المملكة رئيساً للمنظمة العربية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة «الأرابوساي»    "التجارة" تكشف مستودعًا يزور بلد المنشأ للبطانيات ويغش في أوزانها وتضبط 33 ألف قطعة مغشوشة    وفد عراقي في دمشق.. وعملية عسكرية في طرطوس لملاحقة فلول الأسد    مجلس التعاون الخليجي يدعو لاحترام سيادة سوريا واستقرار لبنان    الجمعية العمومية لاتحاد كأس الخليج العربي تعتمد استضافة السعودية لخليجي27    وزير الشؤون الإسلامية يلتقي كبار ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة    الإحصاء: إيرادات القطاع غير الربحي في السعودية بلغت 54.4 مليار ريال لعام 2023م    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي ال (46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون    استمرار هطول أمطار رعدية على عدد من مناطق المملكة    استخدام الجوال يتصدّر مسببات الحوادث المرورية بمنطقة تبوك    الذهب يرتفع بفضل ضعف الدولار والاضطرابات الجيوسياسية    استشهاد خمسة صحفيين في غارة إسرائيلية وسط قطاع غزة    السعودية وكأس العالم    الفكر الإبداعي يقود الذكاء الاصطناعي    «الإحصاء»: 12.7% ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية    حلاوةُ ولاةِ الأمر    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    الحمدان: «الأخضر دايماً راسه مرفوع»    المملكة ترحب بالعالم    رينارد: مواجهة اليمن صعبة وغريبة    وطن الأفراح    حائل.. سلة غذاء بالخيرات    "الثقافة" تطلق أربع خدمات جديدة في منصة الابتعاث الثقافي    "الثقافة" و"الأوقاف" توقعان مذكرة تفاهم في المجالات ذات الاهتمام المشترك    أهازيج أهالي العلا تعلن مربعانية الشتاء    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 703 ملايين ريال    شرائح المستقبل واستعادة القدرات المفقودة    نجران: «الإسعاف الجوي» ينقل مصاباً بحادث انقلاب في «سلطانة»    الأبعاد التاريخية والثقافية للإبل في معرض «الإبل جواهر حية»    أمير نجران يواسي أسرة ابن نمشان    63% من المعتمرين يفضلون التسوق بالمدينة المنورة    منع تسويق 1.9 طن مواد غذائية فاسدة في جدة    العناكب وسرطان البحر.. تعالج سرطان الجلد    5 علامات خطيرة في الرأس والرقبة.. لا تتجاهلها    أسرتا ناجي والعمري تحتفلان بزفاف المهندس محمود    فرضية الطائرة وجاهزية المطار !    «كانسيلو وكيسيه» ينافسان على أفضل هدف في النخبة الآسيوية    في المرحلة ال 18 من الدوري الإنجليزي «بوكسينغ داي».. ليفربول للابتعاد بالصدارة.. وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    لمن لا يحب كرة القدم" كأس العالم 2034″    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    تدشين "دجِيرَة البركة" للكاتب حلواني    مسابقة المهارات    إطلاق النسخة الثانية من برنامج «جيل الأدب»    نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء    واتساب تطلق ميزة مسح المستندات لهواتف آيفون    المأمول من بعثاتنا الدبلوماسية    أفراحنا إلى أين؟    آل الشيخ يلتقي ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    اطلاع قطاع الأعمال على الفرص المتاحة بمنطقة المدينة    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    الدرعان يُتوَّج بجائزة العمل التطوعي    اكتشاف سناجب «آكلة للحوم»    دور العلوم والتكنولوجيا في الحد من الضرر    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس أذربيجان في ضحايا حادث تحطم الطائرة    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    مفوض الإفتاء بجازان: "التعليم مسؤولية توجيه الأفكار نحو العقيدة الصحيحة وحماية المجتمع من الفكر الدخيل"    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طلعت وفا في عيون محبيه
دفق من المحبة والمشاعر الفياضة تجاه الفقيد
نشر في الرياض يوم 07 - 01 - 2009

طلعت وفا لم يكن فقيد عائلة فقط، أو جريدة "الرياض" وإنما فقيد الصحافة السعودية بصفة عامة وفقيد أصدقائه ومحبيه وجميع معارفه، وما طالعتنا به الصحف السعودية يوم أمس من موضوعات عن السيرة العطرة للزميل طلعت والحضور الحاشد للصلاة عليه في مسجد الملك خالد وتشييعه دليل أكيد على المحبة التي منحها "طلعت" للجميع وقابلوها بالمحبة والوفاء.
منزل شقيقه زميلنا هاني وفا احتشد بالمعزين طوال يوم أمس بأعداد هائلة من مسؤولين وإعلاميين ودبلوماسيين وأصدقاء ومعارف والكل يرفع أكفهم بالدعاء لفقيدنا الغالي بالرحمة والغفران وأن يسكنه الله فسيح الجنان.
ولا يزال الزميل هاني ووالده الشيخ فريد طلعت وفا وعائلته يستقبلون التعازي بالزيارة أو هاتفياً وخطياً ممن لم يستطيعوا الحضور من خارج الرياض لظروفهم الخاصة أو ارتباطاتهم.
هذا الدفق من المحبة والمشاعر تجاه الفقيد من قبل محبيه واصدقائه وزملاء المهنة الذين توافدوا على مقر الجريدة لتصوير مكتبه - رحمه الله - بما احتواه من صور تذكارية مع القيادات السعودية وزعماء العالم وشهادات تقدير ودروع تذكارية حصل عليها خلال مسيرته الصحفية تؤكد مدى المحبة والتقدير لشخص الإنسان طلعت وفا والصحفي البارز والإعلامي القدير وصديق الجميع.
مشاعر الحب والتقدير تجاه "طلعت" والحزن على فراقه لم تتوقف عند تقديم التعازي وإنما تجاوزت ذلك إلى إبداء المشاعر كتابة عبر مقالات بعث بها الكثير من الصحفيين وأصدقاء الفقيد من مسؤولين ورجال أعمال نحاول هنا أن نقتطع "غيضاً من فيض" المشاعر الفياضة تجاه صديقنا وحبيبنا وشقيقنا وزميلنا طلعت وفا:
طلعت.. نجاح واخلاص
يقول الدكتور عبدالمحسن الداود نائب رئيس التحرير:
ماذا أقول عن الزميل الصديق طلعت وفا - رحمه الله -. لقد كان مثالاً رائعاً في الإخلاص لمهنته ، أحبها فأعطته.. أخلص لها فحقق النجاح تلو النجاح.. لم يفته مؤتمر تشارك فيه المملكة إلا كان سابقاً لمتابعته وتغطيته والحصول على تصريحات خاصة من المشاركين فيه.. لم يأت رئيس دولة إلى المملكة أو رئيس وزراء أو وزير خارجية إلا ونجده سبق حضوره بتصريح خاص ل "الرياض" من طلعت وفا.
هكذا كان رحمه الله لا يتنازل عن مهمته الصحفية الأولى متابعة الخبر والبحث عنه في أي مكان دون تذمر أو ملل.. لم يركن إلى المقاعد الوثيرة والمسؤوليات الإدارية بل كان يردد - رحمه الله - مكاني في الميدان.. هذا هو الفن الذي أجيده.. والعمل الذي ارتاح إليه.
وفوق حبه وإخلاصه لعمله الصحفي كان أيضاً يتمتع بمثاليات نادرة في تعامله مع الآخرين قل أن توجد في مجتمعنا اليوم بتعقيداته ومشكلاته.. ولكن الأستاذ طلعت وفا بقلبه الكبير وطيبته الرائعة كان فوق مشكلات المنافسة أو المقالب المعتادة في الوسط الصحفي ليخلص فقط لعمله بعيداً عن أي اهتمامات أخرى.
لقد كان مبنى المؤسسة بالأمس مكتسياً بالسواد فالكل صعقه الخبر مرددين أحقاً لن نرى طلعت مرة أخرى؟ هذا الرجل النبيل الذي لا يرضى إلا بأخبار الصفحة الأولى لن نراه مرة أخرى!!
إن الحزن والأسى يعمنا جمياً وسنفتقدك حقاً في كل شيء في ابتسامتك وفي صوتك الجهوري وفي مطالباتك بالاهتمام بالأخبار والتعليق عليها وإبداء رأيك بكل صراحة في كل ما تنشره "الرياض" على صدر صفحاتها.
سنفتقدك بين أروقة المكاتب.. وسنفتقدك على صدر الصفحة الأولى ولكن ستبقى في قلوبنا دائماً رمزاً للوفاء والمثالية في هذا الزمن الصعب ولله ما أخذ ولله ما اعطى وكل شيء عنده بمقدار.
رحل الوفي
يقول الأستاذ حمد بن عبدالله القاضي عضو مجلس الشورى "رحل طلعت وفا، الوافي في خلقه وعطائه".
ويضيف منذ عرفته وزاملته وهو عفّ اللسان كريم الخلق مجتهد في عمله الصحفي، وفي طرحه الكتابي رؤى ناضجه من خلال غيرته ومتابعته للشأن السياسي في بلاده وفي العالم، لقد تعرفت على الزميل منذ سنوات طويلة والتقيت به في مناسبات عديدة وإن كانت متباعدة لكن كنت كل مرة التقي به أجده كما عهدته خلقاً وطيبة واستقامة رحمه الله.
إنني أذكره وأحمد له صبره على مرضه، أتذكر عندما زرته قبل حوالي سنتين في مستشفى الملك فيصل التخصصي لأطمئن عليه كنت وجلاً وأنا في طريقي إليه لمعرفتي بمرضه رحمه الله، لكن عندما دخلت عليه اطمأنت نفسي وخف حمل الوجل على وجداني فقد وجدته - كما عهدته - صابراً محتسباً - يتحدث إليك ولا يشعرك بدائه رغم قسوته وخطورته.. لكأنه يواسي عائده بدلاً من أن يواسيه عائده.. رزقه الله جزاء الصابرين الذين يقال لهم يقوم القيامة "سلامٌ عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار".
لا أزال أذكره وأتذكر في رحلة صحفية في بداية العمل الصحفي لكلينا، كان هو يمثل صحيفة "الرياض" وكنت أمثل صحيفة "الجزيرة" وكانت الرحلة إلى سويسرا، وقضيت معه أياماً جميلة بين أوقات وجلسات العمل وما بين أوقات الترفيه والتسوق والأحاديث العذبة. وأسأل الله كما جمعنا في هذه الرحلة أن يجمعنا في جنة المأوى.
أ. طلعت وفا كان وفياً لعمله الصحفي وأمضى سنوات في خدمة صحافة بلده محرراً وكاتباً ورئيس تحرير ومستشاراً، أتطلع من هيئة الصحفيين أو من صحيفة "الرياض" أن يتم تكريمه بعمل يبقى ذكره مثل طباعة بعض إنتاجه الكتابي أو أي شكل من أشكال التكريم والوفاء له والإيفاء لحقه رحمه الله.
كيف يغتال الخبث النقاء؟
ويقول الاستاذ سلطان البازعي مدير عام مؤسسة الطارق للإعلام:
"ما يروح إلا الطيب"..!
كيف يكون لنا عزاء في هذا القول؟
ألا يزيد ألمنا وحزننا أن نفقد الطيبين والأنقياء من حولنا؟
ها أنت ترحل عنا يا أبا تالا وأنت "التقي النقي الطاهر العلم" ونحن نلوك هذه العبارة نحاول ان نكفكف بها عبرتنا التي تخنقنا، ماذا يعزينا بعدك يا صديقي؟ بل ماذا يعزيني؟
شاهدت الخبيث يفترس ملامحك ونظارة محياك وابتسامتك. وكنت أنت الذي تبعث فينا الأمل وتقوينا رغم رقة مشاعرك ورقة جسدك. كنت تصر على مواصلة العمل رغم إشفاق كل محبيك عليك، تسافر إلى أقاصي الأرض لا بحثاً عن الدواء وإنما بحثاً عن المعلومة، من على سرير مرضك تواصل الاتصالات بمصادرك، وتحاور زوارك عن شؤون المهنة وماذا سيصدر في طبعة الغد من الصحيفة بأكثر مما تتحدث عن برنامجك العلاجي.. كيف يكون للخبث ان يغتال النقاء؟
"الزملاء" طلعت فريد وفا، لقب كان لك.. بدأ مزاحاً، ثم استحقيته عن جدارة ان اختصرت زمالة مقاعد الدراسة، وزمالة بدايات الركض الصحفي حينما كنا نؤلف أنا وإياك فريقاً نقتسم الخبر والتصريح والمانشيت، واختصرت الصداقة والاخوة حينما فرحت لزواجي كأنك انت الذي يتزوج وفرحت لقدوم ابنائي وبناتي وكأنهم لك وفرحت لزواج ابنتي وكأنها ابنتك.. فمن يعزيني فيك يا أبا تالا؟
ما يروح إلا الطيب.. والطيب هو أنت الذي لم تكن ترضى أن تقال كلمة سيئة في أحد مهما كنت تختلف معه.. متى اختلفت مع أي أحد؟ والطيب هو أنت الذي لم تترك وراءك أعداء حتى الذين اختلفوا معك لم يستطيعوا ان يقولوا كلمة مسيئة في حقك.. ولا أعرف أحداً اختلف معك وكان جاداً في هذا الاختلاف، خاصة وانك انت الذي كنت تسعى لإنهاء الاختلاف حتى مع الذين يسيئون لك.. فما الذي يعزينا كلنا فيك يا أبا تالا؟
ستقصر كلمات الرثاء عن احتواء خصالك وفجيعتنا فيك يا صديقي، وستعجز عبارات العزاء عن كفكفة دموعنا وعبراتنا.. لن يعزينا فيك إلا ادراكنا المتيقن أنك من السابقين واننا من اللاحقين ويعزينا فيك ايماننا الثابت انك تنتقل إلى دار هي خير من دارنا مشفوعاً بدعوات والدتك الثكلى بابنها البار.. وحرمك المكلومة بالزوج الحبيب.. وبناتك المفجوعات بالأب الحاني.. ودعوات الكثير من محبيك بأن يسكنك الله جناته الخالدة بما عرفت به من ذكر طيب ومحبة لكل الناس وصفاء سريرة تجاه الجميع.
كلماتك الأخيرة لي ولمجموعة من أصدقائك ليلة وفاتك كانت "أدعوا لي.." و"لا تقطعوني..!"
وإني أعدك يا صديقي واثقاً بما أعد، اننا وكل من عرفك سنذكرك وندعو لك كلما ذكر الطيب والنقاء، وسنذكرك وندعو لك كلما خطر الوفاء ببال، وسنذكرك وندعو لك كلما فتحنا صفحة جريدة وكلما جاء ذكر الالتزام المهني والأخلاقي.
رحلت يا صديقي وتركت لنا ذكرى ابتسامتك المتفائلة.. وكأنك تقول لنا انك باق معنا ولم ترحل، لأن الطيب لا يرحل.. الطيبون مثلك يا أبا تالا باقون معنا في الوجدان لا يرحلون.
جمعنا الله وإياك في رحابه الرحيم.
رائع في أخلاقه
صادق في علاقاته ومهنته
ويقول الزميل سالم الغامدي مدير التحرير للشؤون السياسية كل ما يقال عن الفقيد الغالي لا يمكن ان يفيه حقه فقد عايشت الزميل والأستاذ طلعت وفا عن قرب، فقد تجاوزت معرفتنا وصداقتنا الثلاثين عاماً بين زمالة في الدراسة في قسم الإعلام بجامعة الملك سعود وبين العمل في جريدة "الرياض".
وقد عرفت طلعت الإنسان الرائع في أخلاقه وتعامله وطيبته وكرمه، وعرفت طلعت الصحفي المتميز الذي لا يقبل أنصاف الحلول في العمل وإنما كان يصر على جودة الانتاجية وصدق المعلومة وتحري الدقة والأمانة..
لقد كان طلعت أميناً صادقاً في كل علاقاته الشخصية وتعاملاته، صادقاً مع نفسه ومع الآخرين، ورغم المراحل الخطيرة في مرضه إلا انني لم أشاهد إنساناً يتمتع بالايمان والصبر الذي يتمتع به "أبو تالا"، لقد جعلنا بصبره وتعامله وتصرفه ننسى في أحيان كثيرة انه يعاني من مرض خطير أودى بحياته..
رحمك الله يا طلعت رحمة واسعة وأسكنك فسيح جناته وألهمنا الصبر على فراقك.
طلعت وفا الأخ والأب
الزميل الأستاذ أحمد حسين اليامي مدير مكتب الجريدة في نيويورك يقول: كيف أصف تلقي خبر رحيل أخي الغالي طلعت وفا، هل أصفه بالصاعقة.. الصاعقة أهون. حتى الآن لست مصدقاً بأن طلعت قد غادرنا. المسألة ليست بالسهولة التي يتصورها البعض، فطلعت شخصية ندر الزمان أن يجود بمثلها.
طلعت اجتمعت كل محاسن الخلق التي أراد الله تعالى جمعها في واحد من خلقه، جميعها في تكاملها توافرت في هذا الحبيب.
أخوة، وفاء، نبل، تسامح، عون ومساعدة. صفات قليلة مما يمكن أن يوصف الفقيد الكبير بها.
تحدثت معه يوم السبت وكان مجمل حديثنا كالتالي: قال لي: يا أحمد عندي ضيق في التنفس وقد أمضي (15) يوماً في المستشفى، واتفقنا على أن أتصل به ثانية يوم الاثنين.
وكانت آخر كلمات طلعت "ادع لي يا أحمد". وكان يوم الاثنين موعد اتصالنا بطلعت هو يوم رحيلك
دموعي تخفي الحروف فكيف أنعيك، أنا أنعى نفسي
أنت كنت شمعة مضيئة في حياتي وحياة ابني عبدالعزيز حين أصفك بالأب فهو من الروح الأبوية التي ظللت تغمر بها ابني عبدالعزيز.
ويشاء القدر أن آخر هدية منكم تصلنا مؤخراً وكأنها هدية الوداع.
كتبت يا طلعت وبأحرف كبيرة (To My Son AbdulAziz)
عبدالعزيز مفجوع برحيلكم الذي لا يزال غير مصدق.
أنا فقدت أخا وعبدالعزيز فقد أبا.
أنت يا أبا تالا فقيد وطن ولست فقط فقيد أسرة. الكل يبكيك، من درسوا معك، من عملوا معك، من تعرفوا عليك وهم كثر داخل المملكة وخارجها.
رحيلكم يا طلعت ليس سهلاً، ستظل بشخصيتك البهية وصوتك الشجي معي ومع كل من عرفوك مدى حياتنا، لن ينساك أحد أيها الشقيق الحبيب. فاجعتنا كبيرة.
ولا نستطيع إلا قول (لا حول ولا قوة إلا بالله). و(إنا لله وإنا إليه راجعون).
طلعت.. لازلت هنا
الأستاذ عماد العباد مدير التحرير المساعد يقول عن الفقيد: رحل طلعت، لكن عبقه لا يزال يعطر ممرات الجريدة، رحل بعد ان ترك تذكاراً أنيقا عن البياض وندبة حزن عميقة في داخل كل منا.
عايشته في كل حالاته.. عندما كان موفور الصحة تشتعل عيناه حيوية، وعايشته بعد ان استبد به المرض ثم شفي منه، ورأيته بعد ان انتكست صحته وهاجمه المرض وامتص ما بداخله من عافية ورأيته ينحدر شيئا فشيئا نحو الضعف، الى ان اضطره انعدام توازنه الى حمل عصا تساعده على المشي. واخيرا رأيته بعد ان اقعده المرض على الكرسي المتحرك. قبل ان يقبض الله روحه الطاهرة بعدة أيام.
في كل تلك المراحل المريرة من الحرب التي كان يخوضها لوحده امام اعيننا الحزينة العاجزة عن أي شيء الا الدعاء والابتهال، كان حريصا على الحضور للجريدة والانتاج بشكل أذهل الكل، ابتسامته وروحه المرحة لا تفارقه، كان بالفعل رجلا ملهماً جعلنا جميعا نركل آلامنا التافهة وهمومنا عندما نضعها في مقارنة بما كان يقاسي، كان ابو تالا يزاول الركض بين الأخبار وينتج بذات الحماس الذي يحمله محرر في شهور عمله الاولى، الجميع كان مندهشا من عودته للميدان الصحفي بعد ان اعتاد على كرسي رئاسة التحرير عندما كان يقف على رأس الهرم في جريدة "الرياض ديلي"، حيث عاد بعد ان اقفلت الصحيفة ليعمل بلهفة لا متناهية وانتاجية مبهرة!.
لم يقتل كرسي رئاسة التحرير الذي جلس عليه لعدة سنوات ذلك المحرر الصغير الذي بداخله، ولا ذلك التوقف المتأجج لميدان العمل الصحفي، كان يلتقط مسجله وجهازه المحمول ويتنقل من مكان لمكان ومن بلد لآخر، كنت مبهوراً وأنا أراه كل يوم يحمل بطاقة على صدره لمؤتمر خرج منه للتو او لحدث قام بتغطيته، حتى بلغت أعلى درجات الاعجاب بهذا الرجل عندما رأيت له مقالا قبل عدة أيام، نظرت للمقال لأتحقق من تاريخه!.
هل يعقل بأن يكون جديداً وأنا أرى من كتبه قبل قليل يخرج من المصعد على كرسي متحرك وبالكاد يرفع يده المتعبة للتحية!.
ابو تالا كان بالفعل رجلاً ملهما، مجرد تأمله وهو يرتقي آلامه الجسدية والنفسية ويعمل بكل شغف يجعل كلا منا يخجل من همومه ومعاناته، اذكر قبل شهرين كنت اجلس في القسم السياسي مع بعض الزملاء وكان احدنا يتحدث عن الضغوطات وهموم العمل الصحفي، كان طلعت جالسا فابتسم بلطفه المعهود واخرج أنبوبا من طرف ثوبه وقال: ياولدي هذا الأنبوب اتلقى عن طريقه العلاج الكيماوي للسرطان، ولازلت استمتع بالعمل، وانت في كامل قوتك وشبابك وتشتكي؟ احمد الله على العافية فلا احد يعرف قيمة ما يملكه الا اذا فقده!.
صباح اليوم الذي كتبت فيه هذه الاسطر أتاني نعي ابي تالا.. رحل جسداً لكن رصيده الخير الذي تركه في دواخلنا سيتضمن له بقاء ابدياً.
رحمك الله ياطلعت، هكذا زرعت وهكذا حصدت.. لا عزاء لنا الا انك الآن تحظى بضيافة الرحمن الرحيم.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
خيارك محبة الناس
الأستاذ محمد بن صالح الحسيان مدير مكتب سعادة رئيس التحرير يقول: لقد وقع خبر وفاتك ياطلعت كخنجر نخر في قلبي وكريح عاتية هبت من حيث لا ندري، واقتلعتني.. وشلت تفكيري، هزني خبر موتك وأجهشت بالبكاء ياطلعت يا أغلى الأحبة والأوفياء، فأنت الأخ والصديق والقريب. تسأل عن الصديق وتواسي الضعيف، وتفرح مع المبتهجين دون اعتراض لم تقصر في واجب، ولم يردك مرضك من قرع أي باب وكنت تتجول بين الأهل والأحبة، كانت رسالتك المحبة وجمع الشمل وخيارك كان دوما محبة الناس، والاطمئنان على القاصي والداني ولم تترك مجالا للعتاب، ولا للقيل والقال، ولا لكره الناس.. قدر الرجال هو ان يعايشوا الأقدار وأقدار الرجال أن يعيشوا قدرهم هكذا هي الحياة وهكذا هي سنتها رحم الله الفقيد واسكنه فسيح جناته فهو لم يكن إلا الإنسان الخير الطيب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.