من الصعب على الإنسان، أن ينعى عزيزاً، ومن المؤلم جداً، أن يجد المرء نفسه، يسكب الدموع أو الكلمات، لترثي قلباً بحجم قلب وطيبة ونقاء وإخلاص، زميلنا عبدالله محمد الغشري، الذي انتقل إلى رحمة الله، فجر أمس. «أبو شيخة» كما يلقبه الجميع في جريدة اليوم، وخارجها، نجح أن يترك بصمته طيلة مسيرته، في قلب وعقل وفكر كل من عاشروه، كانت ابتسامته العفوية، وضحكته الخجولة، علامة على ما يمتلكه من حب في نفوس الجميع. كان رحمه الله يكتفي بابتسامة عذبة أو ضحكة خجولة، ولا يعقب بكلمة. طيلة سنوات كثيرة، ونظراً لطبيعة العمل، كنت أوجه له اللوم أو العتب، وأحياناً أغضب منه، ولكني بعد فترة قليلة، يجبرني وجهه البشوش على تناسي أي شيء، بل كان يحرص على مرافقتي والتجول معي في الأقسام والردهات، ولا تختفي الابتسامة من على وجهه لم يكن «أبو شيخة» مجرد زميل، أو صديق، أو أخ، على المستوى الإنساني والشخصي فقط، ولم يكن مجرد أقدم محرر صحفي في المنطقة الشرقية، ولكنه كان إنساناً بمعنى الكلمة، ستظل ردهات مبنى التحرير، تحس بفقده، وستظل عيون الزملاء تبحث عنه، ليس من أجل خبر هذه المرّة، ولكن من أجل شعور الفقد الغالي، الذي ينادي في الأرجاء، أن يا «أبو شيخة» لا تغب عنّا. إنني شخصياً، لا أجد كلمة توفي فقيدنا الراحل حقه من التكريم الذي يجدر أن يليق به، ميتاً، وهو الذي أوجد بغيابه، هذا الحزن الذي يشع في الوجوه، وأرى عيون الزملاء والدموع تكاد تتحجر فيها، أسى عليه، ولكن لا راد لقضاء الله، لله ما أعطى، ولله ما أخذ. طيلة سنوات طوال، من الصداقة والأخوة مع عبدالله الغشري، وجدت نفسي أمام طراز نادر من الرجال، كان متواضعاً أقصى درجات التواضع، وقليلاً أو نادراً ما كان يطلب شيئاً لنفسه، كنت أراه، وهو يحمل أوراقاً فيها هموم لأناس غيره، يجري بها هنا وهناك لإنجازها، خدمة لهم، ودون أن يبغي لنفسه شيئاً، وعندما كنت أمازحه، عن ماذا يستفيد من هذا التعب، كان رحمه الله يكتفي بابتسامة عذبة أو ضحكة خجولة، ولا يعقب بكلمة. طيلة سنوات كثيرة، ونظراً لطبيعة العمل، كنت أوجه له اللوم أو العتب، وأحياناً أغضب منه، ولكني بعد فترة قليلة، يجبرني وجهه البشوش على تناسي أي شيء، بل كان يحرص على مرافقتي والتجول معي في الأقسام والردهات، ولا تختفي الابتسامة من على وجهه .. حتى في تعاملاته مع الزملاء الأصغر منه سنّا وخبرة، كان يتحمل مداعباتهم ولو قست عليه، وينصحهم ويوجههم بكل إخلاص، دون منّ أو سلوى. لا أدري ماذا أقول اليوم، بعد أن وارينا «أبو شيخة» الثرى، وماذا أقول لمحبيه وأصدقائه، وماذا أقول لأسرته وأبنائه وبناته؟ بل ماذا أقول للردهات والممرات التي شهدت تجوالنا؟. كل كلمات الرثاء صعبة، وكل كلمات النعي متحجرة.. لا أملك إلا أن أقول في هذه اللحظة، إلا رحم الله عبدالله الغشري .. وأسكنه فسيح جناته، وألهم آله وأسرته وذويه ومحبيه كل الصبر والسلوان.. فوداعاً أيها الأخ والصديق.. وداعاً أيها الرجل الطيب (إنا لله وإنا إليه راجعون)