دعنا نحسبها معا، آخذا الطباشير لمقارنة تكلفة الذكاء الاصطناعي في أميركا والصين بعد ظهور ديبسيك، رسم جدولا تقريبيا على اللوحة، يسرد نفقات البنية التحتية وتكاليف العمالة والإعانات الحكومية في كل بلد: فجوة الأسعار تتقلص لكن الاستراتيجيات لا تزال مختلفة إلى حد كبير، فقد كلف تدريب تشات (جي بي تي) 600 مليون وسيكلف مستقبلا 6 مليارات دولار إجمالا، وسيكلف شركة ميتا 60 مليار دولار، بينما كلف ديبسيك 5 مليون دولار، فوق كل ذلك فإن ديبسيك مجان ومفتوح المصدر بل إن تكلفته التشغيلية أقل ب 95 %. أدى صعود ديبسيك إلى إثبات أن تدريب النماذج المتطورة بجزء صغير من التكلفة التي تتكبدها الشركات الأميركية ممكن. فقد استخدم ديبسيك عددا أقل من وحدات معالجة الرسومات وبقوة أقل، مما هدد نفيديا التي تعتمد هيمنتها على ارتفاع الطلب على أجهزتها. بمجرد ما انتهى استعراض ديبسيك لقدراتها، فهم الجميع الرسالة فخسرت نفيديا 600 مليار دولار من القيمة السوقية. كانت الحسبة بسيطة جدا، تنافس ديبسيك بوحدة رسومات تكلف 750 دولارا شركات أميركا الكبرى التي تستخدم وحدة رسومات تكلفتها 40 ألف دولار. لا يوجد جديد في الأمر، لطالما قدمت الصين خيارا أرخص فأين العجب؟ في تفسير ما حدث، يصف نسيم طالب الأحداث النادرة التي لا يتنبأ بها ولها عواقب وخيمة بالبجعة السوداء. قبل انخفاض سهم نفيديا، افترض المحللون أن الطلب على وحدة معالجة الرسومات مرشح للزيادة باستمرار، مما أدى إلى ارتفاع سهم نفيديا ارتفاعا تاريخيا. لكن بمجرد ما أثبت ديبسيك أن الحاجة إلى معالج الرسومات القوي ليس كبيرا باستخدام معالجات بمواصفات عادية وعدد أقل، أدرك المستثمرون أن نمو نفيديا في المستقبل قد يتباطأ. الموجة الدعائية التي امتلأ بها الإعلام جعلت سام آلتمان صاحب تشات (جي بي تي) يتبجح في لقاء مفتوح في الهند عندما سئل عن إمكانية فريق صغير أن يطور نموذجا للذكاء الاصطناعي بكلفة منخفضة، عندها أجاب: هذا أمر مستحيل، لا تتعبوا أنفسكم. لامتصاص الصدمة، يدعي سام آلتمان الآن أن ديبسيك اعتمد في تدريبه على محتوى تشات (جي بي تي) وهو أمر يخالف شروط الاستخدام، ملوحا برفع قضية ضد صاحب اللكمة الغادرة ديبسيك. ظهرت ديبسيك في توقيت مثير كما لو حُسب بدقة، حيث أعلن دونالد ترمب لتوه عن مشروع استثمار 500 مليار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، فكيف اختلف الأمر الآن. رد ترمب الأول كان إيجابيا، حيث رحب بهذا التطور. لكن من الواضح أن هذه المبالغ الضخمة لا بد أن توجه لرفع الكفاءة وخفض التكلفة. ومع كل ما يجري اليوم من ردود أفعال تجاه ما يجري بين أميركا والصين، خاصة بعد أن ألغى ترمب أمر الرئيس السابق بايدن بحظر استخدام الذكاء الاصطناعي، يبدو أن لسان الحال يقول فليبدأ السباق.