«عفوت عنه لوجه الله تعالى، لا أريد الأجر إلاّ من الله» بهذه الكلمات انطلق صوت التسامح والعفو من إبراهيم الكوهجي، وهو يتنازل عن حقه الشرعي في القصاص من قاتلي ابنه (عبدالعزيز) في يناير 2001م بدنفر بولاية كولورادو الأمريكية (الرياض 10/11/1421ه). هذا وشهد جلسة التنازل والعفو التي سجلت قضائياً بمنزل الكوهجي بحي الرابية بالظهران صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وفضيلة الشيخ محمد بن زيد رئيس المحاكم الشرعية بالمنطقة الشرقية. وقال الأمير عبدالعزيز بن سلمان: أشكر صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز آل سعود أمير المنطقة الشرقية الذي مكننا من هذا العمل وهو السعي في التنازل، وأشكر الأخ إبراهيم على عمله، واسأل الله ان يجزيه خير الجزاء، وأحب ان أؤكد ان التنازل تم لوجه الله سبحانه وتعالى، ونتمنى ان يستفيد الجميع من هذا المثال الخير، وان يكون الأخ إبراهيم قدوة حسنة». وأضاف سموه: «بموافقة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد هناك لجنة، ستجمع التبرعات بغرض بناء مسجد باسم الفقيد رحمه الله (عبدالعزيز الكوهجي)، وسأكون بإذن الله أول المتبرعين». كما قال إبراهيم الكوهجي والد الفقيد: قبل أسبوع اتصل بي المقدم عبدالعزيز العتيبي من شرطة الخبر وطلب مجيئي، وحينما ذهبت إليه أخبرني أنه قد صدر الأمر بتنفيذ الحد وإقامة القصاص، وكنا طوال الفترة السابقة - والحديث للكوهجي - نراجع بعض المشائخ ونستشيرهم وكانوا ينصحوننا بالعفو والتنازل لوجه الله. فطلبت من المقدم العتيبي ان يمهلني فترة للتفكير، ومن ثم اتصلت مباشرة بصاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز والذي كان له معنا موقف كريم ومشرف منذ الحادثة، وكذلك معالي وزير البترول المهندس علي النعيمي اللذان ساهما بتسهيل أمورنا في ذلك الوقت والوقوف إلى جانبنا، وبالفعل قال الأمير عبدالعزيز أنه سيأتي إلينا هنا في الظهران. ويستطرد الكوهجي بقوله: ما جعلني أقدم على هذا القرار هو ان نظامنا القضائي يطبق الشريعة، وحكم لنا بالحق، وهذا الأمر منحنا راحة نفسية عظيمة، بالإضافة إلى صدور الأمر بتنفيذ الحكم، فازددنا اطمئناناً وهدوءاً. والحمد لله أن الشرع يعطينا الحق في القصاص ولا لوم على الإنسان، وهذا إرضاء للنفس وللطبيعة البشرية. ولكن أيضاً يعلمنا الشرع ويؤكد لنا أن من عفا وأصلح فذلك خير وأفضل، وبالفعل تنازلت عن حق القصاص لوجه الله سبحانه وتعالى لا نريد دعاية ولا سمعة إلا الأجر والمثوبة من الله. وأضاف الكوهجي نحن كسعوديين عندنا نظام قضائي عادل، ونظام تنفيذي حازم، وعندنا أيضاً طيبة نفس، وتسامح، وعفو عند المقدرة، ومن أجل هذا كله حدث هذا التنازل، لأن دعوة الإسلام دعوة حب وتسامح وطيبة، وصدور نقية وهذا هو المهم. وفيما يتعلق بوالدة الفقيد وأبنائها فالجميع مقتنع والحمد لله - ومازال الحديث للكوهجي - والجميع محتسب الأجر عند الله، وخصوصاً والدة الفقيد التي طابت نفساً بقضاء الله وقدره واطمأنت لحكم الشرع. واقتنعت بأمر التنازل راجية الثواب من الكريم سبحانه. وأكد الكوهجي أن التنازل تم عن الشبان الثلاثة وهم: طارق الدوسري، مشعل السويدي، وهما سجينان بالمنطقة الشرقية وصدر بحقهما حكم القصاص، والثالث نايف اليوسف، وقد حُكم عليه بالسجن المؤبد بولاية كلورادو الأمريكية. يذكر أن الشاب عبدالعزيز بن إبراهيم الكوهجي قد لقي حتفه على يد ثلاثة من زملائه بدنفر في ولاية كلورادو الأمريكية في يناير 2001م، ووصل جثمانه إلى الظهران في 10 فبراير 2001م، ووري جثمانه الثرى في 11 فبراير 2001م حيث شيعت جنازته بعد الصلاة عليها في جامع الإمام فيصل بن تركي بن جلوي. («الرياض» 12 فبراير 2001 العدد 11921)