قال المتنبي : - والذل يظهر في الذليل مودة وأودّ منه لمن يودّ الأرقمُ حتى الآن أجهل إعراض صحافتنا المحلية عن الإفصاح عن جنسية المتهم المقبوض عليه بواسطة الشرطة . فنقول : من جنسية عربية، أو من جنسية آسيوية أو رجل من إقليم خوارزم .! أو من " قصبة في نواحي بخارى ..! . والأسلوب الأخير مأخوذ من طريقة السرد في المؤلفات التاريخية القديمة . ولن أطبّق صفة بيت المتنبي على مقالتي هذه، لكنني لا أجد التفسير المنطقي للتكتم إلى هذا الحد عند صحافتنا، وصحفنا لا ترضى بالذل والمجاملة على حساب المهنية المتبعة . صحيح أن المتهم بريء حتى تثبُت إدانته ، لكننا لم نوقع الجرم عليه بمجرد ذكر اسم البلد الذي جاء منه . في جرائدهم – عربيا وغربيا – لا يكتفون ب " عربي " بل يذكرون " سعودي " وربما قالت -أعني صحافة الخارج - إنه من مدينة كذا ، وإنه يرتبط بعلاقة قرابة مع ( فلان )..! ، فأُخته تصير امرأة ( زيد من الناس .! ) ، وهكذا يضعون السعودي تحت المجهر . وهو لا يزال بانتظار المحاكمة . فلماذا صحافتنا تتردد في الإفصاح؟! لا أدري هل الموضوع تقليد قديم ولا نستطيع تغييره . أم أن ثمة تعليمات تقول للمحرر: ابتعد عن ذكر اسم البلد . ذكر الأسماء والجنسية يُفيد من يود تقديم بحث أو مقارنة ، ودون أن يُكلّف نفسهُ أو نفسها في الذهاب إلى الشرطة في كل منطقة ليحصل على الإحصائية أو المقارنة . وهل يكثر هذا النوع من الجرائم والمخالفات والإساءات عند هؤلاء القوم ( الجنسية ) ويقل عند أولئك . الجنسية العربية محبوبة عندي ، ولها مقام وتقدير وتثمين ، ومع هذا نحن نحتاج إلى إحصاءات ( نحن في عصر الإحصاء ) . ولن نوصل الإهانة أو التحقير إلى بلدانهم إذا ارتكبت الرعيّة إثما في بلادنا . لأنهم لا يوفروننا حجزا ونشرا إذا ارتكب المواطن السعودي مخالفة في بلدانهم . عمل الكثير منا في الحقل الإعلامي منذ زمن، أهم ملاحظة يمكنني قولها هنا هي أن في عديد البلدان في العالم تستمتع المجتمعات و الشعوب بما يسمى بسلطة الإعلام و نسمع كثيراً عن السلطة الرابعة التي تمد المجتمع بتفاصيل تفيده وتفيد أمنه وتفيد الباحثين لإعداد مقاسات وإحصائيات ودراسات ذات شأن، لكن المحرر عندنا في هذه المنطقة يتبع منطقا مختلفا خوفا من أن تلحقه ملامة على قول ساحر سيرلانكي أو مهرّب هندي . وهي حالة فريدة وتنعدم في أخبار وصحافة البلدان الأخرى . لنقل مثل الصحافة الإنجليزية ، مثلا : " وطُلب من شخص من بلد كذا البقاء في مركز الشرطة من أجل مساعدة البوليس في تحرّياته " والمسألة هنا واضحة وذكية .Helping The police With Their Inquiry . ( صايدين الرجال .. ! ، لكن قرار الاتهام يأتي لاحقا ) .