في سن التاسعة أو العاشرة من عمري مررت بتجربة (مؤلمة) مع طبيب أسنان في المستشفى المركزي بالرياض؛ وهي خلع سن كان يؤلمني؛ لا يزال مكانه الفارغ يذكرني بآلام خلعه؛ وأذكر كيف بادرني طبيب الأسنان الآسيوي وبلا (إحم ولا دستور) أو كشف مُسبق على أسناني؛ وبلا بنج موضعي أو غيره؛ بادرني بوضع آلة الخلع (تشبه الزرادية) والتي لم أتبين شكلها إلا بعد إخراجها من فمي وقد أطبقت على السن المخلوع ذي الجذر الكبير المتهالك والمصطبغ بلون الدم وكأنه عظم مرمي في سفرة بعدما أُكل ماحوله وما به من لحم نصف استواء؛ ومرت سنون وسنون لم أفقد أي سن؛ فأسناني بين كر التسويس والجير؛ أفر بها إلى أطباء الأسنان (والهايجنست) لترميم وإصلاح ما يمكن إصلاحه؛ متمثلا نصيحة قديمة من صديق وطبيب أسنان؛ بأنهم يتعاملون مع السن كما نتعامل نحن الأطباء البشريين مع الأعضاء (القدم واليد) فلا يتم بترها إلا عندما تُستنفذ كل الوسائل في المحافظة على العضو وإنقاذه؛ فكذلك السن يُحافظ عليه بالحشو وعلاج عصب ونحوه؛ وتمر سنون أُخر تتلوها سنون لأعمل لسنين في مكان لصيق لقسم الأسنان بمستشفى قوى الأمن؛ فيكون أطباؤه زملاء وأصدقاء أراهم صباح مساء؛ وتفترق أو تتفرق بنا سبل الحياة؛ لكني أعود بين حين وآخر بطوعي لا مكرها كما في تجربتي الطفولية الأولى مع طبيب الأسنان؛ أعود لقسم الأسنان في مستشفى قوى الأمن؛ الذي يتطور يوما بعد يوم؛ والشق الوقائي والتوعوي مهم في طب الأسنان؛ خاصة في مستشفى قوى الأمن الذي يعتبر رائدا في هذا المجال؛ فقد أجرى دراسة ميدانية ووجد من خلالها أن أكثر من 98% من الأمهات لا يرون أهمية للكشف على أسنان أطفالهن في السنتين الأوليين من العمر؛ وأكثر من 50% من الأمهات لا تهتم بنوعية الغذاء وعلاقته بتسوس الأسنان وأن 8من كل 10أمهات لا يقمن بتنظيف أسنان أبنائهن بصفة مستمرة؛ إلى آخر ماجاء في الدراسة القيمة؛ وآخر إنجاز لهذا الصرح الشامخ هو تطبيق الفحص الأولي للأسنان في عمر 18شهرا حيث تكتمل الأسنان اللبنية في هذا العمر كما ذكر ذلك الدكتور إبراهيم العاصم مدير إدارة الأسنان في المستشفى في لقاء في جريدة الرياض أثناء افتتاح تلك العيادة مؤخرا؛ وهو إجراء يطبق لأول مرة في العالم بمستشفى قوى الأمن وهي العيادة الأولى من نوعها على مستوى المملكة.. وإلى سوانح قادمة بإذن الله.