أخفق أربعة عشر ألفاً ومئتا طالب في اختبار القياس الذي عقده المركز الوطني للقياس والتعليم من أصل 33 ألفا وخمس مئة متقدم ، للترشيح في الوظائف التعليمية في وزارة التربية والتعليم العالي للعام الدراسي القادم ما يعني فشل 42% من المتقدمين في اجتياز الاختبار في 19 مدينة ، وأن يفشل 42% من المتقدمين ليس موضع استغراب بل هو المتوقع ، ولكن الاستغراب كل الاستغراب في أن ينجح من نجح ،ذلك لأن هؤلاء الذين تقدموا للاختبار هم نتاج طريقة التلقين والحفظ العقيمة التي حتى لا تنتج نسخة أخرى من الكتاب المقرر ، إذ إن الذي حفظ مواد السنة الأولى ينساها حين يرتقي إلى السنة الثانية ، وحين يصعد إلى السنة الثالثة ينسى ما درسه في السنة الثانية ، وهكذا دواليك ، وحين يتخرج لا يتذكر إلا القليل مما حفظه في السنة الأخيرة أي قبل الامتحان بشهور ، ونحن إذا أردنا أن نخرج خريجين جديرين بخوض غمار الحياة وليس غمار العمل وحده يجب أن نغير طريقة التعليم ، إذ بدلا من التلقين نسلحه بآلة و قدرات تمكنه من البحث عن المعلومة واستنباطها ، بكلمات أخرى؛ نعلمه أين يجد المعلومة ، هذه هي الخطوة الأولى ، أما الخطوة الثانية فهي تحليل المعلومة وتطبيقها في الغرض المطلوب منها، وأنا حين درست النقد الأدبي في الجامعة الأميركية ، كان الأستاذ يسمح لنا بإدخال كل الكتب في الامتحان ماعدا القاموس لأن الأسئلة المطلوب الإجابة عليها ليست في بطون الكتب بل في العقول ، المطلوب ليس معلومة ، بل كيف أنقد النص الذي يقدمه لنا الأستاذ في الامتحان ، المطلوب هو كيف استفيد من القدرات التي اكتسبتها في الجامعة ، وليس ما حفظته فيها , فمتى نفهم ذلك ونطبقه ؟