قد يبدو الأمر غريباً إذا ذكرت بأن الهدف القادم هو أن يفقد معظم كبار المستثمرين بسوق الأسهم الثقة في القوائم المالية لشركاتنا، فالأهداف التي سبق رصدها قبل ثلاث سنوات تحققت في الوقت الذي كان الجميع – بما فيهم رؤساء مجالس إدارات - يستبعد وجودها ثم نفاجأ بأنه يستغرب تحققها! ففي قمة الطفرة المالية والاقتصادية للمملكة كانت أحداث السوق تثبت بأن سوق الأسهم مسير لتحقيق أهداف حددت سلفاً من قبل من عُهد إليه بمهمة صانع السوق! في الوقت الذي كان يطالب فيه مجلس الشورى بإيجاد صانع سوق وهو لايعلم بأنه موجود! فقد مكًن من المعلومة والمال لأداء مهمته باقتدار حتى وان تضرر من ذلك جميع المتداولين بالسوق! أعلم أن هذا أمر لايرغب احد في تصديقه على الرغم من تحقق كل ماذكر سابقا اعتقادا بأنه صدفة! فإحراق الأموال بالمضاربة والتوقيت لضرب محافظ المضاربين والقروبات وإحراق محفز مكرر الأرباح المنخفض وإفشال التحليل الفني وصناديق الاستثمار والتضليل بالإعلانات الرسمية وخلق التذبذبات الحادة جميعها استهدفت استعادة القيادة من خلال هز الثقة بمكونات السوق! ولكن المهم هو أن نتذكر صمت الجهة المشرفة على جميع ماذكر! وإذا عدنا لما سبق التحذير منه في ( نتائج عام 2008م تكشف حقيقة "عدم التأثر بالأزمة العالمية" 24/1/2009م) بان التضليل القادم سيأتي من خلال القوائم المالية التي ستشهد اختلافا بين النتائج التي سبق الإعلان عنها عبر شاشة تداول وبين ماسيتم إثباته بالقوائم المالية، فقد تحقق الأسبوع الماضي ماكنا نخشاه فشركة الكابلات التي سبق أن أعلنت خسارتها بالربع الرابع2008م لمبلغ(14) مليون ريال نجدها تنشر قوائمها المالية التي توضح بأن الخسارة كانت (51) مليون ريال! وكذلك شركة الباحة سبق أن أعلنت أن خسائرها لعام 2008م كانت (6.6) ملايين ريال ثم أعلنت مؤخرا بأن الخسارة أصبحت (14.9) مليون ريال! بل وأعلنت عن انخفاض القيمة الاستردادية للأصول عن قيمتها الدفترية بمبلغ (10) ملايين ريال! وعلى الرغم من تأخر معظم الشركات في إعلاناتها السابقة عن المعتاد، ماهو المبرر في الاختلاف الكبير في نتائج شركة مساهمة لديها خبرة في إعداد القوائم؟ وهل هناك تلاعب في تطبيق المعايير المحاسبية؟ ومع تكرار ذلك التضليل هل مازلنا نفتخر بان لدينا لائحة بحوكمة الشركات؟ إن الحقائق المتبقية أمام كبار المستثمرين عند اتخاذ قراراتهم الاستثمارية تتمثل في القوائم المالية للبنوك والشركات بالإضافة الى التوقعات المستقبلية القريبة خصوصاً خلال الأزمة الحالية، وإذا كانت تلك القوائم لاتعكس حقيقة الوضع فان كبار المستثمرين يفقدون الثقة كلياً في تلك الشركة! ويكون تأثير ذلك كبيرًا إذا كانت الشركة احد الشركات القيادية بالسوق، ولنكون أكثر صراحة في هذا الأمر، إذا تحدثنا عن شركة قيادية مثل سابك التي مازالت قوائمها المالية غامضة! فاعلان سابك للربع الرابع 2008م تجاهل خسائر استثمارها في شركة البلاستيك المبتكرة فكبار المستثمرين بالتأكيد لن يضخوا أموالهم في سوق تقوده شركة مازالت تخفي الحقائق! ويجب ألا ننخدع بعبارات التطمين! فاللغة التي يفهمها الماليون والمستثمرون هي أرقام القوائم المالية الحقيقية للشركة حتى في ظل اعتراف الرئيس التنفيذي لسابك بان شركة البلاستيك منيت بخسائر! فنحن نعلم بان نتائجها تسربت للبعض وبالتأكيد سيستفيد منها ضد من يجهل بالوضع! فهل الخسارة فعلا (7) مليارات ريال أم اقل او أكثر؟ فالغموض يساعد على انتشار الشائعات ولن يشجع على استقرار السوق حتى وان كان ذلك بموافقة جهات حكومية لاعتبارات خاصة! ولكن يبقى الأهم هل يصمت مراجع الحسابات المكلف بتدقيق القوائم المالية لسابك ويتجاهل ضرورة حسم تلك الخسائر واثر قيمة الشهرة من أرباح سابك لعام 2008م؟ اعتقد لو حدث ذلك فإن فقدان الثقة بالقوائم المدققة هدف تم تحقيقه وان مراجع الحسابات المعين من المساهمين ساهم أيضا في التضليل حتى وان رحلت تلك الخسائر للربع الأول 2009م! فالمعايير المحاسبية التي طبقت على بيشه وتسببت في إيقافها يجب أن تطبق على سابك مهما كانت النتائج التي بالتأكيد ستمر بسلام! في الوقت الذي دفع الثمن موظفون (ليست لهم علاقة بتلك الصفقة) حرموا من الترقية والعلاوة وكأن قيمتها ستغطي الخسارة المنتظرة !!