يشير البنك الدولي في أحدث تقرير له صدر في شهر أغسطس 2008م إلى أن أكثر من ربع سكان العالم النامي يعيشون دون خط الفقر.. وتوضح الأرقام الجديدة أن حوالي 1.4بليون شخص في العالم يعيشون على أقل من دولار وربع دولار في اليوم ( 1.25دولار). وهذا يعني أن عدد الفقراء في العالم أكثر بحوالي أربعمائة وثلاثين مليون شخص مما كان يعتقد سابقاً. وتظهر البيانات مدى التقدم في مجال مساعدة الفقراء خلال ربع القرن الماضي فقد كان من يعيش دون خط الفقر الجديد، أي على مبلغ يقل عن 1.25دولار يومياً حوالي 1.9بليون نسمة في عام 1981م.. كما أظهرت البيانات انخفاض نسبة من يعيشون دون خط الفقر في العالم، أي على أقل من 1.25دولار يومياً كان 26% في عام 1981م. ومع ذلك فيبدو أن نسبة الفقر النوعي تزداد شدة، حيث نجد أن أكبر الدول النامية وأكثرها نمواً من الناحية الاقتصادية ليست أفضل من أفقر الدول النامية، فلو نظرنا إلى الهند والصين وهما تمثلان قوتين اقتصاديتين في العالم، نجد أن حوالي 42% من سكان الهند يعيشون دون خط الفقر، بينما تبلغ النسبة في الصين حوالي 16% بالرغم من النمو الاقتصادي السريع فيها. وهكذا نجد أن عدد الفقراء أكبر مما كانوا عليه قبل ربع قرن، بالرغم من التنمية السريعة والتقدم التقني فيها، أما عدد الفقراء في افريقيا فيبلغ حوالي 50% وهي نسبة كبيرة جداً، ويعود سبب الفقر المدقع في أفريقيا من وجهة نظر الخبراء إلى غياب الاستقرار، وهو الأمر الذي لا يشجع على الاستثمارات بشكل مستمر في أفريقيا. وأعتقد شخصياً أن نسبة الفقر الشديد في أفريقيا تعود ايضا للجفاف وزيادة عدد السكان، والاحتباس الحراري وما نتج عنه من قلة الأمطار والتصحر، وضعف الغلة الزراعية وزيادة أسعار المواد الغذائية وغيرها... وبالرغم من أن الدول الصناعية الثماني الكبرى في العام الماضي قدمت مساعدات تنموية للفقراء في العالم بقيمة 62بليون دولار، إلا أنها لا يمكن أن تنتشل العالم من هاوية الفقر بشكل سريع، وقد ذكر البنك الدولي ان مائة مليون نسمة قد يدخلون حالياً في قائمة الفقراء جراء ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة.. ان احدى سمات العولمة حالياً هي أن الفقراء يزدادون فقراً بينما يزداد الأثرياء ثراء وسطوة، وإذا لم تعالج مشكلة الفقر في العالم بشكل عام، وخاصة في الدول النامية، فإن العالم يتجه سريعاً إلى مشكلات الفقر، ومنها ازدياد نسبة الجريمة، وزيادة نسبة الأمراض والأمية، وغيرها من ظواهر يمكن أن تؤدي الى تعثر خطط التنمية المستدامة في كثير من دول العالم..