في عالم المخدرات شباب مراهقون.. وكبار تاهت بهم السبل.. أرواح قلقة وبيوت مهدمة لا تعرف الاطمئنان.. كم من فتى أضاع مستقبله.. وكم من فتاة تعيش في عالم المجهول.. قصص وحكايات.. ربما لا تراها ولكن ضحاياها وآثارها واضحة لمن حوار - محمد البدراني يعيشون في دائرة الظلام والوهم.. دائرة المخدرات. ؟تواصل صفحة الأمانة العامة للجنة الوطنية لمكافحة المخدرات حوارها مع المتعافين من الإدمان هم يحكون مرارة أيام التعاطي وما مروا به من ألم وحسرة في عالم الضياع. ليحدثنا أحد التائبين عن حياته قبل وبعد التعاطي وكان معه هذا الحوار: اسمي ج. ي. ف، وأبلغ من العمر 30سنة، وحالتي الاجتماعية أعزب، وطالب جامعي. @ كيف بدأت مأساتك مع المخدرات؟ - بدأت مع أصدقاء السوء والتقليد الأعمى وحب الاستطلاع والتجربة وأتذكر أنني بدأت بجرعة بسيطة من تعاطي حبوب الكبتاجون ولكن مع التكرار والجرعة تلو الأخرى حتى بلغ بي الأمر إلى تناول كميات من هذه السموم إلى أن وصلت إلى فقدات الصحة والأسرة والمجتمع عكس ما كنت اتمناه أن أكون مع التعاطي الإنسان المحبوب المبسوط من دون مشاكل في الحياة ولكن كان العكس تماماً وبقوة. @ ما أبرز صور المعاناة التي تعرضت لها؟ - صور المعاناة أحددها بثلاث نقاط: الأولى فقدت الصحة وهي أعز ما يملك الإنسان، وثانياً الأسرة، فقد أصبحت مكروهاً ومطروداً من البيت وكثير المشاكل مع الأهل بسبب طلبات لا تخطر على بال أحد وإجباري لهم بتلبيتها وقت ما أريد، وثالثها وفيما يتعلق بالناحية العملية فقد خسرت وظيفتي وأصبحت عاطلاً ووحشاً مخيفاً. @ موقف حصل لك وتتمنى من الله ألا يعود هذا الموقف ولا يحصل لغيرك؟ - كنت أبحت عن المخدرات بأي طريقة كانت وحصل ما حصل وأتمنى من الله عز وجل أن يغفر لي ويتوب، أتذكر أن الوالدة رغبت بالذهاب إلى السوق لحاجتها ولم تجد من يوصلها من إخوتي. فطلبت مني وأتت وهي خائفة ومترددة من الوحش النائم وكنت أنا انتظر تلك الفرصة للحصول على أي مادة وقد قلت لنفسي ممكن أن الوالدة تحن علي وتعطيني أجرة المشوار، والوالدة والله لحاجتها الماسة ذهبت للسوق لبيع ما تملك من مجوهرات، وبعد أن شاهدت المبلغ معها بدأت أخطط وأتأخر حتى سمعت الأذان لأتركها بالمسجد وسرقت المبلغ بعد أن تركته معي بالسيارة لأشتري به مخدرات. @ هل حاولت البحث عن علاج؟ - لم أتوقع في يوم من الأيام أن هذا العلاج الذي حاولت أبحث عنه إلا المخدرات، لقد حاول الوالد علاجي عن طريق إدارة مكافحة المخدرات، ولكن لم يحصل ذلك، لأن القناعة والإرادة هي أساس العلاج والحمد لله، وكان بفضل الله ثم بوقفة شقيقي الأكبر معي وتفهمه لمعاناتي تابع حالتي حتى شفيت من الإدمان ولي الآن أكثر من خمس سنوات والفضل له ولوقفاته أدام الله وجوده ووفقه وأسعده في حياته مثل ما أدخل السعادة والحياة في جسدي وهذه أكبر نعمة أعيشها الآن ولله الحمد والمنة. @ رسالتك لمن يظن أن علاج "أي مشكلة قد يواجهها تكون بواسطة المخدرات"؟ - رسالتي وأنا قد خضت هذه التجربة ونجوت منها بعد أن شارفت على الموت وتجرعت ألوان الهموم والعذاب أقول لكل من يفكر بأن المخدرات تحل مشكلة هذا وهم وغلط وبعيد عن المنطق أن تعالج المصيبة في مصيبة بل على قولة المثل (تزيد الطين بلة) ويصبح عندك بدل المشكلة مشاكل لا حل لها وأنت السبب في كل ما حصل وقد تكون هذه المشكلة مستمرة بسبب الوهم والاعتقاد الخاطئ منك بأن المخدرات حل للمشكلة. @ مواقف ندمت فيها؟ - ضعف الوازع الديني الذي جعلني ارتكب وأفعل ما أريد كالذهاب إلى السحرة والمشعوذين والبحث عنهم لحل ما كنت أعانيه من هذه الآفة. وسرقت الأشياء الثمينة من الأهل وكل ذلك من أجل التعاطي وأهم من ذلك تلفظي على والدي وعقوقي لهما وكنت اتلفظ عليهما بألفاظ لا يرضاها أحد ومع ذلك كانا يدعوان لي بالهداية ويبحثان عن علاجي. سفرياتي مع رفقاء السوء للخارج والبحث عن المتعة المحرمة والسعادة الزائفة. @ ماذا تقول للوالدين؟ - أنا أتوسلهما وأقبلهما كل يوم بأن يسامحاني على ما فعلت بهما من عقوق وما سببته لهما من مشكلات وأن يدعوا لي في كل وقت وفي كل صلاة أن يمن الله علي بالتعافي وأسأل الله أن يقدرني على أسعادهما ورضاهما وأن أبدل صفحتي السوداء أيام التعاطي إلى صفحة بيضاء مملوءة بالحب والتفاؤل والاخلاص لهما وأنا أحب والدي ولكن المخدرات هي العنصر الأساسي الذي قادتني لفعل الذنوب والمعاصي وعقوقهما. @ ماذا تقول للمجتمع أقول المخدرات أصبحت أداة يستخدمها الأعداء لتدمير أبناء الوطن وعدته وعتاده وإنا مستهدفون في أمننا ووطننا وعقولنا. فمن وقع فيها مريض يجب عليكم علاجه وتقويمه واصلاحه، لا قمعه وطرده. @ ماذا جنيت من تجربة التعاطي؟ - لم أجن سوى المشاكل وفقدان الصحة والأهل والوظيفة وهذا ليس بجديد فهو معاناة كل متعاط لهذه السموم لعنها الله فضلاً عن السمعة والأموال الطائلة التي تنفقها على التعاطي. @ ما شعورك بعد التعافي؟ - شعوري أدعو الله عز وجل دائماً أن أكون بهذه السعادة بدون تعاطي المخدرات وحققت في التعافي أشياء كثيرة من رضا والدي ومواصلة دراستي الجامعية وحب الناس وأنا أملك اليوم كنزاً ثميناً هو حب المجتمع وتقبلهم لي بعد التعافي ولا أخفيك أنني أعيش سعادة غامرة بعدما أصبحت عضواً فعالاً في المجتمع بعد ما كنت عالة عليه، ويعلم الله أن همي الوحيد هو إنقاذ من وقع في براثن المخدرات لأنني إنسان صاحب تجربة. @ كلمة أخيرة أشكر الله عز وجل أن منّ علي بالتعافي وهداني لطريق الصواب وإنني أعيش اليوم حياة مملوءة بالتفاؤل والسعادة من دون تعاطي للمخدرات وكل دعائي ورجائي من المولى أن يديم علي هذه النعمة وأن يقدرني على رضا والدي وأنصح كل متعاطي أن يتحدى هوى نفسه والشيطان وأن يقول لا للمخدرات نعم للحياة. والشكر لكم انتم على هذا الحوار الذي أسأل الله أن ينفع به.