يساور الدول المنتجة للنفط قلق بشأن تراجع نمو الطلب على الطاقة نتيجة إلى عدد من الأزمات الاقتصادية التي تعصف بالعالم يأتي في مقدمتها انهيار صحة الدولار وتهاوي قيمته أمام العملات العالمية ما شكل ضغطا على القوة الشرائية وتضخما أثقل كاهل المستهلك النهائي ، وفرمل لتنامي الطلب على الطاقة ما قد يتسبب في تكوين فائض في كميات النفط يفضي إلى إغراق السوق ويؤدي إلى انهيار الأسعار. وبالرغم من الارتفاع الحالي في أسعار النفط سيساهم في زيادة مدخولات الدول المنتجة للنفط ما أفضى إلى التوسع في الاستثمارات البترولية وبالتالي زيادة الطاقة الإنتاجية وضخ مزيد من النفط إلى أسواق الطاقة الا أن انخفاض الدولار أثر بصورة مباشرة على تآكل هذه المدخولات المالية وقلص من الريع الذي تجنيه الدول النفطية جراء تطوير ثرواتها الطبيعية. الدول المنتجة للنفط والتي تسعى إلى إنفاق حوالي 500مليار دولار خلال السنوات الخمس القادمة كاستثمارات في مجال تطوير صناعة النفط تخشى أن يؤثر تراجع نمو الطلب على تدفقاتها النفطية إلى أسواق الطاقة وبالتالي تدهور الأسعار إلى مستويات تجعل هذه الاستثمارات غير مجدية اقتصاديا وهذا ما جعل الشركات النفطية الكبيرة تدرس بعناية جميع المعطيات لمستقبل الطاقة ورسم الخطط وفقا لهذه المعطيات التي تتصف بالضبابية نظرا لعدم وجود خارطة للاستهلاك توضح الرؤية بجلاء لمخططي صناعة النفط. تراجع النمو الاقتصادي في الدول الصناعية للعام الحالي والعام الماضي ينبئ بانكماش الطلب على مصادر الطاقة يسانده في ذلك الارتفاع في أسعار النفط والذي بلغ مستويات قياسية تقترب من 120دولاراً للبرميل ومع أن النفط من السلع التي ممكن أن تعطي قيمة مضافة عند تكريرها ليصل سعر البرميل إلى أكثر من 500دولار وتصبح الزيادة طرديا مع تنامي أسعار النفط الخام إلا أن ذلك سيحد من التوسع في استهلاك النفط وبروز وفرة في الإمدادات ستضغط على الأسعار في المستقبل. منظمة الأوبك التي تزود العالم بحوالي 40% من احتياجاته من الطاقة ترى أن تباطؤ الاقتصاد الأميركي وزيادة خطر الكساد وما لذلك من آثار على المستوى العالمي تنذر بتراجع الطلب في الفترة المقبلة، مشيرة إلى أن توقع نمو الطلب في الصين والهند بخطى نشطة إلا أنه دون المعدلات التي سجلت العام الماضي. وقال كبير محللي سوق النفط في منظمة البلدان المصدرة للنفط أوبك بور جيدي إنه يتوقع أن ينمو الطلب العالمي 1.2مليون برميل يوميا في العام الحالي، وهو نفس معدل النمو عام 2007مع احتمالات للتراجع في الطلب خلال هذا العام جراء التباطؤ الاقتصادي وعوامل تتعلق بالمناخ والأثر السلبي للأسعار المرتفعة على طلب وقود النقل وتوقع نمو إمدادات المعروض من خارج أوبك وإنتاج الإيثانول وغيره من مصادر الطاقة غير التقليدية بمقدار 1.4مليون برميل يوميا لتتجاوز الطلب وهو ما سيؤثر سلبا على أسعار البترول. ويلاحظ أن نمو الناتج المحلي لشراء الطاقة في العالم تراجع من نسبة 5.4% عام 2006م إلى نسبة 5.3% عام 2007م ثم انحدر إلى نسبة 4.6% في عام 2008م وجاءت في مقدمة الدول التي تنمو بشدة في شراء الطاقة الصين التي قفز نموها العام الماضي إلى نسبة 11.4% من 11.1% عام 2006م غير أنه من المتوقع أن ينخفض إلى 9.9% خلال عام 2008م. وجاءت دول منظمة الاقتصاد والتنمية الأوروبية من أقل دول العام نموا في شراء الطاقة بنسبة 3.1% لعام 2006م ثم هبطت النسبة إلى 2.7% عام 2007م ومن المتوقع أن تصل إلى نسبة 2% خلال العام الحالي 2008م نتيجة إلى تباطؤ نمو الاقتصاد. وقد شهد عام 2004م أعلى نسبة في نمو الطلب على النفط حيث بلغت 3% ثم تراجعت إلى 1.3% عام 2005م وتابعت الانحدار إلى 0.9% عام 2006م بعد ذلك عاودت الارتفاع إلى نسبة 1.2% عام 2007م و2008مUR