** يُفترض ألا نغفل الجانب السياسي عند حديثنا عن الاهتمام الغربي وخصوصًا الإنجليزي بقصص «ألف ليلة وليلة»، وهذا ما أشارت إليه الدكتورة فاطمة موسى محمود في بحثها المهم الموسوم «الرّحالة الإنجليز واللّيالي العربية»، حيث تذكر في هذا الصدد ما نصه «إن تأسيس الإمبراطورية في الهند في نهاية القرن الثامن عشر الميلادي وكذلك الحملة الفرنسية على «مصر» 1789، 1801م، والصراع الدائر -آنذاك- بين الفرنسيين والإنجليز على هذه المنطقة الحيوية بالنسبة للغرب، محل ذلك أدّى إلى زيادة عدد المسافرين البريطانيين إلى الشرق ومن هؤلاء جميس جو ستينان مورييرJames,Justinian Morier والذي قام برحلتين متتاليين إلى الأراضي الفارسية الأولى كانت في عام 1808م، والثانية في عام 1810م، وكان يعمل في الفترة التي قضاها هناك سكرتيرًا للسفارة البريطانية في إيران، ولقد نشر «مورير» كتابين مهمين عن رحلاته، ولكن كتابه الثالث والذي يعتبر اكثر أهمية عند كثير من الدارسين الغربيين وهو الذي حمل اسم «مغامرات حاجي بابا» والذي يُصنّف على أنه كتاب أسفار ورحلات، ومع هذا فمن الإنصاف أن يُنظر إلى هذا الكتاب على أنّه «عمل روائي». ** وهناك رحّالة -آخر- قام بجولة في الشرق الأوسط في القرن التاسع عشر الميلادي وهو الكاتب CA.W-kinglak م19809-1891 قدم «كنغليك» في عمله الموسوم» Eothen والذي نشره عام 1844م والذي يتضمن سردًا لتجاربه الشخصية في السفر إلى الشرق والتي وجّهها كما تذكر ترجمته في قاموس اكسفورد عن الأدب الإنجليزي لصديقه Warhurtons وهدفه كما عبّر عنه في مقدمة النص الذي نقّحه ثلاث مرات، هو الانطلاق من دائرة السماع الثقافية لترجمة قصص الليالي الإنجليزية وهذا يطرح قضية مهمة عن تعدّد المصادر التي نقل منها الكُتّاب الغربيون قصص «ألف ليلة وليلة» إلى لغاتهم الأصلية. ** لمعرفة المزيد عن الكاتب الإنجليزي الكسندر ويليام كينغليك Kinglake يمكن الرجوع إلى:The oxford, campanion to English literature, 1985, P, 534. ** ومن أشهر الرّحالة الإنجليز الذين قضوا وقتًا طويلًا في البلاد العربية دون أن يعيروا اهتمامًا لقصص «ألف ليلة وليلة» هو «تشارلز دوتي» Charles Doughty 1843-1926م حيث قضى «دوتي» كما تذكر الدكتورة فاطمة محسن ما يقرب عشرين شهرًا في المنطقة -أي الشرق الأوسط- وكانت بداية رحلته من دمشق وسلك طريقه للجزيرة العربية عن طريق المحمل الشامي للحج سنة 1876م، وبدلًا من أن يهتم «دوتي» بقصص «ألف ليلة وليلة» اهتم بتدوين عادات القبائل في شبه الجزيرة العربية، ولهذا لا يمكن مقارنة «دوتي» بالرّحالة المعروف الذي سبقه وهو ريتشارد بيرتون Richards Burton 1921-1990م والذي بدأ رحلته إلى الشرق والديار المقدسة سنة 1853م، فهو أديب ومبدع قبل أن يكون رحّالة وأنثربولوجي، ولهذا ستظل ترجمته لقصص «ألف ليلة وليلة» شعرًا إلى الإنجليزية الأكثر ثراء ومتانة وأداء لغويًا رائعًا، جعل الدارسين يتوقفون عند حياته كثيرًا ليستشّفوا منه تلك الروح التي أحبت الشرق وتعلقت به وخلّدته في كتاباتها.