موقع الفايسبوك الالكتروني هو أكبر وأشهر ظاهرة على شبكة الإنترنت اليوم وأسرع مواقع شبكات الترابط الاجتماعي الالكتروني نمواً ومن شدة نجاح الموقع وجاذبيته لدى مستخدمي الإنترنت في العالم أجمع ومن شدة ربحيته وخصوصاً في السنتين الماضيتين فقد جاء اسم مؤسسه (مارك زوبيرك) ضمن قائمة أغنى مائة شخص بالعالم التي تم الإعلان عنها مؤخراً بل انه جاء في القائمة كأصغر بليونير في التاريخ. فكيف إذن بدأ كل شيء بالنسبة للفايسبوك وبالنسبة ل (زوبيرك) نفسه؟ وكيف وصلا إلى ما هما عليه اليوم؟ لقد أسس (مارك زوبيرك) موقع The Facebook في فبراير 2004م عندما كان طالباً بكلية الهندسة بجامعة هارفارد الأمريكية. وفي البداية كانت العضوية بالموقع مقصورة على زملائه من طلاب الهندسة بجامعة هارفارد ولكن بحلول نهاية الشهر الأول من عمر الموقع كان أكثر من نصف طلاب الجامعة ككل قد انضموا إلى الموقع. وعندئذ انضم (داستين موسكوفيتش) و(كريس هيوز) صديقا (زوبيرك) المقربان، إلى العمل بالموقع للمساهمة في ترويجه وتطويره. وسرعان ما توسع الفايسبوك ليشمل أيضاً طلاباً من جامعات ستانفورد وكولومبيا ويال في مارس 2004م وفي الشهر الذي يليه فتح الموقع أبواب عضويته أمام طلاب جامعات ماساشوسيتس وبوسطن وآيفي وغيرها من الجامعات الأمريكية المرموقة. وبحلول نهاية العام الأول في تاريخ الفايسبوك كان الصديقان (زوبيرك) و(موسكوفيتش) قد انتقلا بشركتهما إلى منطقة بالو آلتو بوادي السيليكون بولاية كاليفورنيا، وبالتالي انتقلت شركتهما إلى معقل عمالقة صناعة البرمجيات والالكترونيات العالميين مثل إنتل وآي بي إم وكومباك وديل. وعند انتقالهما إلى ذلك الموقع الجديد انضم إليهما في إدارة الشركة صديق جديد هو (آندرو ماكولام) الذي كان قد أنهى للتو دورة تدريبية بشركة الكترونيك آرتس للبرمجيات والألعاب الالكترونية مباشرة عقب تخرجه من هارفارد. وفي يونيو 2005م تلقت الشركة منحة مجانية قدرها نصف مليون دولار من (بيتر ثيل) أحد المشاركين في تأسيس موقع "باي بال" Pay Pal الشهير المتخصص في إجراء عمليات تحويل الأموال عبر الإنترنت. ولا شك ان هذه المنحة المجانية، التي منحها (ثيل) لأعضاء فريق الفايسبوك لاعجابه بقدراتهم ولرغبته في توطيد أواصر الصداقة بينه وبينهم لاستثمار تلك الصداقة مستقبلاً على نحو يدر عليه أرباحاً مضاعفة (وهو ما كان بالفعل على ما سنرى لاحقاً) قد ساعدت الفايسبوك بشدة وجعلته مهيئاً للانطلاق بشكل حقيقي لمناطحة الكبار في صناعة الشبكات الاجتماعية الالكترونية. وفي مايو 2005م نجحت الشركة في تحصيل 12.8مليون دولر كرأس مال إضافي من شركة "اكسيل للاستثمارات" Accel Partners. وفي أغسطس من العام نفسه اشترت الشركة العنوان الالكتروني facebook.com وتغير اسم الشركة من Thefacebook إلى Facebook، وتجدر الإشارة إلى ان عملية شراء العنوان الالكتروني تلك قد كلفت الشركة 200ألف دولار لأن العنوان كان محجوزاً في الأصل لإحدى شركات مستحضرات التجميل. وعندما حلت نهاية العام 2005م كان الفايسبوك مستمراً في رحل النمو والوسع الهائلين التي بدأها منذ نشأته، وكانت العضوية بالموقع قد تحولت إلى ظاهرة متسارعة الانتشار بين طلاب مختلف الجامعات الأمريكية والبريطانية والمكسيكية والاسترالية والكندية والإيرلندية والنيوزيلاندية. وفي مارس 2006م أفادت مجلة بيزنس ويك الأمريكية بأن ثمة استحوازاً محتملاً على الفايسبوك قد يتم في أي لحظة بقيمة إجمالية للصفقة لن تقل عن 750مليون دولار، دون ان تشير إلى الطرف الذي ربما يكون وراء صفقة الاستحواز تلك (بيد ان تلك الصفقة المزعومة لم تتم أبداً)، ثم شاعت أخبار بعد ذلك تفيد بأن تلك الصفقة لن تتم لأن مسؤولي الفايسبوك لا يرغبون في اتمامها بأقل من بليوني دولار. وفي مطلع ابريل 2006م ضخ السيد (ثيل) مبلغ 25مليون دولار إضافية كاستثمار جديد في الشركة بعد ان لاحظ ان معدل العائد على الاستثمار فيها هو في ارتفاع مستمر. وفي نفس الشهر فتح الفايسبوك باب عضويته أمام طلاب المرحلة الثانوية في أمريكا وعدة دول غربية، كما تم فتح باب العضوية أمام العاملين بعشر شركات أمريكية كبرى معظمها من شركات وادي السيليكون. وفي العام نفسه دخل الفايسبوك إلى السوق الهندية بقوة وحقق شعبية كبيرة بين طلاب جامعاتها في فترة وجيزة كما عقدت الشركة اتفاقية تعاون مع شركة آبل للحاسبات كان يتم بمقتضاها تقديم 25أغنية مجانية شهرياً لأعضاء الفايسبوك الذين يملكون أجهزة الايبود الموسيقية ليقوموا بتشغيلها على تلك الأجهزة وفي أغسطس من العام نفسه قدم الموقع خدمة جديدة للتدوين وكتابة المذكرات والخواطر هي خدمة Facebook Notes وهي خدمة قابلها المدونون وكتاب أعمدة الرأي بترحاب كبير، خاصة وان الموقع أتاح لمستخدمي تلك الخدمة استيراد أو اقتباس مدوناتهم السابقة من مواقع التدوين الأخرى الأقدم مثل بلوجسبوت Blogspot. وقبل ان ينتهي العام 2006م، وتحديداً في شهر سبتمبر من ذلك العام، حقق الفايسبوك أهم نقلة نوعية في تاريخه بأن فتح باب عضويته أمام جميع مستخدمي الإنترنت حول العالم بشرط ان يكون لديهم عنوان بريد الكتروني وان يكون عمرهم قد تجاوز الثالثة عشرة وبذلك توسع الموقع توسعاً عالمياً حقيقياً وسرعان ما أصبح مزاراً يومياً للغالبية العظمى من مستخدمي الشبكة حول العالم. وبداية من العام 2007م بدأ الموقع يركز على تطوير المزيد من التطبيقات التي توفر لمستخدميه خدمات ترفيهية وتثقيفية واجتماعية مختلفة كما بدأ الموقع منذ منتصف العام نفسه يتيح الفرصة أمام مطوري البرمجيات المستقلين لتطوير تطبيقاتهم الخاصة وادماجها لاحقاً في الموقع، وبذلك تنوعت تشكيلة الخدمات والتطبيقات التي يقدمها الفايسبوك على نحو لافت، بحيث أصبح الموقع يقدم لمشتركيه خدمات تجارية وترفيهية وتعليمية فضلاً عن خدمة الترابط الاجتماعي والتشبيك Networking التي هي بمثابة لبه ومادته الرئيسية. وفي الوقت نفسه بدأ الموقع يعرض إعلانات تجارية مشتقة من شبكة مواقع جوجل، كما بدأ الموقع يقدم خدمة الهدايا التخيلية غير المجانية وبطاقات المعايدة الالكترونية ذات الأسعار الرمزية، ولا شك ان هذا كله أسهم في تعظيم أرباح الموقع بشدة. ورغم محاولات شركتي ياهوو وجوجل شراء الفايسبوك في العام الماضي بقيم إجمالية وصلت في بعض الأحيان إلى بليوني دولار أو ما فوق ذلك، فقد أكد (زوبيرك) مراراً أنه لا يعتزم التفريط في موقعه أبداً، وان كان قد ألمح إلى ان تقديره لقيمة الفايسبوك الحقيقية يصل إلى نحو ثمانية بلايين دولار نظراً لما هو متوقع من الموقع ان يدره من تدفقات نقدية مستقبلية متعاظمة بداية من العام 2010م الذي سيشهد - حسب تخمينات كبار محللي وخبراء الإنترنت - تحول الفايسبوك إلى محتكر شبه مطلق لخدمات الترابط الاجتماعي غير القائمة على هيئة برامج المحادثة الفورية مثل الياهو وميسنجر والام اس ان. إن تأمل قصة نجاح شاب مثل (زوبيرك) من شأنه ان يعطي كل شاب في العالم أملاً في غد أفضل يحققه بجهوده وبأفكاره الخلاقة.