طالعتنا صحيفة «الرياض» بخبر مفرح محزن، فهاهو أحد الرجال ذوي الاحتياجات الخاصة ترك همومه جانباً، تكبد الكثير من المشاق من خلال كرسيه المتحرك ليصل الى المركز الانتخابي لتسجيل اسمه كناخب، ايماناً بقيمته كإنسان في هذا الوطن، وايماناً بقيمة الصوت الانتخابي، ولكن الحظ العاثر كان امامه، فهناك عقبة السن القانونية، فهو يحتاج الى ايام قليلة ليصل الى السن القانوني، كم افرحني هذا المواطن الانسان الذي يجاهد كل ساعة من ساعات يومية، وكم احزنني نكوص المواطنين وبخاصة المثقفين منهم عن تسجيل اصواتهم الانتخابية، فتلك ستكون وصمة عليهم، فكانت تلك مقترحاتهم ومطالبهم، وعندما ظهر النور اختفوا عن الانظار. وهنا لابد لنا من التنويه عن اهتمام اللجان المنظمة للانتخابات البلدية بذوي الاحتياجات الخاصة، فنجد في كتيب - دليل الناخب - قسماً خاصاً عن اجراءات قيد الناخبين المعوقين بدنياً، وفيه تسهيل على المواطنين المعاقين حركياً، فلهم منا الشكر الجزيل على ذلك، ونرجو ان يكون حافزاً لاخوتنا المعاقين حركياً وعائلاتهم على المشاركة في تسجيل اسمائهم. المعوقون وتكافؤ الفرص: الانتخابات لها تأثير مباشر في ارساء مبادئ العدالة والمساواة، والتأكيد على عامل الولاء والانتماء للوطن، والمجالس البلدية تمثل محوراً مهماً في الادارة المحلية، وفي رفع مستوى الخدمات من واقع حاجات ورغبات وتطلعات المواطنين، والمواطنة هي تعبير عن الانتماء للوطن، انتماء يفرض على الانسان واجبات ويمنحه حقوقاً، والشخص المعوق مواطن كسواه من المواطنين يجب ألا تحول اعاقته دون اداء واجبات المواطنة في إطار ما تتيح له اعاقته، ولا تحرمه من التمتع بحقوقها. ممارسة المعوق للمواطنة مرهونة بإرادة المجتمع، فإذا حصل على فرص متكافئة فإن ذلك يفرض عليه ان يكون مواطناً فاعلاً يساهم في انشطة المجتمع على كافة اصعدتها، وتلك تفترض ان تكون ارادة المجتمع قد وفرت له السبل لممارسة المواطنة، واتاحت له فرصة المشاركة الكاملة التي تكمن في تهيئة البيئة اجتماعياً واقتصادياً، بحيث تستوعب متطلبات اعاقته وتلبي الحد الاقصى من حاجاته. وتزيل كافة العوائق التي تحول دون تعليمه او تأهيله او عمله، الامر الذي يؤثر على اكتساب المواطنة بحقوقها وواجباتها، والحياة في المجتمع بالشكل الطبيعي وبالدرجة نفسها لمشاركة غير المعاقين. فئة متميزة ومواطنون مميزون: مجتمعاتنا لا زالت بحاجة الى تغيير نظرة افرادها تجاه المعوقين وقبل ذلك وضع قوانين تضع بعين الاعتبار الحاجات الخاصة للمعاقين في كافة المرافق، هذا ليس اجحافاً او تنكراً للجهود المبذولة في كثير من البرامج والنيات الحسنة التي تعمل على تذليل الصعاب امام المعوقين وتوفير السبل لهم لكي يعيشوا كغيرهم لا اكثر ولا اقل. ذووا الاحتياجات الخاصة وعائلاتهم فئة مميزة، وان كانت القواعد الرئيسة للانتخابات ترفض الفئوية، فهي فئة لا تنتمي للقبلية او المناطقية، فالاعاقة لا تفرق بين الفقير والغني، ابن الشمال او الجنوب، وهي نسبة عالية تستحق من يمثلها في المجلس البلدي، ففي كل اربع منازل هناك معاق او من ذوي الاحتياجات الخاصة، كما تمثل الاعاقة 10٪ من السكان كما اظهرتها الاحصائيات العلمية. المعاق مواطن مميز، وعائلاتهم مواطنون مميزون، لهم احتياجاتهم الخاصة في الخدمات البلدية وفي الادارة المحلية (التعليم - التدريب - الشؤون الاجتماعية - وغيرها)، فوجودهم وحصولهم على البطاقة الانتخابية ( المعوقون وعائلاتهم) ستعطيهم الحق في التصويت للمرشح الذي يضع من اهتماماته وبرنامجه الانتخابي ذوي الاحتياجات الخاصة ومشاكلهم واحتياجاتهم، وكم سيفرحنا ان يكون أحدهم مرشحاً للمجلس البلدي، كما يقول المثل الشعبي - ماحك جلدك مثل ظفرك. القواعد والقوانين والتطبيق: مفهوم الاعاقة يربط بين اوجه القصور الوظيفي في عضو من جسم الانسان والمعوقات التي تفرضها البيئة المادية، كالعوائق المتصلة بالتصاميم الهندسية والمواصفات المعمارية للمباني والمساكن والمرافق العامة التي تحد من حركة المعاقين، وتحول دون استفادتهم من هذه المرافق، وهو ما يحول دون تكافؤ الفرص، ومن هنا نستطيع القول ان الاعاقة هي نتاج معوقات بيئية واجتماعية. ولقد تبنت دول الخليج القواعد الموحدة لتحقيق تكافؤ الفرص للمعوقين، التي اوصت بها لجنة الاممالمتحدة لحقوق الانسان الخاصة بالمعوقين، والتي تتضمن التزامات اخلاقية نحو اتخاذ قرارات ووضع تدابير وبرامج تمنح المعوقين فرصاً على قدم المساواة مع المواطنين الآخرين، قواعد تحميهم وتزيل عن كاهلهم كافة الوان التمييز وتوفر لهم الفرص المناسبة لكي يثبتوا قدراتهم ومهاراتهم، إلا ان هذه القواعد لا تجد طريقها للتنفيذ عند بعضهم، اما لأن القائمين على هذه المرافق لا يأخذون هذه القواعد على محمل الجد، ولا يدركون حجم المعاناة التي يفرضونها على المعوقين، او لعدم وجود آلية لمتابعة التنفيذ.