في الثامن عشر من شهر ربيع الأول عام 1428ه كتبت مقالاً بعنوان (ماذا تحقق من وعود المسؤولين) أشرت فيه إلى أن لمسؤولين في وزاراتنا المختلفة يراهنون على ذاكرتنا الضعيفة ويداعبون أحلامنا وآمالنا بتصريحات إعلامية ووعود وهمية بتحقيق الانجازات وتوفير الخدمات لثقتهم في عدم وجود مركز متخصص لرصد الوعود الإعلامية لكل مسؤول فور استلامه لمهامه ومقارنتها بانجازاته في نهاية خدمته وثقتهم أيضاً في ان استمرارهم في مناصبهم ليس له أي علاقة بانجازاتهم وذكرت عدة امثلة منها ان مسؤولي الصرف الصحي وتصريف السيول يكررون وعودهم الوهمية بتوفيرها في جميع الاحياء والطرقات ومرت سنين لم ينفذ فيها إلا جزء بسيط جداً من المشاريع الموعودة وغرقت مدننا بمياه الامطار وطفحت بمياه المجاري وزاد عدد صهاريح الصرف الصحي عن سيارات الليموزين واكتشفنا متأخرين ان مشاريع تصريف السيول كانت مشاريع تصريف سيولة نصيبنا منها سلالم نجاة في بعض الانفاق. وفي الخامس من شهر ربيع الآخر عام 1428ه قام معالي وزير المياه والكهرباء بتوقيع عقد لتنفيذ شبكات للصرف الصحي في مدينة جدة وأكد معاليه كما نشرت الصحف أن مدينة جدة ستصبح من المدن المثالية في خدمات الصرف الصحي والمياه في حدود عامين قادمين ولثقتي في استحالة تحقيق ذلك في ظل اوضاع لاتخفى على كل فطين فقد كتبت بعدها مقالا بعنوان (عامان لايكفيان لإصلاح أوضاع جدة) ذكرت فيه ان جدة مدينة جميلة كبيرة محرومة كغيرها من مدن المملكة من شبكات الصرف الصحي والمياه في أغلب أحيائها وتطفح طرقاتها بمياه المجاري وتزدحم طرقاتها بصهاريج شفط مياه الصرف الصحي ويعاني سكانها من ندرة المياه وانقطاعها في أغلب أحيائها ويقضون جزءاً من حياتهم في طوابير مهينة مخجلة مذلة للحصول على حاجتهم من المياه وحين يعدنا معاليه بتحويلها إلى مدينة مثالية خلال عامين فهو يعني استكمال خدمات الصرف الصحي في جميع أحياء المدينة وتوفير المياه لها دون أي انقطاع واوضحت أن المدينة العادية وليست المثالية هي المدينة التي يوجد فيها شبكة متكاملة للصرف الصحي وتتوفر المياه لساكنيها طوال الوقت ولاتزدحم طرقاتها بصهاريج نقل المياه وشفط مياه الصرف الصحي ولايوجد في مبانيها خزانات أرضية أو علوية أو مضخات مياه وأكدت على أن معالي الوزير لن يتمكن من تحويل جدة إلى مدينة مثالية خلال عامين كما وعدنا واليوم مضى أكثر من عامين ونصف ولازال أهالي المدينة المثالية يصطفون في طوابير مهينة للحصول على المياه وطوابير مهينة لشفط مياه الصرف الصحي من منازلهم وثبت ان وعود معاليه استمرار لوعود مسؤولين سابقين وعدونا بتوفير هذه الخدمات في جميع الأحياء والطرقات ومرت عشرات السنين ولم ينفذ إلا جزء بسيط من المشاريع الموعودة. وفي العقود الماضية تسابق عدد من المسؤولين على توقيع عقود بعشرات المليارات من الريالات لتنفيذ شبكات لتصريف السيول في جميع مناطق المملكة وكان كل منهم يعدنا بقرب انتهاء معاناتنا من تجمع مياه الامطار في طرقاتنا ومع هطول الامطار تتكرر معاناتنا المؤلمة وتتكرر ايضاً وعودهم الوهمية وقبل أيام هطلت على جدة امطار كنا نتمنى ان تكون أمطار خير وبركة ونظراً لأن السيول لايمكن صدها بالتصريحات والوعود وصور احتفالات توقيع العقود فقد حدثت كارثة مأساوية مخزية وغرقت المساكن والطرقات والانفاق واستشهد (أو قتل) عشرات اومئات الأبرياء بأمر الله في يومهم المحتوم بفعل فاعل او فاعلين ينبغي محاسبتهم ومن المؤسف أن هذه الكارثة ستكون كغيرها من الفضائح السابقة فرصة ذهبية للجهات المعنية للحصول على مبالغ ضخمة لتنفيذ شبكات لتصريف السيول لتلافي تكرار هذه المأساة وأخشى أن يكون مصير هذه المبالغ مصير مليارات سابقة تم اعتمادها لتصريف السيول إلى بطون الأودية فجرفتها سيول الفساد الى بطون أخرى مما يؤكد ضرورة مراقبتها ومراجعة مليارات الريالات التي تم صرفها على مشاريع تصريف السيول (أو بإسمها) وما تم تنفيذه منها ومحاسبة المسؤولين عن هدرها وعن قتل الأبرياء الذين جرفتهم سيول الفساد ولم تجرفهم سيول المياه وهل كانت لدينا مشاريع حقيقية لتصريف السيول؟ ام انها كانت مشاريع لتصريف السيولة؟؟