بانتهاء دور ال 16 لدوري أبطال آسيا سيكون قطار البطولة قد دخل محطة مختلفة في كل شيء، فإضافة إلى إندماج فرق شرق القارة وغربها في دور ال 8، وبلوغ المنافسة أصعب مراحلها، فإن توقيت إقامة الأدوار النهائية من ربع النهائي حتى المباراة النهائية والمقرر لها في الفترة من 15 سبتمبر وحتى 13 نوفمبر المقبلين، أخذ من حيز الاهتمام كثيرا، باعتبار تضارب التوقيت مع مواقيت روزنامة المسابقات في شرق القارة الصفراء وغربها، فبينما ستكون فرق شرق القارة قد مضت نحو آخر أوراق روزنامة مسابقاتها، فإن فرق غرب القارة ستكون للتو قد بدأت تقليب الأوراق الأولى من الموسم الجديد، وهو ما يشكل مفارقة واضحة بينهما، تتعلق بإيجابية وسلبية الأمر على فرق هذا الجزء من القارة أو ذاك، وهو ما فتح نيران الانتقادات على الاتحاد الآسيوي من جهة العديد من المعنيين بالأمر؛ لاسيما من الممثلين لفرق غرب القارة الذين يرون أن هكذا روزنامة تضر بهم في وقت تلعب لمصلحة فرق شرق القارة التي ستظل تستفيد من هذا الأمر على الأقل حتى نسخة 2012 بحسب روزنامة بطولات الاتحاد الآسيوي. لعبة التكتلات ولغة المال تحكمان قبضة شرق آسيا على روزنامة البطولة بطولة واحدة في موسمين انطلقت بطولة دوري أبطال آسيا في نسختها الثامنة 2010 في 3 فبراير الماضي وستنتهي في 13 نوفمبر المقبل، وهي الفترة التي تتوافق مع روزنامة المسابقات الكروية لاتحادات شرق القارة الصفراء، التي تتباين مع روزنامة مسابقات الاتحادات في غرب القارة، فالموسم الكروي - مثلا - في كوريا الجنوبية بدأ في 27 فبراير الماضي، وسينتهي في 11 سبتمبر المقبل، وفي اليابان بدأ في 16 مارس الماضي وسينتهي في 4 ديسمبر، أما في الصين فقد بدأ الموسم في 27 مارس الماضي وسينتهي في 29 سبتمبر المقبل، في حين بدأ الموسم الكروي في السعودية في 18 أغسطس 2009 وانتهى في7 مايو الجاري، وفي الإمارات بدأ في 25 سبتمبر 2009 وانتهى في 15 مايو الجاري، أما قطر فقد بدأ في 12 سبتمبر 2009 وانتهى في 15 مايو الجاري، وذلك يعني بأن دوري أبطال آسيا تزامنت بدايته ونهايته مع روزنامة الموسم الكروي في شرق آسيا، في الوقت الذي تباينت مع روزنامة غرب آسيا، وعلى هذا الأساس فإن مرحلة احتدام المنافسة في الأدوار النهائية المقبلة ستلعب لمصلحة أندية كوريا الجنوبية الأربعة المتأهلة لربع النهائي، باعتبار أن هذه الاندية ستلعب هذا الدور وهي للتو قد أنهت موسمها الكروي في وقت ستلعب الأندية الأربعة في غرب آسيا وهي للتو قد بدأت موسمها الكروي الجديد، ما يجعل التباين على صعيد الجاهزية الفنية والبدنية واضحاً، والذي سيلعب بالطبع لمصلحة الاندية الكورية التي ستستثمر وصولها إلى أقصى مراحل الجهوزية، باعتبار أن تلعب البطولة تزامناً مع موسمها الكوري، بينما تلعب أندية غرب آسيا البطولة في موسمين كرويين. الشباب وصل لدور الثمانية العالم في واد والآسيوي في واد ما يلفت الانتباه في روزنامة دوري أبطال آسيا أنها تعيش في واد بينما روزنامات المسابقات الكروية في العالم بأسره في واد آخر؛ إن على مستوى مسابقات الاتحادات الاهلية، او على مستوى الاتحادات القارية، إذا ما استثني دوري أبطال أفريقيا الذي يراعى في روزنامته ظروف المناخ الشديد الحرارة في بعض مناطق القارة السمراء لقربها من خط الاستواء، وإلا فإن دوري أبطال أوروبا يبدأ متزامنا مع الروزنامة الكروية العالمية، إذ يبدأ في سبتمبر وينتهي في مايو، ففي الموسم الراهن بدأ في 15 سبتمبر 2009 وسينتهي في 22 مايو الجاري، أما كأس اندية امريكا الجنوبية (اليبرتادوريس) فقد بدأ موسمه في 5 أغسطس وانتهى في 2 ديسمبر الماضيين. شرق آسيا والحظوة المكشوفة المتابع جيداً لروزنامة دوري أبطال آسيا طوال نسخها الماضية يلفت انتباهه أنها تراعي روزنامة الاتحادات الأهلية في شرق القارة، في وقت تتعارض مع روزنامة الاتحادات الأهلية في غربها، وهو ما يضع السؤال الكبير على طاولة البحث، ترى لماذا تستأثر اتحادات شرق آسيا على حظوة الاتحاد الآسيوي؟، ولماذا لا تحظى اتحادات غرب القارة بذات النصيب من حصة الأسد؟، والإجابة للعارفين ببواطن لا تحتاج إلى كثير من الاجتهاد، فالأمر لا يعدو سببين رئيسين، الأول يتعلق بقوة اتحادات دول شرق القارة التي تستمد قوتها من تكتلاتها في الضغط على الاتحاد الآسيوي، والثاني يتعلق باقتصاديات دول شرق القارة وانعكاسها على الاتحاد الآسيوي الذي يعتمد في معظم موارده المالية على عقود الرعاية والإعلانات التي تضخها الشركات الشرق آسيوية في قنوات الاتحاد الآسيوي. التكتل سلاح الأقوياء لعبة التكتلات لها دور بارز وحيوي في كل المجالات من جهة فرض الخيارات، سواء أكانت سياسية أو اقتصادية بل حتى الرياضية منها؛ وفي المجال الأخير ليس أدل من الدور الذي يلعبه اتحاد شرق آسيا لكرة القدم في فرض نفسه بقوة على الاتحاد الاسيوي ما يجعل ورقة الضغوطات أقوى في تجيير معظم قرارات الاتحاد القاري لمصلحة الاتحادات التي تنضوي تحت لوائه، وتأسس اتحاد شرق آسيا في مايو 2002 بهدف تنظيم شؤون كرة القدم في شرق آسيا، ويتألق الاتحاد من 10 اتحادات أهلية هي: الصين الشعبية، الصين تايبيه، كوريا الجنوبية، كوريا الشمالية، هونج كونج، اليابان، غوام، ماكاو، منغوليا، وجزر ماريانا الشمالية، ويلعب هذا الاتحاد دوراً في تحقيق مطالب الاتحادات الأهلية فيه من خلال الضغط على مصادر القرار في الاتحاد الآسيوي، في الوقت الذي يظهر مدى ضعف اتحادات غرب آسيا بسبب عدم وجود تكتل حقيقي لديها يمكن له ان يعزز قوتها، رغم وجود اتحادات غرب آسيا بيد أن هذا الاتحاد يتمثل فقط من 6 اتحادات وهو ما يقلل من قوته. وتأسس اتحاد غرب آسيا في العام 2000 بعضوية الأردن وسوريا ولبنان وإيران والعراق وفلسطين، وتوسعت عضويته بدخول قطر والإمارات واليمن، ويتبقى دخول أربع دول هي السعودية والبحرين والكويت وسلطنة عمان ليكتمل عقد الاتحاد، الذي لم يؤد الدور المأمول منه رغم مرور 10 أعوام على إشهاره. المال اللغة الأفصح يدرك العارفون ببواطن الأمور وظواهرها أن المال بات عصب الرياضة، بل وقودها الذي تتحرك من خلاله، وهو ما أدركه (اتحاد ابن همام)، الذي عمل على توسيع قنواته لجذب الاسثمارات التي تقوي إيراداته، وهو ما نجح فيه بالفعل، إذ يكفيه نجاحاً قدرته على رفع عوائد الرعاية من 150 مليون دولار في الفترة من 1992 حتى 2008 إلى مليار دولار وهو قيمة العقد الأخير الذي وقعه الاتحاد مع شركة وورد سبورت غروب المتخصصة في مجال التسويق. ويكلف تنظيم دوري أبطال آسيا وحده 40 مليون دولار سنوياً بعد ان كانت كلفته سابقاً لا تتجاوز 4 ملايين دولار في نسخة 2002 و200 ألف دولار قبل ذلك. وتعتبر السوق الشرق آسيوية هي المصدر المالي الرئيس الذي يضخ السيولة لخزينة الاتحاد الآسيوي، وقد كشف ابن همام في تصريحات سابقة أن 90% من موارد الاتحاد الاسيوي تأتي من خلال العقود المبرمة مع الشركات اليابانية والكورية الجنوبية، بواقع 70% للشركات اليابانية، و20% للشركات الكورية الجنوبية، بينما لا تجاوز حصة الشركات القطرية والإماراتية 10%، في وقت تغيب فيه الشركات السعودية. وتمثل هذه الأرقام وحدها حجة كافية للاتحاد الآسيوي لمنح الاتحادات في شرق القارة ما تشاء من مطالب في الوقت الذي يدير ظهره للاتحادات في غربها، كونها ليست ذات تأثير قوي في عوائده التي من خلالها تنظم البطولات. نظام غريب ومضر يعد مدرب الهلال البجيكي إيرك غريتس أول من حرك المياه الراكدة في بحر دوري أبطال آسيا في النسخة الحالية حينما عبر عن استيائه إزاء روزنامة البطولة قبل انطلاق استحقاقات فريقه وحتى بعد عبوره للدور ربع النهائي. يقول غريتس: "روزنامة البطولة غريبة، بل لم أر مثيلاً لها في كل بطولات العالم، فكيف تلعب بطولة على موسمين. إه أمر غريب بالفعل، ويخالف المنطق". ويضيف:" الأندية في غرب آسيا المتأهلة لربع النهائي ستلعب هذا الدور في الموسم المقبل، ما يعني أنها ستلعب البطولة في موسمين، في وقت بدأت البطولة وستنتهي متزامنة مع الموسم الكروي في شرق آسيا، وهذا بحد ذاته يكشف سوء تنظيم البطولة، فالمتغيرات ستكون كثيرة بالنسبة لنا بين هذا الموسم والموسم المقبل، إن على مستوى الإعداد أو قائمة اللاعبين المشاركين، اعتقد أن الأمر لا يليق ببطولة بهذا الحجم، فهي تخدم فرقاً على حساب أخرى". المؤيدون كثر ولا يتأخر مدير فريق الشباب خالد المعجل في موافقة غريتس فيما ذهب إليه، مؤكداً أنهم يدركون أن البطولة مفصلة على مقاس الفرق في شرق القارة من دون مراعاة الفرق في غربها. وقال: "أكثر الصعوبات التي ستواجه الفرق المتأهلة إلى ربع النهائي انه سيقام في سبتمبر، وهي فترة بداية الموسم بالنسبة لنا، بينما هو نهاية الموسم في شرق القارة، ما يعني ان الفرق الكورية التي ستواجهنا ستكون في أقصى جهوزيتها، عدا عن أن لاعبينا قد لا يخضعون للراحة خلال عام كامل فهم من جهة سيشاركون مع المنتخب في معسكراته وبطولاته، ومن جهة أخرى فهم سيدخلون معنا مبكرين في رحلة الإعداد للموسم الجديد، وهو ما سيكون مختلف تماماً باعتبار تأهلنا لأدوار الحسم في دوري أبطال آسيا". ولا يتردد الأمين العام للاتحاد الإماراتي يوسف عبدالله في التأكيد على أن تباين الروزنامة ما بين اتحادات غرب القارة الآسيوية والاتحادات في شرقها يكشف اصطفاف الاتحاد الآسيوي ناحية الاتحادات الشرق آسيوية، مشدداً على أن ذلك يحتاج إلى مراجعة من قبل الاتحاد الاسيوي. ويضيف: "هذا الامر ملموس، وتتضح صعوبته في الأدوار النهائية، إذ ليس من المنطق في شيء أن تلعب البطولة في موسمين بالنسبة لأندية غرب القارة وفي موسم واحد لأندية شرقها، ولذلك نحن سندعو لمعالجة الامر بنهاية الروزنامة الحالية في 2012". ويصادق الامين العام المساعد في الاتحاد القطري نائب رئيس نادي الريان القطري علي النعيمي على حقيقة الأمر مشدداً على حتمية إعادة النظر في ذلك، لافتاً إلى أن هذه الملاحظة ينبغي ان تؤخذ على محمل الاهتمام من قبل اتحادات غرب آسيا لطرحها على طاولة الاتحاد الآسيوي قبل صياغة الروزنامة المقبلة. وقال: "لاشك المستفيد الوحيد من الروزنامة هي الاندية في شرق آسيا، والأمر يستدعي تحركاً قوياً لفرض خياراتنا في الرونامة المقبلة". تخدمنا ولا تضرنا وعلى عكس كثيرين يؤكد مدير فريق الاتحاد حمد الصنيع الذي شارك مع فريقه في ثلاث بطولات سابقة أن الروزنامة ليس فيها ضرر على الفرق في شرق القارة، مؤكداً أن فريقه لم يلمس مثل هذا الضرر في مشاركاته السابقة. وقال: "أعتقد أن في جوانب معينة الروزنامة تلعب لصالحنا، فنحن نبدأ موسمنا الكروي في أغسطس، بينما تلعب الأدوار النهائي من ربع النهائي حتى النهائي في الفترة من سبتمير حتى نوفمبر، ما يعني أن هناك فترة إعداد كافية، سواء قبل انطلاق الموسم او حتى خلاله، حيث نخوض بداية الدوري وهو ما تمثل بالنسبة لنا إعداداً في استحقاقنا القاري، وفضلا عن ذلك فإن الروزنامة الآسيوية تقلل من عدد المؤجلات في الدوري". ونفى الصنيع ان تكون الروزنامة مرهقة لفرق غرب آسيا وقال: "على العكس تماماً فمتى وضعت الآلية الصحيحة للإعداد فستكون في صالحها، فنحن في نسخة 2009 وصلنا للنهائي، وكنا قد لعبنا في مشوارنا من ربع النهائي وحتى النهائي قرابة خمس مباريات في الدوري، وكانت مفيدة لنا في التحضير وليس مضرة كما يتصور البعض". ويضيف: "من وجهة نظري المسابقة مريحة لنا، فهي لا تشكل في أدوارها الحاسمة أي ضغط بالنسبة لنا فنحن في بداية الموسم، وبذلك لن تكون لدينا ازدواجية في المنافسات، على عكس لو كانت الأمور في نهاية الموسم". الروزنامة ظالمة ولكن! ويعترف عضو الاتحاد الآسيوي والمدير التنفيذي لهيئة دوري المحترفين السعودي محمد النويصر بأن شكاوى أندية غرب آسيا من روزنامة دوري أبطال آسيا قديمة، فهي بدأت منذ انطلاق النسخة الأولى في العام 2003، مع إدراك المعنيين بالأمر في الاتحادات والاندية الاسيوية ان الروزنامة موضوعة حتى 2012، رافضاً فكرة أن الروزنامة بمثابة حجر عثرة في طريق فوز أندية غرب القارة بالبطولة. وقال:" صحيح أن في الروزنامة ظلم لفرق غرب القارة، باعتبار تباينها مع مسابقاتها المحلية، لكن هذا ليس مبررا كافيا للشكوى، والدليل أن اندية في غرب القارة حققت البطولات غيرة مرة كالاتحاد الذي حققها مرتين، والعين الإماراتي الذي حققها في نستختها الجديدة الأولى، وهنا يحضر السؤال كيف فازت هذه الفرق بالبطولات؟. ويضيف: "رأيي الشخصي يؤيد مسألة وقوع الضرر، لكنني ضد مسألة أن هذا الضرر يقوض الفوز باللقب".