تحب أن تشتري دماغك كما يقول الإخوة في مصر، أو "صاحب مزاج رائق" كما نقول أحيانا، فأنت تحرص قدر المستطاع أن تبتعد عن النكد، لا تريد أن تعكر مزاجك ولست من الذين يفضلون أن يعقدوا حواجبهم ويمضوا يومهم متذمرين بلا سبب. لكنك مهما حاولت فمصادر النكد كثيرة، قد تجدها في تصرفات طفولية تطالك من أشخاص تجاوزوك سنا، قد تجدها في أفعال مزعجة من زملائك في العمل أو من جيرانك في الحارة أو من السائق الذي قرر أن يصطدم بسيارتك لأنه يظن أن الشارع العام هو امتداد لحديقة منزله، قد يلحقك النكد إلى منزلك! أو حتى في اجتماعاتك إلى الأصدقاء التي تتحول فجأة من اجتماعات مرحة إلى حالة تذمر جماعية، فهذا اكتشف فجأة أنه يعانق الشيب والآخر لا يعرف كيف مرت سنين عمره مسرعة والثالث لا يفتأ يكرر نفس الشكوى من مكان عمله والرابع استيقظ وهو كاره للدنيا وما فيها وقرر ان يشارك كل الدنيا كرهه هذا، و رغم كل شيء تحاول أن تقاوم هذا النكد أن "تكبر دماغك" كما هو التعبير المصري المشهور. فحين يصرخ أحدهم في وجهك بدون سبب، تكتم غيظك وتعطيه عذره، وحين يقرر قريب أو صديق أن يعاتبك نتيجة قراءته السيئة لتصرفاتك العادية فإنك تحتوي الموقف وتتجاوزه لأنك لست في مسابقة عتب ولا تريد اكتشاف الأخطاء السبعة، و لأنك لا تملك الطاقة للجدال العقيم أو لحوار الهدف الوحيد منه هو التخلص من مشاعر سلبية نكدية - إن صح الوصف- كما قلنا أنت تتجاوز عن الكثير لا لضعف منك ولا لأنك مرفه و في حالة سعادة دائمة بل لأنك تعرف أنه يمكنك أن تستثمر وقتك ومشاعرك وطاقتك فيما يسعدك. لكن طريقتك هذه قد لا تكون ناجحة، لأنك ببساطة لا تتحكم فيما حولك، لذلك ستجد النكد يطرق بابك ويلازمك ويصادقك حتى وإن حاولت تجنبه. ماذا تفعل إذا كنت محاطا بأناس يعشقون النكد، يتنفسونه؟ الحل بسيط... هو أن تحاربهم بنفس سلاحهم، كن أنت مصدراً للنكد! لو حسبناها بطريقة إحصائية بدائية سنجد أن احتمالات أن تكون مستقبلا للنكد تقل إذا كنت أنت مصدره!. و إجازة سعيدة!