"ليالي العيد تعرف من عصاريها" هذا المثل العامي الجميل كان هو الأدق وصفا لحال الهلاليين ليلة الجمعة.. فكل شيء كان يقول بأن مساء ذلك اليوم طلي بلون أزرق أخفى معه كل الألوان.. لأن نتاج العمل حتما ستظهر.وكما قلنا حين ودع الزعيم البطولة الآسيوية بأن لا بطولة دون مهر هاهو الهلال يقدم مهر واحدة من أحلى البطولات بالعرق والجهد. لم تكن إحدى الدلالات على أن ذلك المساء سيكون أزرق كون الخصم هو الاتفاق وكما ظنّ البعض بأنه سيكون ندا سهلا للهلال.. بل على العكس تماما فأبناء الاتفاق تعودوا على صعود المنصات ولم تغب شمس البطولات عن صحاري فارس الدهناء السنوات الماضية بل تشرّب هذا النادي الأصيل لغة البطولات حتى أنه أثار التشاؤم في أنفس الهلاليين بطريقة تحدث لأول مرة.. ولم يخالجهم الأطمئنان إلا بعد أن شاهدوا بأم أعينهم نتاج العمل والذي أجيّره بكل ثقة لمدرب الفريق كوزمين أولاريو دون أن أهضم للآخرين حقهم ولكن عمل هذا المدرب (كان غير) كما كان يردد الهلال بأن هذا "المساء" غير.. في الموسم الماضي حدثت تخبطات عجيبة تسبب بها الهلاليون أنفسهم تسببت في ضياع لقب الدوري وهزموا فريقهم بمعسكر الأربعة أيام الخارجي.. عرفوا خطأهم بعد فوات الآوان فلم يكونوا بحاجة لكل هذا التعقيد مع لغة كرة القدم أسهل لغة في العالم اليوم فلا حاجة لمعلقين ومحللين حتى يعرف المشجع العادي أي الفريقين هو الأفضل.. لغة كرة القدم بسيطة تحتاج فقط لمن (يفهمها).. وفي ناد عريق كالهلال كل الفرص مهيأة لأن يحقق البطولات من أقصر الطرق حتى وإن تعرض لعوامل (خارجية) مؤثرة كضغط المباريات أو تأجيلها.. فلم تكن كل تلك الأحداث عائقة في يوم من الأيام أمام المارد الهلالي لتحقيق البطولات.. لأن مشاكل الهلاليين دائما ما تأتي من الداخل ولمن يريد أن يلمس الفرق بين الموسمين الماضي والحالي عليه أن يدرس التحركات الإدارية والتي أصمتت هدير الموج الأزرق بالتخبطات الفنية وكثرة التصاريح دون عمل ملموس.. ومع تحسن الأوضاع نسبيا هذا الموسم استحقت إدارة الهلال الثناء وجلبت أول بطولة محلية.وعودة إلى ذلك "المساء" والذي اهتم فيه الهلاليون بكل التفاصيل كبيرها وصغيرها.. بدءا من التصاريح المتزنة والمعسكر الفعّال والدعم الشرفي الجيد وتقدير كبير للخصم فأهداهم الكاسر هدفا كاللدغة في مرمى السلمان.. وما أكثر مكاسب الهلاليين في تلك الليلة حين أكدوا أن الذهب لا يمكن أن يغيب عن خزائنهم أو يجافيهم موسمين متتاليين وأعلنوا عن مولد نجم لن يتكرر في نهائي كالحلم ظهر بثقة الكبار وبلغة الواثق كاد أن يسجل هدفا تاريخيا.. "أحمد الفريدي" سيكون صانع الفرح الهلالي متى ما حافظ على نفسه وطوّر الهلاليون موهبته. تلك العبارة التي حملتها القمصان الهلالية ( إلا رسول الله) تكشف سر تألق هذا النادي وتمسك أبناء هذا الوطن بثوابتهم وحققت أصداء إعلامية كبيرة في الوطن العربي تستحق معها أن نقول لمقترحها ومنفذها.. شكرا شكرا وألف شكر من الأعماق. وذلك العملاق البرازيلي تفاريس يؤكد المرة تلو المرة بأن اللاعب الأجنبي ليس كما يصوّر بأنه ماديّ ويقدم المصلحة الذاتية على الجماعية.. ومتى ما وجد الأرضية الخصبة والتعامل الجيد فهو قادر على إظهار الوفاء والولاء كما فعل قبل سنوات وفاءً منه لسعد الدوسري رحمه الله وكذلك في (احتفائيته) الخاصة بالنهائي الكبير والتي أتت أيضا على (وفائية) لقائد الفريق السابق سامي الجابر والذي يغيب اسمه لأول مرة عن بطولات الهلال في تسعة عشر عاما خلت.. وهناك المحترف الاخر طارق التائب الذي ردّ على كل المشككين وأثبت بالدليل القاطع أنه أفضل محترف مرّ على الملاعب السعودية ومعه عاد الإمتاع في كرة القدم السعودية لأنه يرفض أن يسلك نهج غيره بمقولة (المهم مرر) فالتائب له لغة خاصة تقول (كيف تمرر). أمام الهلال كغيره من الأندية موسم طويل حافل بالمنافسات وجماهيره تمني النفس بأن يكتسح كل البطولات كما فعل قبل ثلاثة مواسم.. ولاعبو الهلال كانوا مدركين لهذا الأمر في تصاريحهم حتى وهم في غمرة أفراحهم ولكن موجة الاعتزالات التي طغت بعد المباراة مباشرة سواء من اللاعبين أو الإداريين تثير التساؤل وأن هناك نوايا مبيتة لهذا الأمر وحتى الشلهوب النجم الذي عانى كثيرا وصمد كثيرا يطلب الراحة إلى نهاية الموسم فماذا كان يدور في خاطره ولماذا إختار هذا التوقيت بالذات.. الإجابة لدى الإدارة الهلالية دون غيرها