مرت أشهر الصيف الخاملة، الناس سافرت وعادت، المدارس بدأت، ستعود الحياة إذن، ما أسعدني! هناك أقدام أخرى بدأت تدخل وتدوس أرضي، جاء امرأة ورجل، سمعت عبدالعزيز عشر الفنان الذي يديرني يتحدث معهما، صاروا يلمسون زواياي وأعمدتي، رقصت بداخلي، هذا يعني أن هناك معرضاً قادم. بدأ عبدالعزيز يحرك بعض الحوائط، وبدأ فنانون يأتون ويحملون لوحاتهم التي تركوها من المعرض الماضي. بدأ نزع المسامير وتبييض الجدار عند المدخل، كنت فرحاً بهذا الدلال الذي أحظى به، أحضرت الفنانة هناء حجازي لوحاتها، رصوها على الجدار واحدة بجوار الأخرى وصاروا يتأملوها، حددوا المكان الذي سيتم تعليقها فيه، بعدها بيوم أحضر عبدالله إدريس نصف لوحاته، بدأ عبدالعزيز في دق المسامير وتعليق اللوحات، ها أنا أصبح عريساً من جديد، وهذه اللوحات تزين جدراني، والأنوار تضيء اللوحات، والكون يصبح جميلاً ومزداناً بالألوان المرسومة على الأقمشة، وأنا أضم كل ذلك داخلي. هناء تسأل عبدالله متى سيحضر باقي اللوحات، وهشام يطمئنها أن كل الأمور ستكون بخير وأن هذه طبيعة عبدالله، يأتي الخطاط كي يلصق على جداري الأبيض قصيدة محمد الثبيتي أغانٍ قديمة لمسافر عربي، لم يقم أحد من قبل بذلك، أشعر بالفخر لأن جداري يحمل كلمات هذا الشاعر العظيم. يوم الافتتاح وضعوا ورداً على بابي، وطاولة، رصّوا عليها دلال القهوة والتمر والشوكولاتة التي أحضرتهم د. رذاذ صديقة هناء، وكيك أحضرته الفنانة خلود العمري تحية للفنانين، بدأ الزوار يتوافدون، بدأت باقات الورد المهداة من الزوار تزين المكان، أشعر بفرحة هناء من حركتها التي لا تهدأ، جاء الضيف الذي سيفتتح المعرض، د. عبدالعزيز خوجة، الشاعر، الوزير، السفير، وألقاب أخرى، دخل وجاء ناس كثير للسلام عليه، وضعوا الشريط في مدخلي وقام معاليه بقصه بعد أن طلب من هناء وعبدالله وعبده خال مشاركته في قصه. الناس في كل مكان، يتأملون القصيدة وهناء تشير إلى الموضع الذي اقتبسوا منه عنوان المعرض، قد نفنى وقد نصل. افتتاحات المعارض عرسي الذي أنتشي به، بعد أن ينتهي، أرتاح قليلاً ونبدأ من اليوم التالي في استقبال الزوار، زوار هذا المعرض بعد أن يمروا على جدراني يتأملون اللوحات، يجلسون في الوسط، ويبدأ نقاش في مواضيع ثقافية مختلفة، كل يوم هناك موضوع ما يتحدث فيه الزوار مع الفنانين. أشعر بسعادة هناء مع زوارها، أهلها وأصدقائها، أشعر بها تكاد تطير مع كل كلمة إطراء، يقف عبدالله بوقار، يتحدث إلى الزوار ويناقشهم في آرائهم، يسمع منهم أكثر من أن يتحدث معهم. يقفون أمام لوحاتهم ويلتقطون الصور، أشعر أنا بالفخر!