كل التواريخ والوقائع والمضبوطات، تشهد باضطهاد المرأة، وآخر ما حدث الحكمُ بجلد امرأة لأنها لبست سروال «جينز» وآخر يحرم عليها لبس الحذاء ذي الكعب العالي لأنه يثير غرائز الرجل.. ونساء الفلاحين في الماضي هنّ أقنان وجوارٍ للسيد يتمتع بهن في الجنس والبيع والشراء، لأن الأرض ومن عليها ملكه، وعند العرب قبل الإسلام كان وأد البنات قائماً خشية العار، إلى أن أبطل هذه العادة الإسلام.. وفي حمّام التطهير عند اليهود عندما تريد الدخول في دينهم فإنها تُعرّى أمام الحاخامات حتى يتأكدوا من طهارتها، وفي تاهيتي تجبر النساء على إرضاع الخنازير، وعند الهنود والصينيين تربط زوجات الأباطرة وهن أحياء بجثثهم ويغرقن في النهر، أو يحرقن أحياء، كما تقدَّم المرأة قرباناً للمطر والخيرات، والأبراج والفيضانات.. وعند الحضارات الكلاسيكية فإن رب الأسرة هو المالك والمتصرف بالبيع والإهداء والاستعباد، لأن الأنظمة والقوانين تجعله المهيمن والوارث.. وفي عهد «هنري الثامن» مُنعت المرأة من قراءة الكتاب المقدس، وعند عبدة النار تغطي المرأة وجهها حتى لا تنجس النار المقدسة بأنفاسها.. وحتى عباس محمود العقاد في كتابه (المرأة في القرآن الكريم)، اعتبر كل مولود ينسب لأمه وليس لأبيه، وهي نفس الصورة في العقيدة اليهودية وحتى اليوم، و«البوذية» تقول احترسوا من النساء خشية على شهواتكم وقلوبكم.. شاع الاغتصاب في معظم الحضارات، وأباحوا زواج البنت من أخيها والأخت من والدها، في المقابل كانت البدايات الأولى لتكوين الأسرة، أن المرأة هي صاحبة السيادة المطلقة على الرجل، فهي التي تختار مَن تنجب منه، ولها حق تسمية أبنائها وبناتها بأي رجل تدخل معه، وشهدنا ملكات وامبراطوريات، ومحاربات، بمعنى أن المرأة ظلت جدلية تاريخية عندما تنحدر إلى أدنى سلالم المجتمع، أو تقف في أعلاها سيدة للجميع، وحاكمة لهم، ومن دونها تاجرة وبائعة، وحكيمة، ومستشارة، بالمقابل وجدت البغايا كأول تجارة في التاريخ، وقد أثارت موجات من الاستحسان والسخط، إلى أن جاءت التشريعات السماوية، أو بعضها ، وحسمت أموراً كثيرة في حقوق المرأة، إلا أن بعضها أباح حريتها المطلقة، فكان تبادل الزوجات، وخيار الطلاق، وتقرير رغبتها الجنسية بمن تريد، وحتى الزواج المثلي بين الجنسين صار مباحاً في قوانين العديد من الدول.. المرأة هل هي الجانب الضعيف دائماً، والمهان في كل العصور، أم أن الذكورية التي احتكرت الفروسية والعضلات، وسن القوانين المطابقة لمواصفات الرجل أسباب تواترت عليها التواريخ، وصارت تقاليد وعادات؟ البحوث حول المرأة كثيرة جداً، لكنها، في النهاية لا غنى عنها في ديمومة البقاء، وفي العصر الحاضر في مشروع التنمية الدائم..