شارك في الأغنية القصيرة التي لا تتجاوز الدقيقتين وخمس ثوان موسيقيون كبار مثل آل جاكسون جونيور على الطبول ودونالد "دك" دُن على الجيتار المساعد، وهما اللذان اقترحا مع بوكر تي.، على ويثرز أن يترك فكرة تعديل القصيدة الغنائية، حيث كان يرغب بكتابة أبيات مكان لفظ "أنا أعرف" الذي كرره ستاً وعشرين مرة، متيحاً مكاناً سائغاً لإضافة تلك الأبيات، لكن ويثرز تجاوب لهم لقلة خبرته مقابل خبرتهم الكبيرة، وأصبحت هذه اللفظة من أبرز ما عرفت به الأغنية، وتحدياً كبيراً لكل من يريد تسجيلها مرة أخرى، وهو ما جعل ويثرز يؤكد صحة قراره في أكثر من مقابلة. لا يمكن تعداد عدد الفنانين الذي قاموا بإعادة توزيع الأغنية وتسجيلها، لكن من أشهرهم كان البريطاني ستينغ، بي بي كينغ، جو كوكر، مارك نوفلر، وليني كرافتيز. كما ظهرت في العديد من الأفلام مثل "نوتينج هيل"، و"ميونخ".