في يوم 16 مارس عام 2020 كنت طالبًا مبتعثًا في دولة كندا لنيل الدكتوراة في جامعة ويسترن أونتاريو، والتي قررت إرسالي إلى مركز أبحاث البنية التحتية والطاقة في جامعة شفيلد العريقة ببريطانيا، وذلك لإكمال مشروع بحثي مهم. لم أكن أعلم حينها أن هذا القرار سيتزامن مع حدث عالمي غير مسبوق أربك العالم (أزمة كورونا)، حيث بدأت الدول تقفل أبوابها أمام العالم بسببها. في تلك الأثناء بينما لزم الجميع بيوتهم خشية أن يصابوا بالفيروس، ألقى بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطاني خطابًا مريعًا للشعب البريطاني وقال فيه كلمة أثارت ذعر المواطنين: "ستفقدون أحباءكم". كانت تلك الكلمة بمثابة تحذير قاس بأن الأمور ستزداد سوءًا. بالفعل، أغلقت الجامعات البريطانية أبوابها. وتتابعت إلي الأخبار السيئة، وجدت نفسي في موقف صعب؛ كنت في بلد أجنبي، ولم تكن لدي خطة واضحة للعودة، خصوصًا بعدما أغلقت مطارات المملكة العربية السعودية مثلها مثل باقي الدول. أدركت أن الوضع يتطلب اتخاذ قرارات سريعة، فتحت بريدي الإلكتروني الشخصي بارتباك يسير، وكنت أعلم أن اللحظة تتطلب رباطة جأش وتحملًا، كما علمتني الحياة، استذكرت بيتًا من الشعر للشاعر الكبير خلف بن هذال: "ولاتبرك لحملٍ ما معك في شيلته طاقه ولامنّك بليت ارتك لشيل الحمل وتشيله" في تلك اللحظة، كان الحل الأقرب لي هو العودة إلى كندا، حيث كانت مقر دراستي الأساسي، ولكن عندما بحثت في الأمر، اكتشفت أن كندا قد أغلقت مطاراتها أمام غير الكنديين، كان عليّ التصرف بسرعة وقتها، فتواصلت فورًا مع الملحقية الثقافية السعودية في سفارة خادم الحرمين الشريفين بعاصمة كندا، أوتاوا، حيث كنت على يقين بأنهم سيكونون على دراية بكيفية التعامل مع مثل هذه المواقف المعقدة. لم تمر دقائق حتى وصلني اتصال هاتفي من سعادة د. فوزي بخاري -حفظه الله- مطمئنًا على حالتي ومؤكدًا لي أنهم سيفعلون كل ما بوسعهم لتأمين عودتي سالماً. وكان لدى سعادته حس وطني عالٍ وتواصل فعّال مع جميع المبتعثين، وكان يقف مباشرة على أوضاعهم. زودني برقم سفارة خادم الحرمين الشريفين في لندن، وطلب من موظفي السفارة في أوتاوا متابعة وضعي عن كثب حتى يتم تأمين عودتي. بينما كنت أتواصل مع السفارة السعودية في لندن، تم توجيهي للإقامة في فندق داخل مطار هيثرو بلندن، مخصص للمواطنين السعوديين. كانت السفارة قد نظمت سكنًا مدفوع التكاليف ومجهزًا بكافة الخدمات الضرورية حتى تتيسر عودتنا إما إلى أرض الوطن أو إلى مدينة دراستي بكندا، بحسب ما تتيسر الأمور. وأنا أتذكر هذا الموقف الذي مر عليه أربع سنوات، يتملكني الفخر والاعتزاز بما تقوم به حكومة خادم الحرمين الشريفين، سيدي الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، من جهود مستمرة لتطوير واستثمار أبناء الوطن، وضمان أمنهم وسلامتهم ورفاهية المواطن السعودي سواء في الداخل أو الخارج. وفي الختام، أتقدم بالشكر الجزيل لحكومة مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، على ما يقدمونه دائماً من تسهيلات وتيسير لكل ما يهم المواطن في الداخل والخارج. ولا يفوتني أن أشكر جامعة القصيم على دعمها اللامحدود فترة الابتعاث والشكر موصول لسعادة د. فوزي بخاري وجميع القائمين على الملحقية وسفارة خادم الحرمين الشريفين في كل من كندا وبريطانيا على ما لقيته منهم من رحابة صدر وخدمات جليلة. كل عام ومملكتنا الحبيبة بخير وتقدم وازدهار. د. يزيد بن عبدالله الشريدة