ليلة تفوق التي قبلها قسوة؛ هكذا قضى سكان قطاع غزة وعلى وجه التحديد مدينة غزة ليال الحرب العشرين الماضية تحت وطأة نيران آلة الحرب الإسرائيلية الدامية، حيث واصلت الطائرات والدبابات الاسرائيلية شن هجماتها المكثفة على مناطق مختلفة من قطاع غزة حتى ساعات صباح الأمس، فيما ارتفع عدد شهداء العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة الى 1070شهيدا واكثر من 4600جريح حتى الان. وفي اليوم العشرين من الحرب الاسرائيلية "الرصاص المسكوب" على قطاع غزة قال الناطق بلسان وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "اونروا" ان "آلاف المدنيين" من سكان اطراف مدينة غزة فروا من منازلهم صباح أمس الخميس الى وسط المدينة "مع دخول القوات البرية الاسرائيلية بعض الاحياء السكنية" في المدينة الى مسافات "اعمق من اي وقت سابق" بمساندة طائرات هيلوكبتر ودبابات ومدفعية ثقيلة و"شوهد المدنيون وهم يفرون" والالاف لجأوا الى مدارس "اونروا". وكان 37فلسطينيا بينهم امراة واطفالها الثلاثة قد استشهدوا في سلسلة غارات جوية وقصف مدفعي مكثف فجر الخميس في قطاع غزة على ما افاد الطبيب معاوية حسنين المدير العام للاسعاف والطوارئ في وزارة الصحة الفلسطينية. وقال حسنين: "استشهد منذ منتصف الليلة الماضية 37مواطنا بينهم امرأة وابناؤها الثلاثة في غارات جوية وقصف مدفعي في مناطق في قطاع غزة". واوضح ان عدد الشهداء حتى صباح أمس (الخميس) ارتفع الى 1070بينهم 355طفلا و 98من النساء و 117من المسنين منذ بدء الهجمات الاسرائيلية قبل عشرين يوما على قطاع غزة، واوضحت مصادر طبية ان آخر خمسة شهداء من عائلة واحدة في بلدة جباليا قتلوا بقذيفة دبابة. وذكر شهود عيان ان الدبابات اطلقت عشرات القذائف تجاه المناطق الشرقية لجباليا وبيت لاهيا ما اسفر عن اضرار كبيرة في عدد من المنازل. وفي أحدث الغارات التي شنتها طائرات الاحتلال على أهداف في مدينة غزة، اصيب صحافيان في قصف اسرائيلي استهدف الخميس مكتب قناة ابو ظبي الفضائية في برج يضم مكاتب عدة محطات تلفزيونية ووكالات انباء عالمية وسط مدينة غزة. وقال عبد السلام ابو عسكر مدير مكتب قناة ابو ظبي ان "صاروخا سقط في مكتب القناة ما ادى الى اصابة اثنين من الصحافيين اثناء قيامهما بالتصوير، مشيراً الى ان الصاروخ اطلق من قبل طائرة استطلاع". واوضح ابو عسكر ان الصحافيين "اصيبا بالشظايا واصابة احدهما بالغة، ويقع مكتب قناة ابو ظبي في مبنى (الشروق) في وسط غزة الذي يضم مكاتب عدد من وكالات الانباء العالمية بينها رويترز ومحطات تلفزيون عربية وعدة مكاتب صحافية محلية وشركات انتاج". إلى ذلك اكدت مصادر طبية فلسطينية سقوط ثلاثة شهداء في قصف اسرائيلي قرب ابراج الشيخ زايد في بيت لاهيا شمال قطاع غزة، كما سقط شهيدان واصيب عدد اخر في قصف استهدف مجموعة من المواطنين قرب منزل القيادي في حركة حماس محمود الزهار في حي تل الهوى بغزة منتصف الليل، وسقط شهيدان في غارة على سيارة مدنية في حي الزيتون شرق مدينة غزة فجر أمس. وفي منتصف الليل استشهد 4مواطنين في قصف مدفعي على منطقة حي الفخار شرق مدينة غزة، واكدت مصادر طبية انه جرى انتشال اكثر من 15جثة لمواطنين واطفال من تحت الانقاض في العطاطرة وحي الزيتون وجحر الديك بقطاع غزة. وجرى قصف مستودع للألبان بالقرب من أبراج الكرامة، كما دمر القصف مسجد البشير ومدرسة الأرقم شرق الشعف والتفاح شرق مدينة غزة، وجرى استهداف مستشفى الوفا ب 7قذائف دبابة، ما ادى لتدمير جزء منه بالاضافة الى قصف مدفعي على منازل في شارع الصناعة بتل الهوى بالقرب من ملعب برشلونة، وقصف منازل بينهم لعائلتي المشهراوي والصفدي، في محيط مسجد البشير في الشعف شرق الشجاعي. هذا توغلت الدبابات الاسرائيلية الى اطراف تل الهوى جنوب غرب مدينة غزة وسط اطلاق كثيف للقذائف المدفعية واشتباكات عنيفة مع المقاومين الفلسطينيين. واكد شهود عيان أن القصف المدفعي المتتابع - والذي أحدث دوياً كبيراً- تسبب في إحراق عدد كبير من المنازل بحيي الشجاعية والتفاح لاسيما وأن القذائف ينشطر عنها كتل نارية تتناثر على مسافات متباعدة، علاوةً على تسببه في إفزاع المواطنين لاسيما شريحتي الأطفال والنساء. واشارت مصادر فلسطينية أن هذا القصف المدفعي العنيف يستبق محاولات مستمرة ترمي لتقدم الآليات العسكرية الإسرائيلية إلى مناطق الكثافة السكانية، لاسيما وأن العدو فشل مراراً في التقدم نظراً للمقاومة الفلسطينية. وقالت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي أن القوات المتوغلة في غزة تتقدم ببطء وحذر إلى الشمال من المدينة التي تتزامن مع استمرار الاشتباكات العنيفة مع المقاومين. واوضحت مصادر فلسطينية أن المقاومين يخوضون اشتباكات ضارية بالأسلحة الخفيفة وبالقذائف المضادة للدروع مع قوات الاحتلال على أكثر من محور لعل أبرزها شرق مدينة غزةوجنوبها. وقالت المصادر ان جيش الاحتلال يستخدم القذائف المحشوة بالفسفور الأبيض والتي تستخدم للتمويه على تحركات قواته بحيث تمنح ستاراً واقياً للجنود. والفسفور الأبيض عندما يتعرض للهواء يشتعل ويتأكسد بشكل سريع جداً ويتحول إلى خامس أكسيد الفسفور. ويولد هذا التفاعل الكيميائي حرارة إلى حد أن العنصر ينفجر. ليعطي لهباً وكذلك ينتج دخاناً كثيفاً أبيض. ويصبح الفسفور الأبيض مضيئاً في الظلام ويستمر هذا التفاعل الكيميائي حتى استهلاك كامل المادة أو حرمانها من الأكسجين. ويبقى 15% من الفسفور الأبيض في القسم المحترق من الجسم المصاب. وتعود تلك البقايا للاشتعال مجددا إذا تعرضت للهواء لذلك يستعمل لأغراض عدة مثل إصدار دخان كثيف لصنع ستار دخاني يحجب رؤية تحركات القوات، ناهيك عن قدرته على إبادة الطرف المقابل وتدمير معداته وبنوع خاص ضد المركبات وأماكن تخزين النفط والزيوت ومواد التشحيم والذخائر. هذا ويرى الخبراء الكيماويون أن استنشاق الفسفور الأبيض لفترة قصيرة يسبب السعال والحرقة والنزيف الداخلي. أما استنشاقه لفترة طويلة فيسبب جروحاً في الفم وقد يتسبب بكسر عظمة الفك.