كثيرون هم الذين دخلوا في مغامرة كتابة قصص الرعب والخيال، لكن هذا النوع من الأدب يدين بالفضل الكثير للكاتب الأمريكي (ستيفن كينج) الذي كان أكثرهم عمقاً وثقافة، وأقدرهم على الابتكار والتجديد. بدأت علاقة هذا الكاتب الغريب مع السينما والتلفزيون منذ أواخر السبعينات تقريباً عندما ترجم المخرج براين دي بالما روايته (Carrie) وحولها إلى فيلم سينمائي عام 76، لكن بداياته مع النجاح والشهرة كانت مع المخرج الكبير ستانلي كيوبريك في فيلم (إشعاع-The Shining) عام 1980الذي أصبح أحد كلاسيكيات الرعب، ثم استمر هذا النجاح مع المخرج (روب راينر) الذي حوّل قصتين من قصصه إلى السينما ونجح فيهما نجاحاً باهراً، كان أولهما الفيلم الطفولي العميق ( stand by me ) عام 86، ثم تلاه بفيلم الرعب (بؤس- Misery) عام 90، بينما كانت التجارب الأخرى التي سبقت هذين الفيلمين وتلتهما أعمالاً هابطة ورخيصة وتفتقد للعمق التي تتميز بها عادةً قصص وروايات كينج، حتى جاء المخرج (فرانك داربونت) الذي أذهل النقاد والجمهور بالفيلم الساحر (إصلاحية شوشانك- Shawshank Redemption) عام 94والذي يحكي قصة رجل (قام بدوره الممثل تيم روبنز) يحاكم بجريمة قتل زوجته التي خانته مع رجل آخر، وهناك في السجن يتعرف على عالم آخر من الناس. بعدها تكررت التجربة بقصة أخرى من قصص كينج تدور أحداثها أيضاً في سجن لكن من نوع آخر في فيلم (الميل الأخضر-The Green Mile) عام 99وكان من بطولة النجم توم هانكس. في عام 2007كان اللقاء الثالث الذي يجمع بين ستيفن كينج وفرانك داربونت الذي اقتبس واحدة من أواخر رواياته وهي (السحاب- The Mist). هذا الفيلم يحكي قصة مدينة تهاجمها أسراب من الحشرات العملاقة التي تكونت إثر عمليات تجارب بيولوجية تقام في المنطقة الجبلية في أعالي البلدة، وتدور القصة حول رجل يصطحب ابنه للتبضع في (سوبر ماركت) البلدة وهناك تبدأ السحب بالتجمع حتى تغطي المكان، وتحجب الرؤية عن الجميع، ويبقى الرجل وابنه مع كل من في المكان، محبوسين داخل السوبر ماركت لا يستطيعون الحراك، وينتظرون أي بادرة للمساعدة، لكن لا شيء يحدث.. ثم تهاجمهم أسراب الحشرات المتوحشة وتبدأ بعدها غريزة الصراع من أجل البقاء. في الحقيقة مثل هذه القصص قد نجد أمثالها الكثير في الأفلام الأمريكية، لكن تناولها من قبل كينج أضفى عليها طابعاً سوداوياً عميقاً بعيداً عن الكلاشيهات الهوليوودية المعتادة، وأيضاً لا ننسى الجهد الواضح واللمسة الإخراجية الراقية التي أضافها داربونت الذي يستند على نجاحين متتاليين مع ستيفن كينج، تتوج هذه المرة بنجاح آخر لكنه أخف وتيرةً من نجاحاته السابقة.