رغم المضايقات التي يجمع كثيرون على أنها تزايدت ضد المسلمين في الولاياتالمتحدة في أعقاب هجمات 11 سبتمبر، فإن أعدادا متزايدة من الأفارقة الأميركيين لا تزال تنجذب إلى الديانة الإسلامية. ويقول هؤلاء الذين لا زالوا يعتنقون الديانة الإسلامية بأعداد كبيرة إنهم ينجذبون إلى الإسلام بسبب تركيزه على المساواة والانضباط الذاتي والقيم العائلية، فضلا عن أنهم لا يعتبرونه غريبا بل هو جزء من أصولهم التراثية. ونقلت صحيفة الواشنطن بوست، التي نشرت موضوعا مطولا عن هذه الظاهرة في نهاية الأسبوع، عن أحد المسلمين السود سيكو جاكسون، 31 عاما، والذي اعتنق الإسلام وهو بعمر 18 عاما رغم ترعرعه في أسرة علمانية القول إنه "حين يأتي إليك أحدهم برسالة أن الجميع متساوون وأن الفرق الوحيد بينك وبين الآخرين هو بمقدار عملك، فإن الناس الذين تعرضوا للقمع سابقا في حياتهم سينجذبون إلى هذه الرسالة. إنها رسالة عدل ونزاهة." ويتحدث المقال عن أثر الزعيم الأفريقي الأميركي المسلم مالكوم إكس بعد تركه حركة "أمة الإسلام" التي كانت قد ابتعدت عن التعاليم الإسلامية الحقيقية في العقود الأولى من القرن الماضي في الولاياتالمتحدة، وذلك بعد زيارة إكس للمملكة العربية السعودية وتأديته شعائر الحج في ستينيات القرن الماضي حين أعلن للمرة الأولى أن ليس كل البيض "اشرارا." وانشقت حركة أمة الإسلام على إثر ذلك إلى حركة كبيرة تؤمن بالإسلام التقليدي وأخرى لا يزال يترأسها لويس فرخان وتدعو إلى تفوق العرق الأسود المسلم على بقية الناس. ولا يعرف بالضبط عدد المسلمين في الولاياتالمتحدة اليوم، حيث تختلف الأرقام التي توردها الدراسات والأبحاث في هذا الإطار بين 2.5 مليون إلى 9 ملايين. مؤسسة بيو الأميركية للأبحاث، الموثوقة عادة، قالت في استطلاع نشرته العام 2007 إن عدد المسلمين الأميركيين يبلغ 2.35 مليون نسمة فقط، 35 بالمئة منهم من الأفارقة الأميركيين. لكن لورنس ماميا، أستاذ الدين والدراسات الأفريقية في كلية فاسار الأميركية يعتقد أن هناك حوالي 6 ملايين مسلم في الولاياتالمتحدة، 30 بالمائة منهم أفارقة أميركيون. وغالبية هؤلاء المسلمين يتبعون التقاليد السنية للدين الإسلامي ويتعبدون في أكثر من 300 مسجد عبر الولاياتالمتحدة. ولكن المجموعة الثانية التي تأتي بعد المسلمين السنة بين الأفارقة الأميركيين هم جماعة فرخان التي يبلغ عدد مساجدها حوالي 100 في الولاياتالمتحدة، بما فيها في بعض السجون الأميركية. أما المجموعة الثالثة الكبرى من المسلمين الأميركيين الأفارقة فهم جماعة "الأمة" التي أسسها جميل عبدالله الأمين، وهو ناشط أفريقي أميركي سابق كان اسمه راب براون. ولدى المجموعة ما بين 40 و50 مسجدا منتشرة في أنحاء مختلفة من الولاياتالمتحدة. ويقول الأستاذ المتخصص في الدراسات الدينية والأفريقية ماميا إن "الغالبية العظمى من الأميركيين الأفارقة ينجذبون إلى الإسلام لتعزيز روحانيتهم." وقال إن "عددا أقل من البيض ينجذبون إلى الإسلام لأنهم ينظرون إليه كدين غريب، أما الأميركيون الأفارقة فيعتبرونه جزءا من تراثهم الأصلي، أي أفريقيا. وهو يبعدهم عن الديانة المسيحية التي يعتبرونها ديانة الاستعباد، أي الديانة التي شرعنت استعبادهم في مرحلة الرق في أميركا." ونقلت البوست في مقالتها عن مارغاري هيل، التي تحولت إلى الديانة الإسلامية حين كانت تعيش في ولاية كاليفورنيا في سنوات مراهقتها، انها انجذبت إلى الإسلام لأنها كانت "تبحث عن طريقة لوقف عدم الاحترام الواسع الانتشار للمرأة السوداء" حين اعتنقت الإسلام في العام 1993. وبعد سنوات من اعتناقها الإسلام بدأت ترتدي الحجاب. وقالت "كنت أفكر في الحشمة والتواضع. وكذلك انجذبت إلى هذا الدين بسبب القيم العائلية فيه وبسبب طبيعة المساواة التي أتى بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم في رسالته." ويقول زوج هيل، مارك مانلي، إن الكثير من الأفارقة الأميركيين الذين يواجهون مشاكل جريمة أو مخدرات أو ما إلى ذلك ينجذبون إلى الإسلام بسبب الانضباط الذاتي الذي يفرضه عليه هذا الدين، مثل الصلاة خمس مرات في اليوم والصوم وما إلى ذلك، وهو ما يساعدهم على مواصلة ضبط أنفسهم والبقاء بعيدا عن هذه المشاكل.