في ليلة من ليالي أفراحنا الخاصة، ليلة كانت ترمقها السماء بنجومها الساطعة متطلعة للمشاركة، ليلة أمطرت فيها دموع الفرح والسرور محملة بأجمل معاني الحب والوفاء إلى رجل الخير والنماء، كان الموعد في مطار الملك خالد الدولي بالرياض فقد كان اتجاه الجميع في مشهد رهيب باتجاه مكان اللقاء عبر ذلك الطريق الرابط بين المدينة والمطار وترى الزحام الشديد في ذلك الطريق وكأن كل سكان المدينة على موعد اللقاء، وفي لحظات مشحونة بالشوق والحنين كان الانتظار، كان الجميع يترقب موعد التاسعة مساء حيث يتم لقاء تلك الجموع الغفيرة التي ضاقت بهم صالات المطار وممراته، فالمكان مزحوم بكل من جاء لموعد اللقاء، وكلهم في انتظار تلك اللحظة على قلب رجل واحد يفيض حباً وشوقاً للقاء القادم بعد غياب قارب العام، فلم يعتادوا على غيابه، ولم يفارقهم إلا لزيارة رسمية تعود بالنفع والفائدة لهذه البلاد الطيبة المباركة، وإلا فبابه مفتوح مثل قلبه لكل ذي حاجة ومسكين. إنه منظر لا ينسى، الأخ الأكبر خادم الحرمين الشريفين المليك المفدى عبدالله بن عبدالعزيز في ممر باب الطائرة وسمو الأمير سلطان على مقربة من أخيه الأكبر وكلاهما يتعجل الوقت للقاء، فكان العناق بين الشقيقين عناق رسم أسمى معاني الحب والوفاء، عناق أحس كل من رآه بحرارته وصدقه، ثم كان لقاء الأمير بمحبيه الذين تقاطروا حتى سدوا منافذ المطار. لقاء ذرفت فيه العيون وهدأت فيه الأنفاس. سيدي ولي العهد.. إن أبناء هذا الشعب يدركون معنى هذا اللقاء فهم يعرفون حقك عليهم لما لمسوا فيك من بذل للخير والعطاء، ولقد رأيت بأم عيني مرضى في مدينة سلطان الإنسانية وألسنتهم تلهج بالدعاء بأن يحفظ سموكم الكريم من كل مكروه وذلك على ما قدمتم لهم من عناية فائقة في هذه المدينة وكذلك غيرها من المرافق الحيوية التي أسأل الله عز وجل أن يجعلها في موازين حسناتكم. إن الجموع التي تقاطرت لاستقبالك، دفعهم ما قدمته لهم، دفعهم صدقك وتفانيك في خدمتهم، جاؤوك من كل فجاج الوطن لأنك علمتهم معنى الوفاء والاخلاص لوطنهم، تقاطروا نحوك كما النحل يجذبه لذة الرحيق وطيب الازهار. سيدي ولي العهد.. لقد أحبك شعبك لأنك واحد منهم، يجدونك عند الحاجة وحين تقرع الخطوب.. أحبوك لأنهم أحسوا بفقدك.. أحبك الفقراء والمساكين لأنك أمير الجود والسخاء.. أحبوك جميعاً لأنك تشاركهم دائماً أفراحهم وأتراحهم. (سلطان الخير) هكذا طابت لنا التسمية ولا أدل على ذلك أنه ساعة قدومه لأرض الوطن عبر عن سروره واعتباطه للتعويضات التي قررت لمتضرري كارثة جدة وفي صورة أخرى أيضاً تتجلى لنا عند زيارته للمصابين من إخواننا المجاهدين في الشريط الحدودي بالمستشفى العسكري ولما لتلك الزيارة من حافز معنوي لدى أولئك الأبطال الأشاوس فهكذا أحببنا تسميته (سلطان الخير). إنها محطات في تاريخ هذا الرجل، وصفحات في دفتر الوطن تحفظ للأجيال القادمة قدوة ومثالاً يحتذى به. سيدي ولي العهد.. لقد ارتفعت أكف الملايين متضرعة لرب العرش العظيم أن يكلأكم برعايته ويحفظكم بحفظه من كل سوء وأن يتم نعمته عليكم بموفور الصحة والعافية وأن يديمكم ذخراً لهذا الوطن المعطاء.