أنجذبُ إلى تتبع نشاط الهيئة العامة للسياحة والآثار وجهازها المتحمّس ورئيسها . وأميل إلى القول إن لدينا موسما مناخيا جيدا يقع بين شهريْ نوفمبر ومارس من السنة الميلادية في كل سنة . يمكن التحضير والاستعداد له وتركيز الفعاليات فيه . هذا – في رأيي – ذو جدوى تنظيمية منظورة . سيجعل مناطق بلادنا تُخطط أكثر وتستبعد الفصول الحارة جدا وغير المناسبة . وعند متابعة اختيار زوار المملكة لفترة زياراتهم – مدعوين رسميين أو بقصد العروض والتجارة – نجدهم يختارون شهر نوفمبر أو الشهر الذي يليه . ولم نكن في بلادنا أسوأ حظاً من عواصم السياحة في العالم . ولا من الشواطئ والخلجان الواقعة في جنوبفرنسا ، والتي يتسابق إليها أهلنا في السياحة وتملك العقار . فهي – أيضا – ذات فصول تمتّع محدودة جدّا ( ثلاثة شهور الصيف ) ثم يحل عليها سبات شتوي عابس وكئيب مُتبلّد ، مدته تسعة أشهر . ومع ذلك شادوا أرصفة بحرية تمتد داخل البحر فيها من المتع الشيء الكثير، وتُعتبر دخلا كبيرا للمدينة لا تضاهيه وزارات مالياتهم . (والفترة ثلاثة أشهر فقط ) وكلمة السياحة – لُغة – كانت تعني الضرب في الأرض بقصد العبادة والتبشير . ثم تطوّرت إلى عمل يُقصد به التفرّج والتنزه . ثم إلى نشاط أو تركيبة علمية يُقصد منها البحث والتحقق العلمي التاريخي أو الجغرافي . تشارلز داوتي ( Charles Doughty) شاعر ورحالة إنجليزي. أهم أعماله كتاب "الترحال في صحاري العرب"(Travels in Arabia Deserta) وهو عبارة عن قصته عندما جاء عام 1876م ومكث عدة سنوات جال من خلالها على أجزاء من الجزيرة العربية تحت اسم مستعار "خليل". والكتاب ( ترافيلز إن أرابيا ديزيرتا ) وهو بالانجليزية ، قرأتُ فيه كيف جاء إلى عنيزة وسكن في " دكّان " وسماه الناس خليلاً . وسرد معاناته مع الناس والطرق والوديان والليل والعادات . إلاّ أن متن المطبوع جاء في نص قديم بالإنجليزية ويصعب على القارئ تتبع كلمات الوصف . وتتابعت الرحلات التي قام بها رجال من أهل العلم والكدّ إلى القطب الشمالي ولبثوا أشهرا بين الثلوج . وكذلك من ذهبوا إلى الغابات ومخاطرها في أفريقيا . مثل ستانلي وليفينجستون وغيرهما .ولم تكن الطرق محميّة ومُيسرة مثل ما هي عليه الآن . ونستطيع استقطاب المجموعات التي تضم أوفر الناس شأنا في المعارف وأكثرهم رغبة في الاستزادة من كنوز جزيرة العرب الذين ساحوا في بلادنا قليلو العدد ، ولم يضيفوا إلى المكتبة الكثير . ولعل المصاعب الجغرافية والاجتماعية والأمنية – في الماضي – كانت من بين الأسباب . لو لم يكن في بلادنا ما يبحث عنه الرحالة الغربيون وغيرهم لما اختار " داوتى " أن يسكن في دكان طين .. ! فى عنيزة .