تتوج مئذنتان بارتفاع 26مترا بلدة رندسبورج الصغيرة الواقعة في ولاية شليزفيج هولشتاين شمال ألمانيا ولكن هذا الامر لا يثير ضيق سكان المدينة التي يقطنها 30ألف نسمة. وبينما تشهد مدينة كولونيا صراعا ثقافيا حادا حول بناء مسجد جديد في ضاحية ارينفيلد أدى إلى تشكيل جماعات يمينية متطرفة مناهضة للاسلام، لا يستقبل أندرياس برايتنر عمدة رندسبورج أي مكالمات ساخنة بسبب بناء المسجد الجديد من أشخاص يرون في الامر إشارة على "انهيار" أوروبا. وحتى المناقشات الحادة التي أثارتها كلمة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في كولونيا والتي وصف فيها "انصهار" الاتراك في الثقافة الالمانية بأنه "جريمة في حق الانسانية" يأخذها سكان رندسبورج بهدوء شديد. ويقول عمدة البلدة الذي يشغل في الوقت نفسه منصب نائب الرئيس المحلي للحزب الاشتراكي الديمقراطي في ولاية شليزفيج هولشتاين: "يسود عندنا الاندماج الحي فنحن لا نفرق بين الالمان والاجانب". ويضيف برايتنر ( 40عاما): "نتسم بالهدوء وبالانفتاح على العالم" ويشير إلى أن المشكلات لا تحدث إلا في حال إظهار بعض العناصر الخارجية من "المسيحيين المتشددين" غضبها من مشروع بناء المسجد. وتحت أشعة شمس الشتاء يعكف العمال على استكمال أعمال الخزف في قبة المسجد التي يبلغ قطرها نحو تسعة أمتار. ولم تنته بعد أعمال بناء المسجد الذي يعطي انطباعا بأجواء ألف ليلة وليلة والمشيد من أحجار بيضاء وصفراء. وتم انفاق 2ر 1مليون يورو منذ عام 1998في أعمال بناء المسجد. ويقول أحمد يازيكي الذي اشترى قطعة الارض التي تبلغ مساحتها 3000مترمربع والذي يشغل منصب نائب رئيس اتحاد الجاليات الاسلامية في شمال ألمانيا:"استجدينا هذه النقود من مختلف أنحاء أوروبا". ويشرف أعضاء المركز الاسلامي على أعمال بناء المسجد الكبير الذي سينتهي نهاية 2008.ولكن لن يقوم المؤذن بترديد نداء الصلاة عبر مئذنة المسجد لان هذا الامر سيفوق حدود تسامح أهالي رنسبورج المتقبلين للاجانب. ووفقا لبيانات المعهد المركزي للارشيف الاسلامي فإن نحو 3ر 3ملايين مسلم يعيشون في ألمانيا يمكنهم في الوقت الحالي أداء الصلوات في نحو 160مسجدا على الطراز التقليدي بالاضافة إلى 2600من الاماكن المخصصة للصلاة. وتعتبر ولاية شمال الراين وستفاليا هي الولاية التي تضم أكبر عدد من المساجد إذ يبلغ عدد المساجد في الولاية الواقعة غرب ألمانيا نحو 25مسجدا.وتظهر بعض المشكلات في رندسبورج أيضا حيث يقول يازيكي: "نادرا ما يوجد بين شبابنا من يتحدث التركية ولذلك يجب علينا اعداد دورات لتعلم التركية". ويوضح يازيكي/ 43عاما/ أنه عندما يذهب للمساجد يتحدث بالالمانية مع الشباب هناك. وعن أنشطة جاليته يقول يازيكي: "نقدم للشباب دورات في الوقاية من الجريمة والادمان والعنف". وحضر ممثلو الكاثوليك والبروتستانت الاحتفالية بوضع حجر أساس المسجد وفي هذا الصدد يقول يازيكي: "لا توجد هنا أطراف مجهولة فالجميع يتقابل أثناء التسوق أو في النوادي الرياضية أو في احتفالات المدينة". ولا يعرف عمدة المدينة السبب وراء التسامح في مدينته تجاه مسألة بناء المسجد ولكنه يقول إن بناء المسجد يجري منذ عشرة أعوام الامر الذي قد يكون ساهم في اعتياد أهالي المدينة على ذلك. ويقول برايتنر إن 2600أجنبي يعيشون في مدينته بينهم 1500مسلم. ولا ينفي برايتنر وجود شباب من عائلات مهاجرة من العاطلين والمصابين بالاحباط ولكنه يؤكد أن التعايش المشترك داخل المدينة يتم بشكل جيد. ويؤكد برايتنر: "من المهم للغاية أن تتم جميع الامور بشفافية وانفتاح وليس في الافنية الخلفية". @ (د ب أ)