لماذا لا نستطيع تنفيذ تجربة انتخابية نزيهة وحضارية في المواقع التي يتيح لنا الوطن فرصة ممارسة هذا النوع من الفعل الديموقراطي الرشيد فيها؟! سؤال يحتاج إلى كثير من التأمل في محاولة الإجابة عليه، كما يثير حفيظة الكثير من التساؤلات المصاحبة له ومزيد من التفكر فالمستوى الثقافي الذي تتمتع به شرائح المجتمع المختلفة أو على الأقل تلك التي تتاح لها فرصة ممارسة العملية الانتخابية لا يجدر بها أن تتضاءل أمام الممارسة الرشيدة والراقية التي تتناسب مع مستوى الوطن وحجم رغبة قيادته وطموح ساكنيه. كثيرون منا يطالبون بأن تقود قطاعات المجتمع المدني هذا الحراك الثقافي السياسي الواعي المنظم لكن نتائج الممارسة كثيرا ما تكون مخيبة للآمال، ولعل التجربة الأخيرة لانتخابات الغرفة التجارية الصناعية بمحافظة جدة التي تم من خلالها (حسب ما ذكرت وسائل الإعلام) شراء الأصوات الناخبة ولم يتوقف الحد عند ذلك بل تعداه إلى اشتباكات بالأيدي بين المرشحين الأمر الذي يشير إلى فشل ذريع في تطبيق العملية الانتخابية على الرغم من ممارستها في المجال الغرفي لمدة تزيد عن ربع قرن، وما تم في غرفة جدة تم في غرف أخرى أيضا قبل ذلك وربما يتم في غرف أخرى في قادم الأيام، كما مارستها جمعية المستهلك السعودية التي وأدت ممارستها الانتخابية بدايتها الهزيلة وجعلتها (أضحوكة للناس)، ولم تكن العمليات الانتخابية للمجالس البلدية بعدد من مناطق المملكة أحسن حالا من غيرها فالخلل كان واضحا ونتائج الأداء في معظمها أوضح دليل على هزال التنفيذ لمشهد حضاري يتطلب تنفيذه في نظري مستوى عال من الوعي والإدراك لدى الناخب والمرشح والمجتمع والجهة التي تتولى الإشراف على العملية الانتخابية وهنا يجدر بنا التساؤل عن ضعف دور وزارة التجارة والصناعة في مراقبة العملية الانتخابية في تلك المواقع التي ترتبط بها وغرفة جدة أقرب الأمثلة وأكثرها سخونة، ذلك أن الوزارة في نظري منعت أمرا يجدر السماح به بل والتشجيع على فعله وهو إتاحة الفرصة للمرشحين للتعريف بأنفسهم وببرامجهم الانتخابية من خلال كافة وسائل الإعلام المتاحة وتغاضت أو لم تهتم بمراقبة أمر خطير تمثل في شراء الأصوات (الثقة) واستخدام القوة والقهر في بعض الممارسات بين المرشحين (الاشتباكات بالأيدي) وأظن جازما أن منع المرشحين من التعريف بأنفسهم وببرامجهم الانتخابية كان أحد العوامل التي دفعت ببعضهم لشراء (الثقة) الأصوات كما قد تكون السبب وراء ما حدث من تشابك بالأيدي ومن هنا فإنني أطالب وزارة التجارة والصناعة بأن تسعى لتقننين وتنظيم العملية الانتخابية الغرفية وضمان جودتها لتحقق النجاح وتواصل مسيرة الفكر الانتخابي المميز الذي بدأته بدعم من الدولة قبل أكثر من ربع قرن بدلا من أن يتم إجهاض هذه التجربة التي تشير لرقي المجتمع ودمتم.