عبَّر عدد من الكُتّاب والإعلاميين والمثقفين عن حزنهم الشديد لرحيل الأديب والكاتب والصحفي الأستاذ محمد صادق دياب، مبينين في الوقت ذاته سماته الجمة التي كان يتحلى بها، وإبداعاته الكتابية المتعددة، وجهوده البارزة في الصحافة السعودية، إضافة إلى شغفه بمدينة جدة والكتابة عنها وعن تاريخها، حتى أصبح من أفضل ممن كتب عنها. * * * - بداية يُعبّر الكاتب الكبير عبد الله خياط عن حزنه العميق لفَقْد الراحل الكبير محمد صادق دياب، ويقول عنه إنه يُعتبر من صناع الأجيال لأنه كان مُعلِّما؛ فكان مُعلِّما ومؤدباً في آن واحد، وبعد أن ترك هذا المجال بعد حياة حافلة بالعطاء اتجه مرة أخرى ليرعى مجموعة من الشباب، ولكن هذه المرة كان اتجاهه إلى الصحافة؛ ليصبح مُعلَّماً آخر في الصحافة، وعمل في مجالات عدة فيها. ميزة أبي غنوة أنه يكتب بدون تكلف، وهذه ميزة لا يملكها كل كاتب، كما أنه حبيب لكل الأدباء والأصدقاء والفنانين، يعامل كلاً منهم بما يرضيه، ويضاف إلى ذلك إنتاجه الأدبي الكبير. * * * - عبدالعزيز قاسم - الإعلامي والكاتب المعروف أيها العمدة الحجازي كم نفتقدك رحمك الله أبا غنوة، يا عمدة المثقفين والكُتّاب.. ما زلتُ أتذكر الليلة التي عرفنا فيها أن الداء الخبيث قد اكتشف في خلايا جسم ابن الحارة الجداوي، وقتما دعاني أخي وصديقي نجيب يماني على شرف الدكتور الخلوق فؤاد عزب في ليلة احتفاء به، وأخبرني بأن كاتبنا الكبير محمد صادق دياب من بين الحضور، فتشجعت وأنا المنزوي عن الدعوات الإخوانية، بسبب عملي المتتال ومشروعاتي الإعلامية اللذين لا يتيحان أبداً لي ترف الوقت لأغشى تلكم المنتديات.. سألت عنه وقد افتقدته، فلأبي غنوة منزلة كبيرة في نفسي، وأحمل إعجاباً وحباً لتلك القامة الشاهقة في المشهد الثقافي لدينا؛ فصعقني أبو أحمد بخبر إصابته بالمرض الخبيث، امتقع لوني، واربدّ جسمي مباشرة، وقد انثالت ذكريات أستاذي الراحل عبدالقادر طاش، وتجربته الأليمة مع المرض، ولكأن فوبيا أصابتني منه.. عدت إلى منزلي وأنا مكتئب، واتصلت بأبي غنوة وألفيته لا يجيب، وآليت على نفسي ألا أحادثه إلا إذا كانت ثمة بوارق أمل، وقد استحضرتُ مقولة له عندما عزاني في أستاذي طاش، وهو يصفق كفا بكف، هذا السرطان كيف يختار هذا الرجل الطيب الذي لا يدخن ولا يشيش؟ وكان مذهولاً حينها، ولا يجد تفسيراً لما أصاب أستاذي يرحمه الله.. أتذكر فور تكليفي برئاسة تحرير هذه المجلة أن دعوته، ولبّى من فوره، وهو يقول: «والله ارتباطات تكبلني، ولكن لأجلك يا عبدالعزيز سأكتب»، وحفظتها ولغيره من الفضلاء الكتبة الذين لبّوا دعوتي للكتابة، وتألق كعادته، وحلّق بنا في كتابات آسرة، واستمر معنا عاماً كاملاً، قبل أن يعتذر لي بلباقته الحجازية الرفيعة، وهو يشكو تزاحم المشاغل وقصر الوقت، ووعدني بالعودة حال انتهاء ظرفه.. أغدق علي في مقالات عدة برؤيته التي ترى في شخصي المتواضع بأنني أول من نقل الصحافة الإسلامية، وأعطاها الروح، وباتت كالصفحات الرياضية، بعدما أعطيتها جرعة من الإثارة المعقولة، وقد كانت تعيش على الوعظيات فقط، الخالية من الروح والحرارة. بسطت له فيما بعد عذري بعدم الاتصال لأن فوبيا حادة تنتابني، من وجلي وحبي لأولئك الغلاة في نفسي - وهو منهم - فتقبلها ضاحكاً رغم معاناته، وقال لي: أعرف مكانة أستاذك عبدالقادر طاش في نفسك، وأعدك بأنك ستراني قريباً، وفيما الأخبار السارة باكتمال شفائه تتواتر إلينا عبر لداته إذا بالخبر الفجيعة يأتينا على جوالاتنا ونصعق. أسأل الله تعالى أن يكتب له الأجر، ويجعل ما تعرض له كفارة بين يديه، ورفعة لدرجاته في الجنة، والوعد أيها الكاتب الأنيق والعمدة الحجازي الجميل عند مليك كريم، يعفو ويصفح. * * * - الأستاذ أحمد المهندس - رئيس تحرير مجلة العقارية عبّر عن حزنه العميق وهول الصدمة، وكأن الكلمات تقف عاجزة عن الخروج من حنجرته، وقال: لقد حزنت حزناً شديداً لفراقه؛ فهو ابن حارتي، نشأنا سوياً وهو صديق عزيز ورجل طيب القلب ورجل فاضل، وكان مسكوناً بحارات جدة، وقد كتب عن ذلك الكثير، كما أن له كتابات رائعة في زاويته في جريدة الشرق الأوسط. جمعتنا مناسبات عديدة، وجمعنا الهمّ الإعلامي، وعملنا مع بعض في جريدتي المدينة والبلاد. أشرف على ملحق الأربعاء بجريدة المدينة، وكانت له لمساته الرائعة التي تُذكر فتُشكر، يُضاف إلى ذلك كله أنه - رحمه الله - تربوي من طراز فريد، وحاصل على الماجستير. * * * - الأستاذ حسين الغريبي - الأديب والكاتب المعروف رحم الله أبا غنوة؛ فلقد فقدنا برحيله إنساناً محباً للناس ومحبوباً لدى الناس ومحباً أكثر لعروس البحر (جدة)، التي أبدع في وصفها، ووثَّق تاريخها، وتغنى ببحرها وحواريها؛ فهو ابن جدة البار الفخور بجمالها ورونقها والمحب لإنسانها. عرفته صاحب بيان بديع في كتاباته وفي رسائله لأصدقائه ومحبيه، كنت أبعث إليه بالرسائل الهاتفية وهو في لندن لتلقي العلاج، ويصلني الجواب المختصر مبشراً بالصحة والعافية، وحسبت أن الغياب لن يطول حتى صدمني خبر وفاته، أسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته. * * * - الشاعر فاروق بنجر عزاء البحر والشواطئ والنوارس في رحيل زميلنا وصديقنا ذي القلب السماوي الصافي أبي غنوة محمد صادق دياب عمدة الصحافة والثقافة الجداوية، ويراع لمسات الكلمة المائية المحببة. لقد كان نبراس المحبة بيننا ك(جدة) في إلف الشواطي حانيا ظريفا رهيفا آنس الظل فارها له لغة الحي المعتق صافيا كأني به في بهجة الصحب عمدة وفي نكهة (المركاز) روحا موافيا يحدث عن ماضي الشجون محببا يقهقه حينا أو يتمتم باهيا مضى عذب أوقات الكلام مهذبا وأومأ محموداً إلى الله راضيا رحمه الله وجعل الجنة مثواه. * * * - الشاعر حمزة الشريف رحم الله أبا غنوة ابن مدينة جدة البار، رحمه الله رحمة الأبرار، لا يزال ذكره عطراً وأدبه جماً، له ذكراه عندما درَّس مادة علم النفس لطلاب معهد المعلمين الثانوي بالطائف، وكنت منهم، وعندما أشرف - رحمه الله - على ملحق الأربعاء بجريدة المدينة الغراء نشرت تحت إشرافه سنة 1404ه أكثر قصائدي، وكذلك عندما انتقل إلى صحيفة البلاد الغراء نشرت تحت إشرافه بعض قصائدي. إن ذكراه عطرة في ذاكرة هذا الوطن المحب لأبنائه. لقد كان لقلمه المبدع أثرٌ في تجديد مجلة سيدتي، وقلمه أبدع القصة القصيرة، وأبدع التواصل مع أبناء وطنه، أحبهم وأحبوه، رحمه الله رحمة واسعة. أبا غنوة إليك قصيدي: دموعي تسيل مع الحبر حزناً عليك وأنت مسجى لك الطهر ثوبا وطهر التسابيح بين يديك بأخلاقك العطرات تحلى نشيدي وسال مع الحزن فيض دموعي ستبقى تجددك الأمسيات وعطر الذكيات يحن إليك * * * - عبد الله فراج الشريف - الكاتب المعروف ظللنا نتابع أخبار الحبيب محمد صادق دياب على بُعد فيخبرنا أحبته هنا المتلقون عن الذين معه من الأهل والأحباب بالأخبار بأنه يتحسن، ولعلهم كانوا يدرؤون عنا خبراً يعلمون أنه سيحزننا؛ ففراق الفقيد - يرحمه الله - كان يجعلنا دائمي الخوف عليه، تمتلئ منا النفوس حزناً عليه ونحن نعلم كم كان يعاني شدة المرض. وهو خير من عرفت في ساحة الثقافة والصحافة، هو الرجل الذي يألف الناس ويألفونه، ابتسامته الدائمة يلقاهم بها؛ فتقربه إليهم ويتمنون القرب منه، لا يرفع صوته وهو يمكنه أن يوصله إليك همساً، يقول لك الكلمة الطيبة حينما تحتاج إليها منه، ليس من أولئك المحترفين في الخصومات، التي ليس لها سبب أصلاً، بل لعله يتسامى عنها، وإن كان لها عنده ألف سبب. رحم الله حبيبنا وفقيد وطننا؛ فقد كان دوره فيه بارزاً، عمل في الصحافة فكان نجمها الأبرز، ورأس تحرير مجلات وإصدارات عدة، آخرها مجلة الحج التي زهت برئاسته تحريرها، وأرخ لمدينته التي يهوى فكان أبرز مؤرخيها، ومارس الكتابة اليومية فكان أفضل كاتب مقال يومي، وكان أبرز أدبائنا وأجمل راوٍ في بلادنا، له دوماً في ساحتنا أعظم اعتبار. عزاؤنا للوطن كله بفقده، وعزاؤنا لأسرته الصغيرة: زوجته وبناته، وأخص منهن الأثيرة إلى نفسه غنوة، وعزاؤنا لرفيق دربه شاعرنا الكبير عبد المحسن حليت مسلم الحربي ولإخوته وأقاربه، وعزاؤنا فيه واجب. رحمه الله، وأسكنه فسيح جناته. * * * - الإعلامية والمذيعة بإذاعة جدة الأستاذة نازك الإمام أبدت حزنها الشديد، وقالت: ماذا أقول عن الأب الروحي لنا؟ لقد غمرنا بأخلاقه وأدبه الجمّ، وكان خبر رحيله بالنسبة إلينا كالصاعقة. لقد كان قمة وهرماً في الإعلام، وكانت كتاباته رائعة وتلامس الواقع. إن من يقرأ كتاباته في الشرق الأوسط يجد قمة الروعة، ويجد أن يغوص في هموم الناس ويكتب عن كل جديد يهم الناس بأسلوب راقٍ وجذاب حتى أنه كتب وقال عن نفسه إنه أبو البنات، وقد أوضح كيف أن الله عوضه بالأحفاد. إنه بحق ابن جدة البار، الذي كتب عنها وعن حاراتها وعن إنسانها وعن مشاكلها، وخاض في تاريخها حتى أصبح هو علامة في تاريخها، ويعتبر بحق الأب الروحي لنا؛ فكم استفدنا من توجيهاته وعطاءاته، وكانت لنا صلات إعلامية عبر الإذاعة، وقد أجريت معه لقاء على الهواء مباشرة في موسم من مواسم الحج، ووجدت أريحية فيه وعدم تكلف. أما أخلاقه فلا يمكن وصفها؛ فقد حبا الله الراحل - رحمه الله - أخلاقاً جمة، يشهد بها الجميع، ولا ننسى جانباً مهماً من حياته - رحمه الله - فهو رجل تربوي، قدَّم عصارة فكره في الميدان التربوي. رحمه الله رحمة واسعة. * * * د. يوسف حسن العارف رسالة عزاء إلى محمد صادق دياب (رحمه الله)!! 1- قدري أن أكون معك خلال الأسبوع الأول من شهر الله جمادى الأولى، حيث عانقت كلماتي الجزلى في رواية (مقام حجاز) الصادرة حديثاً عن (جداول) وعشت مع أبطال الرواية (سلمى - جميل - دحمان - مرجانة).. وغيرهم ممن رصدهم التاريخ الحقيقي لجدة!! وكتبت عنها دراسة نقدية استودعتها (مجلة جدة) ورئيسها سامر خميس وجريدة الرياض وملحقها الثقافي منذ الأربعاء 2-5-1432ه. وفي ظهيرة الجمعة 4-5-1432ه، وفي مجلس علم وصالون فكر وثقافة لدى الوجيه واصف كابلي ومنتدى الروضة، جاءني الخبر الصاعقة من مسؤول العلاقات والإعلام بالنادي الأدبي بجدة نبيل زارع أن محمد صادق دياب انتقل إلى رحمة الله. 2- كنت أرسلت رسالة جوالية sms قلت فيها: (البارح أنهيت كتابتي النقدية لمقامك الحجازي وأرسلتها لمجلة جدة التي تحبها. سعيد بروحك العالية التي ستقهر المرض!! مساء الخميس 7-4-2011م - 3-5-1432ه. وكلما تأملت تقارير التسليم أجد العبارة (قيد الانتظار) يعني أنها لم تصل ولم تستلم فتفاءلت خيراً!! اليوم الجمعة علمت لماذا كانت الرسالة قيد الانتظار لأنك انتقلت للدار الآخرة، فرحمك الله. محمد صادق ذياب ابن جدة والبحر والساحل.. بكتك القوافي.. بكتك المدن. وأبكيك حتى ثرى (أمنا حواء). يا بهجة الزمن!! 3- ومنذ زمن كلفتني دارة الملك عبد العزيز أن أكتب عن فقيدنا سيرته الثقافية ضمن موسوعة الأدباء والأدب السعودي فوجدتني أمام قامة ثقافية أدبية فارعة تحمل من الخصائص والسمات ما يجعله متفرداً بين زملائه وجيله، فهو مغرم بتصوير الحالة الشعبية في جدة من خلال ناسها وأهلها وموضوعاتها، بين ذلك كله في نصوصه القصصية ودراساته الاجتماعية. 4- وأخيراً يا سيد الحرف والنغم يا أبا غنوة. (مقامك الحجازي) رواية تمزج الواقع الجدي بالخيال الروائي في أسلوب لغوي وشاعري، نشهد فيها التاريخ من خلال مرجعياته وأدبياته، ونجد اللغة في أسمى تجلياتها، ونجد التكنيك القصصي/ السردي في أبهى صوره وآياته. رحل أبطال روايتك كما شئت لهم ذلك الرحيل!! وها أنت تودع هذه الأرض الفانية. إلى رب رحيم غفور. هنيئاً لك القبر.. فيا ملائك الرحمة استقبلي.. ويا دعوات الصالحين انهمري.. وإنا لفراقك يا أبا غنوة لمحزونون!!