تستمد الشركات المساهمة مكانتها ومبيعاتها وأرباحها من الدولة ومن المجتمع، وهما - أي الدولة والمجتمع - كيان واحد.. وبالتالي فإن قيام الشركات المساهمة - وغيرها من الشركات والمؤسسات - بمسؤولياتها الاجتماعية يعتبر واجباً في الضمير والأخلاق، قبل أن يكون واجباً من أجل تحسين الصورة والسمعة واستمرار الدولة والمجتمع في التعامل معها ودعمها. وكلما زاد الوعي الاجتماعي قامت الشركات والمؤسسات بدعم المجتمع، لأن الوعي الاجتماعي يزن الأمور ويضع الأشياء في مواضعها: يُقدر من يقدره، ويهمل من يهمله.. بمعنى أن المجتمع الواعي يفضل دائماً شراء منتجات وخدمات وسلع الشركات التي تدعم المجتمع، ويعطيها الأولوية القصوى، ويتحاشى التعامل مع الشركات التي لا تحس بمسؤولياتها الاجتماعية، أو تقصر في أدائها.. هذا لا ينطبق على الشركات المساهمة فقط كما أسلفنا، بل على جميع الشركات والمؤسسات ذات الأسماء المعروفة للجمهور، من وكالات وشركات تضامن أو ذات مسؤولية محدودة أو مؤسسة فردية كبيرة لها اسم يعرفه الجمهور ويتعامل معه.. إذن، فإن مديري الشركات الواعين، يعلمون أن دعم شركاتهم للمجتمع يعود بمكسب أكبر على تلك الشركات، ويحسن صورتها أمام الرأي العام، فوق أنه واجب وطني وأخلاقي.. وشركاتنا ومؤسساتنا الكبرى لا تزال أقل نهوضاً بالمسؤولية الاجتماعية من الشركات والمؤسسات في الغرب، رغم أننا مع الأسف بلد مسلم تحض تعاليم ديننا على التكافل، وتوجب النهوض بالمسؤولية، ولعل قصور الوعي الاجتماعي لدينا في التمييز بين الشركات الداعمة للمجتمع وغير الداعمة ساعد في تراخي كثير من شركاتنا عن النهوض بواجباتها إزاء المجتمع، لأمنها من معاقبة الناس لها، ولإحساسها بعدم أهمية الرأي العام وما يعكسه لها من تصور، ولقلة المطالبين لها - عبر كل الوسائل - بالقيام بمسؤولياتها الاجتماعية، أما في الغرب فإن الوعي جيد، والمنظمات تطالب الشركات بأداء ما عليها، وأنصار البيئة عيونهم بالمرصاد، والرأي العام يشكل الهاجس الأول لدى الشركات في العالم المتقدم..