عندما نطرح التساؤلات عن حقيقة أي أمر او معلومة تخص شركاتنا المساهمة وتؤثر على نتائجها سلبا او إيجابا فاننا نريد من المسؤولين عنها سرعة إيضاحها للجميع بدلا من احتكار البعض لمعلومة تستغل لتحقيق أرباح ما كانت تتحقق لو كانت متاحة للجميع! وتبرز أهمية تلك التساؤلات إذا كانت تتعلق بجوانب مالية ومعايير محاسبية ذات تأثير كبير على النتائج المالية يعلمها المتخصصون دون غيرهم! وهو الأمر الذي دائما مانطرحه حتى وان لم يلق اهتماما من معظم القراء والمستثمرين بسبب عدم إدراك أهميتها! فنحن نريد لفت الانتباه للمؤثرات قبل تحققها، لكون قرارات كبار المستثمرين تعتمد على "استباقية الحدث" استنادا على معلومات غير معلنة او توقعات مدعومة بمؤشرات قوية قد تتحقق او لاتتحقق ولكن لايتم إهمالها! انه منذ قيام شركة سابك بشراء قطاع البلاستيك بشركة جنرال الكتريك بمبلغ أكثر من ( 43) مليار ريال ومعظم المحللين يتساءلون عن تلك الصفقة التي تجاوزت رأس مال سابك ودبرت بالقروض وإصدار السندات! وبعيدا عن الانتقادات حول هذه الصفقة وقيمتها وتوقيتها، فإن مايهمنا هو مدى تأثيرها على أرباح شركة سابك الأم! فعلى الرغم من أن تلك الصفقة التي أُسست لها شركة " سابك للبلاستيك المبتكرة" تمثل توسعا واستثمارا جديدا لسابك، إلا أن التساؤلات برزت أكثر مع الغموض وعدم الشفافية في نشر نتائج أعمال الشركة وخصوصا بعد الأزمة المالية! وهو الأمر الذي قد يتسبب في كبر حجم المشكلة! ففي مقال ( حرق الطعام أمام الجياع 21/9/2008م) الخاص باستثمار شركاتنا الخليجية بالأسواق الأمريكية وتغطية خسائرها هناك من أرباحها بأسواقنا! طرحت تساؤلا بعد اطلاع كبار ملاك السندات على التقرير المفصل لنتائج أعمال شركة البلاستيك، لماذا لايطلع كافة ملاك سابك على ذلك التقرير؟ لكون الإعلان حينها عن ذلك التقرير للجميع سيقلل من أثره على سوق الأسهم ككل إذا كانت نتائج الشركة سلبية! فأهمية النتائج المالية لشركة سابك لاتعني فقط المستثمرين بسابك وإنما كافة المستثمرين بسوق الأسهم باعتبار أن سهم الشركة قائدا للسوق ومؤثرا على باقي أسعاره، وإذا كانت سابك تربح المليارات بما يقارب رأس مالها سنويا، فان المستثمرين بالسوق لن يقبلوا أن يتحملوا صدمة تحمل سابك لخسائر شركة البلاستيك دفعة واحدة وخصوصا إذا كانت كبيرة! فمن المعلوم أن أي خسائر تتحقق يجب أن يفصح عنها في حينها ويحمل الربع المالي الخاص بها، انطلاقا من مبدأ الاستحقاق المحاسبي وتوفير المعلومة بحجم الخسائر بالتدرج لكي يتقبل المستثمرون ذلك بدلا من تجميعها وإعلانها بشكل مفاجئ وتحميل الشركة بها كخبر مفاجئ قد يتسبب في آثار دامية على كامل شركات السوق كما شاهدنا عدة مرات! فنتائج شركة البلاستيك غير المدققة حتى الربع الثالث (اطلعت عليها ولا اعلم عن دقتها) أوضحت بان الشركة منيت بخسائر! فأوردت في مقال ( ماذا نقرأ في إعلانات سابك 25/10/2008م) تعليقا على توقع سابك بان نتائج الربع الرابع ستتأثر بالركود الاقتصادي وانخفاض الطلب العالمي على منتجاتها بسبب الأزمة بأنه " قد يفهم من ذلك انه تهيئة نفسية لنتائج الشركة في نهاية العام، فالأمر لايتعلق بانخفاض الأسعار والطلب على منتجات البتروكيماويات او باستثماراتها بسافكو وتأخر إنتاج شراكاتها بينساب وغيرها، فهناك صفقة شركة البلاستيك التي مازالت غامضة ولا نعلم بقيمة أصولها وشهرتها الحالية بعد الانهيار واثر ذلك على نتائج سابك"! فالتساؤل كان مطروحا على الشركة لإيضاح حقيقة تلك النتائج وأثرها على سابك الأم وبالأرقام! وإذا كان رئيس سابك قد لمح بتاريخ 10/11/2008م بان شركة البلاستيك حققت خسائر بالربع الثالث ورفض الإفصاح عن حجمها لكونها معلومات تهم المنافسين! فاننا لن نقبل هذا التبرير لكون تلك النتائج لدى جهات أمريكية ومكاتب تدير محافظ بسوقنا؟ ومع انتظار إعلان نتائج الربع الرابع واستمرار سابك في إخفاء حقيقة نتائج اعمال شركة البلاستيك منذ شرائها وحتى الآن عن معظم المستثمرين وجدنا ان تلك النتائج قد تسربت للبعض واتخذوا قراراتهم على أساسها! والمؤسف أن تصل تلك المعلومات – ان صحت – الى شركات أجنبية مستثمرة بسوقنا عرف عنها التلاعب بتقييماتها لأسعار الأسهم بهدف المضاربة! فشعاع كابيتال ( قبل يومين) كشفت بتقريرها الإعلامي المنشور جانبا من تلك الخسائر بسبب انخفاض قيمة أصول شركة البلاستيك وتوقعت أن سابك ستتحمل خلال الربع الرابع بخسارة تقدر ب(2400) مليون ريال بسبب إعادة تقييم الشهرة! ومن المؤكد أن توقيت النشر مستهدف من شركة تضارب بالسوق السعودي بسبب قرب إعلان نتائج الربع الرابع! ثم أن هذا الأمر لن ينهى محاسبيا خلال الربع الرابع فقط! أليس مؤسفا أن تحجب عنا الحقائق عن شركاتنا ونراها تتسرب للأجانب للتلاعب بأسواقنا؟ ثم ماذا لو خرجت علينا شركة أجنبية أخرى وذكرت بان خسارة شركة البلاستيك عام 2008م ستكون ( 7 او 8) مليارات ريال هل يستطيع مسؤولو سابك أن يطلبوا منا عدم تصديقها؟ من المؤكد أن التعتيم والغموض يشجع على انتشار الشائعات، ففي أسواق الأسهم تنتهي قيمة المعلومة بإعلانها بينما نحن نضخمها بإخفائها! ولعل تأخر إعلانات الشركات (غير المعهود) عن نتائجها واستباق مصرف الإنماء بنشر أرباحه قبل إعلان نتائج البنوك يكشف جانبا جديدا من الغموض خلال الربع الأخير من عام 2008م وبالتوقيت في نشر النتائج!