أغلقت الشرطة والقوات الصينية عاصمة التبت امس الأحد في الوقت الذي ظلت فيه التوترات متصاعدة بعد يومين من احتجاجات عنيفة على الحكم الصيني والتي زعمت حكومة التبت في المنفى انها أسفرت عن سقوط 80قتيلا. وقالت سيدة أعمال من التبت في مكالمة هاتفية من لاسا "نحن لا نجرؤ على الخروج. لا نجرؤ على فعل أي شيء. هناك قدر كبير من التوتر." ولاسا مدينة نائية تقع على مكان مرتفع من جبال الهيمالايا لا يمكن أن يصلها الصحفيون الأجانب دون إذن رسمي.وتحدثت لفترة قصيرة فقط شأنها شأن سكان آخرين اتصلت بهم رويترز وطلبوا عدم ذكر أسمائهم خشية العقاب في مدينة شهدت في الأسبوع الماضي أسوأ أعمال شغب وحوادث إطلاق رصاص منذ نحو 20عاما. والتبت واحدة من المناطق المضطربة المحتملة بالنسبة للحزب الشيوعي الحاكم في وقت تتركز فيه الانظار على الصين. ويساور الحكومة القلق إزاء آثار التضخم والفوارق المادية بين السكان على الاستقرار الاجتماعي بعد سنوات من نمو اقتصادي سريع للغاية وقالت هذا الشهر إنها أحبطت مؤامرتين إرهابيتين دبرههما أفراد من أقلية اليوغور في منطقة سنكيانغ في شمال غرب الصين احداهما محاولة لإفساد دورة الألعاب الأولمبية. وأعلنت "حرب شعبية" من الأمن والدعاية على دعم الدالاي لاما الزعيم الروحي للبوذيين في التبت وأبرزت أنها لم تستجب لمطالب من أنحاء العالم بالتعامل برأفة مع أعمال الشغب. وأبدت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس قلقها خلال تصريحات السبت قائلة إن العنف يستمر فيما يبدو وحثت بكين على "الإفراج عن الرهبان وغيرهم ممن تم احتجازهم فقط من أجل التعبير السلمي عن آرائهم". ودعت الهند التي يقيم فيها الدالاي لاما إلى إجراء حوار وتبني أساليب غير عنيفة. وقالت امرأة على اتصال برجل أعمال في لاسا إن الشوارع تعج بأفراد الشرطة المسلحين بمعدات مكافحة الشغب بعد تردد أنباء عن تجدد الاشتباكات الليلة قبل الماضية حيث هاجم مسلمون صينيون ينتمون لمجموعة هوي العرقية أبناء التبت ردا على هدم منازلهم وممتلكاتهم. وأضافت "بدأ أبناء التبت يردون الهجوم ولكن القوات تدخلت في ذلك الحين وأعادت النظام".ولم يتسن التحقق من تجدد القتال.وزعمت حكومة التبت في المنفى التي لا تعترف بها الصين والتي تتخذ من شمال الهند مقرا لها إن 80شخصا لقوا حتفهم في اشتباكات وإن 72أصيبوا.ولكن وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) قالت إن 10"مدنيين أبرياء" قتلوا أغلبهم في حرائق أشعلها مثيرو الشغب وإن 12شرطيا أصيبوا بجروح خطيرة. ولم يتضح إن كان أي منهم قد قتل بالرصاص. وانطلق الرهبان البوذيون إلى الشوارع يوم الاثنين في ذكرى مرور 49عاما على انتفاضة سابقة وسرعان ما انتقلت الاحتجاجات إلى المناطق المجاورة التي يسكنها تبتيون. وفي لاسا أحرق محتجون - بعضهم كان يرتدي أزياء الرهبان وردد البعض الآخر شعارات مطالبة بالاستقلال - السيارات وهاجموا البنوك والمكاتب واستخدموا الحجارة والمدي في مواجهات مع الشرطة .وتشير السلطات الصينية الآن إلى أنها تشن حملة شاملة لتشديد الأمن في المنطقة ومهاجمة التأييد العام للدالاي لاما الذي فر إلى المنفى عام 1959بعد انتفاضة فاشلة في ذلك العام. ونقلت صحيفة تبت ديلي الرسمية امس عن مسؤولين إقليميين وأمنيين قولهم بعد اجتماع أنهم يعلنون "خوض حرب شعبية لمواجهة الانفصالية وحماية الاستقرار... كشف الممارسات الدنيئة لتلك القوى وإدانتها وكشف الوجه القبيح لعصبة الدالاي وجعله واضحا وضوح الشمس". وقالت وسائل اعلام حكومية ان الزعيم البوذي للتبت الذي تؤيده الصين ادان اعمال الشغب التي هزت لاسا لكنه تجنب فيما يبدو توجيه انتقاد مباشر للدالاي لاما المنفي. ويحتل البانتشين لاما المرتبة الثانية بعد الدالاي لاما في الترتيب البوذي في التبت.وبعد وفاة البانتشين لاما العاشر عام 1989قامت بكين والدالاي لاما باختيارين مختلفين لمن يخلفه. واختار الدالاي لاما طفلا في السادسة من عمره لكنه اختفى بمعرفة السلطات الصينية. وقالت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) إن جيالتسين نوربو ( 18عاما) الذي كانت اختارته الصين ليخلف البانتشين لاما العاشر أيد الحكومة في ادانتها للاحتجاجات التي أدت إلى اندلاع حرائق في متاجر وعربات في اجزاء من لاسا عاصمة التبت.ونقل تقرير بالانجليزية عنه قوله من لاسا "لم تضر أعمال المشاغبين فقط بأهداف الأمة والشعب ولكنها انتهكت أيضا هدف البوذية.وأضاف: "ندين بشدة أعمال مجموعة صغيرة من الاشخاص للاضرار بحياة وممتلكات الناس".وقالت السلطات الصينية ان الدالاي لاما هو الرأس المدبر للاحتجاجات. وفي سيشوان، قالت ضابطة شرطة صينية إن حوالي 200من المحتجين التبتيين ألقوا قنابل حارقة واحرقوا مركزا للشرطة في مقاطعة بجنوب غرب البلاد امس. وقالت الضابطة التي كانت تتحدث مع وقوع المبنى الرئيسي للحكومة في مقاطعة أبا باقليم سيشوان تحت الحصار (لرويترز) ان المحتجين ألقوا الحجارة فأصابوا عددا من قوات الامن بجروح. واوضحت ان قوات الامن اطلقت قنابل الغاز لتفريق الحشد واعتقلت خمسة اشخاص. واقليم سيشوان هو احد اربعة اقاليم صينية يسكنها عدد كبير من مواطني التبت على الحدود مع اقليم التبت الواقع في جبال الهيمالايا. من جانبه، طالب الدالاي لاما بتحقيق دولي حول اعمال العنف وفق الحكومة في المنفى منددا ب "الابادة الثقافية" الحاصلة فيه. وقال الزعيم الروحي للبوذيين التيبتيين خلال مؤتمر صحافي عقده في منفاه في دارامسالا (الهند) "ارجوكم اجروا تحقيقا اذا كان ذلك ممكنا.. لتحاول هيئة دولية التحقيق في الوضع في التيبت". واضاف "تحصل ابادة ثقافية هناك، اكان ذلك متعمدا ام لا" مؤكدا ان التيبتيين يعاملون "كمواطنين من الدرجة الثانية".