عيد للسلام: إسرائيل تنوي الإعلان عن تجميد البناء في المستوطنات، كتعويض عن رفضها البحث في القضايا الجوهرية. الفلسطينيون لم يتمالكوا أنفسهم من الفرح من سيل اللفتات الإسرائيلية عليهم، بدءاً من اطلاق سراح سجناء والآن تجميد البناء، ورئيس الوزراء قد التقى مع قادة المستوطنين وأعلمهم بقراره. هم قالوا إن هذا اللقاء كان "صعباً" كالعادة وغمزوا بعضهم البعض بمكر ودهاء، ما من شك أن إسرائيل تريد السلام. ولكن هناك أمر تفصيلي هامشي صغير قد نسي وغاب عن العقول وهو أن إسرائيل وقعت على سلسلة من الالتزامات بتجميد المستوطنات التي لم تفكر ابداً بالوفاء بها. البناء جُمد في ثلاث مستوطنات فقط طوال الأربعين عاماً من الاحتلال رغم كل الالتزامات والتعهدات للقيام بذلك. ليس هناك ما يشير إلى أن إسرائيل ستتصرف بصورة مختلفة في هذه المرة. ليس هناك من كل ما تقترفه إسرائيل في المناطق المحتلة من قسوة واغتيالات وحصار وتجويع وقطع الكهرباء وحواجز واعتقالات جماعية، مثل المستوطنات للتدليل على نواياها الحقيقية. كل بيت بُني في المناطق وكل عمود كهرباء وكل شارع تعتبر مثل ألف شاهد، إسرائيل لا ترغب في السلام، وهي تريد الاحتلال. من يقصد السلام وبناء الدولة الفلسطينية لا يغلق ولو شرفة واحدة في المناطق الفلسطينية. من أوسلو عبر كامب ديفيد وحتى خارطة الطريق، إسرائيل لن تُجمد المشروع الاستيطاني الأكثر اجرامية في تاريخها. وللتذكير في البند السابع من اتفاق أوسلو التزمنا بأن "لا يقوم أي طرف بخطوات آحادية الجانب لتغيير الوضع على الأرض قبل استكمال المفاوضات حول المكانة الدائمة". خلال السنوات العشر التالية تمت مضاعفة عدد المستوطنين، مساعي السلام البطولية التي أقدم عليها ايهود باراك كرئيس للوزراء تمخضت عن بناء 6.045وحدة سكنية في المناطق خلال عام ونصف العام من فترة ترؤسه للحكومة، وما الذي التزمت به إسرائيل بعد ذلك بعامين في خريطة الطريق؟، "حكومة إسرائيل ستجمد كل العمليات الاستيطانية وفقاً لتقرير ميتشل بما في ذلك النمو الطبيعي في المستوطنات"، وماذا حدث على الأرض؟ اتهام للفلسطينيين بأنهم لا يطبقون الاتفاقات وجيش من المستوطنين الجدد. هكذا حدث في 2005م أيضاً الذي هو "عام سلام" آخر كبير، فك الارتباط وماذا فعلت إسرائيل في باحتها الخلفية؟ 12ألف مستوطن جديد. هذا المشروع الذي ينحصر هدفه كله في احباط أية فرصة للسلام هو أيضاً مشروع جنائي، وفقاً لمعطيات "السلام الآن" المرتكزة على معطيات الإدارة المدنية التي حاولت اخفاءها طوال سنوات، يتبين أن 40في المائة من المستوطنات قد بُنيت على ارض فلسطينية خاصة والتي كانت كل ما يملكونه في هذه الدنيا، ونُهبت منهم في وضع النهار على يد الدولة المحتلة. هذا حدث بعد سنوات من تقرير محكمة العدل العليا في 1979م بحظر البناء على ارض خاصة للفلسطينيين. الآن نحن عشية مناسبة سلمية اخرى، لم نصل بعد إلى أنابوليس وفي العام الماضي بنيت 3.552وحدة جديدة اخرى في ظل حكومة تتحدث عن نهاية الاحتلال والدولتين. كل الأحاديث الكثيرة تفرغ من كل مضمون في ظل هذه المعطيات. البناء في ذروته في 88ستوطنة، فلتتوجهوا إلى المناطق وتروا بأعينكم. عندما انهارت شركة "حفتسيفا" ظهر أمام أعيننا فجأة مئات المستوطنين الجدد وعقودهم بأيديهم كتجسيد جديد على أحجام هذا المشروع الاستيطاني "المجمد". جبال الذرائع، "الكتل الاستيطانية"، و"النمو الطبيعي"، و"خارج الجدار"، و"داخل الجدار" ليس بمقدورها أن تغطي الحقيقة العارية. هذا المشروع لا يتوقف للحظة واحدة ولن يتوقف الآن. يد ربع مليون مستوطن هي التي تقترف ذلك، ولكنهم ليسوا المذنب الحقيقي. المسؤولية هنا ملقاة على أكتاف كل حكومات إسرائيل باستثناء حكومة اسحق رابين الثانية. الآن عندما يقول ايهود اولمرت لا، فما الذي يقصده؟ هل كلمة "لا تعني لا حقيقية، وربما تعني ربما، ولكن ليس الآن؟ في ظل تجربة الماضي نقول أن الحقيقة المُرة هي أن "لا" اولمرت تبدو مثل لاءات سابقيه التي تعني "نعم" أكثر من كونها لا. جدعون ليفي صحيفة (هآرتس)