في بيتنا "مراهق" عبارة يتردد صداها المدوي خلف جدران بيوتنا العالية والتي تختبىء خلفها أكثرمن معاناة يعيشها المراهقون وتحديدا مع أهاليهم بسبب فقدان لغة الحوار بينهم والتي يصعب ترجمتها أحيانا فوق أرض الواقع ربما لتباعد الرؤى بينهم وبين الوالدين فالمراهق مطلوب منه أن يسابق عمره لينضج فتنضج تجربته الإنسانية من واقع تجربة من هم أكبر سنا منه في البيت وأحيانا يتحول هذا المراهق إلى مجرد علامة استفهام حائرة ترصدها العيون في كل الاتجاهات كلما حاول التحرك في اتجاه ما للخروج من نفق الممنوعات التي تلاحق تصرفاته وتصادر آراءه حتى قبل أن يبوح بها "مراهقنا" أعياه التعب بحثا عن واقعه الذي لا يعيش إلا في مخيلته فيلجأ لأصدقائه الذين يشاركونه المعاناة نفسها بحثا عن حل لتلك الغربة المستوطنة داخله فلا يسمع سوى صدى لمعاناته، ولكن بسيناريو مختلف في بعض من تفاصيله. «مقالب المراهقين» تجاوزت إلى الغير دون رادع المراهق مسبة من نفق الممنوعات الشديدة إلى فضاء اللهو مع الأصدقاء خرج الشاب نواف 17 عاما من صمته والذي اعتبره أفضل حلا للتعبير عن غضبه لكثرة الممنوعات التي تصدر من والديه والتي تنتقد كل تصرفاته بدءا من اختياره لموديلات ملابسه وانتهاء بالتدخل في اختيار أصدقائه. يقول نواف: والدي يصفني دائما بالمراهق حيال أي تصرف أقوم به وكأنه يتهمني بصفة مذمومة متناسيا أنه عاش مثلي هذه المرحلة من العمر والتي تعني أن يكون الشاب مستقلا بتصرفاته ومسئولا عن نتائجها والتي قد لا تتوافق مع العادات والتقاليد الاجتماعية حتى وإن كانت تتشبه بالإستيل الغربي كالخروج مع الأصدقاء لساعات طويلة وإقامة الحفلات وارتداء ملابس الأسبور الغريبة مشيرا إلى ضرورة الإدراك بأن لكل زمان مظهره فلماذا يريد والدي مني العيش في زمن أصبح في حكم المجهول ويصر على التدخل حتى في تفاصيل حياتي والتي أشعرتني بقيود كرهت بسببها وجودي في البيت. أما الشاب هيثم الفيصل من كلية الاتصالات فيروى لنا معاناته التي يعيشها مع أهله يقول هيثم: يغيب والدي لأيام عنا لظروف عمله التي تستدعي سفره بشكل دائم ولا يجد حتى الوقت ليتصل للإطمئنان علينا ووالدتي تخاف علينا بشكل مبالغ فيه ودائما تردد على مسامعنا أننا أمانة في عنقها فتمارس سلطة المراقبة الهاتفية أثناء خروجي وأخواني مع أصدقائنا وأحيانا تفاجئني بدخولها المباغت إلى غرفتي لتتفحص سريعا بعينيها كل محتويات الغرفة دون أن تحرك بيديها أي قطعة معللة ذلك بخوفها علينا من رفقاء السوء وأنني مراهق وقد أخطىء وهي بذلك تحاول حمايتي. مراهق يستعرض أمام كاميرا زميله بحجم ثروته صغيرة وجاهلة الطالبة الجامعية رهف قالت: والدتي تعتبرني حتى الساعة صغيرة وجاهلة وغير قادرة على اتخاذ قرار وترافقني حتى باب الجامعة لتوصلني وتعود لتأخذني وأحيانا تنتظرني لساعات داخل السيارة وتردد على مسامعي نصائح لا حصر لها وتسرد قصصا مأساوية لفتيات مراهقات تعرضن لمشاكل بسبب غياب رقابة الأهل وتمنعني من زيارة صديقاتي في بيوتهن وتفتش هاتفي المحمول ورغم محاولاتي التفاهم معها بأنني لست طفلة ترد علي قائلة ولكنك مراهقة. الشعور بالذات استشاري الطب النفسي د.علي زائري أكد على أن المراهق يواجه مشاكل كثيرة أهمها المشاكل النفسية مثل الرغبة في الاستقلال والحرية خارج إطار الأسرة وأحيانا ضد رغبات الأهل مما يسبب اصطداما في وجهات النظر وتحول فترة المراهقة الى مرحلة صدام بين المراهق والمجتمع. وأكد على أنه خلال هذه المرحلة يكتمل النمو الجسدي في الوقت الذي لم يحظ النمو العاطفي والنفسي بنفس القدر من الاكتمال، وبالتالي تنشأ أزمة بين الرغبات الشديدة الملحة وعدم القدرة على تحقيقها مما يسبب توترا شديدا وإحباطا مشيرا إلى أن المراهقين بشكل عام بحاجة إلى الشعور بالذات، ولكي يحقق هذه الرغبة يبدأ التذمر من الوسط المحيط ويرفض القيود المفروضة من المنزل والمدرسة أو أي سلطة بشكل عام مما يزيد من عزلته ورفضه من الكبار. وأوضح استشاري الطب النفسي الزائري بأن المشكلة التي يعانيها المراهق والمراهقة هو الانفتاح الثقافي الكبير بالعالم الخارجي وتوسع الدائرة الثقافية للمراهق عن طريق التقنية المتطورة مما يسبب وعيا كبيرا وسابقا لأوانه لدى المراهقين كون المراهق في الوقت الحاضر لديه معلومات لا توجد لشخص في سن الخمسين أو أكثر في الزمن الماضي مما يعني أكثر من مراهق قبل عشر سنوات، وذلك بسبب اختلاف متطلبات المجتمع في ذلك الوقت وحتى الأن. التعامل الأمثل مع المراهقين وشدد د. الزائري على أن زمن الضرب بالعصا والطرد من المنزل يخيف مراهق الأمس ويجلب السرور إلى مراهق اليوم، وذلك بسبب إعطائه الذريعة والوقت لممارسة سلوكه الخاطئ وأضاف قائلا: من وجهة نظري أفضل أسلوب للتعامل مع المراهقين التفاهم معهم والتقرب منهم وتفهم وضعهم الجديد وعدم تكرار النصائح الكثيرة أمامهم ويكتفى بمصاحبتهم ومشاركتهم المواضيع المهمة لهم مثل إظهار الاهتمام بما يقولون وتوضيح وجهات النظر المختلفة مع ضرورة إشغال المراهق بأمور تساعد على تفريغ طاقته الكبيرة وعدم كبحها مثل الرياضة والمشاركة في الاعمال التطوعية.