نيابةً عن صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية، شارك معالي نائب وزير الخارجية المهندس وليد بن عبدالكريم الخريجي أمس، في مؤتمر المانحين لدعم النازحين واللاجئين في منطقة الساحل وبُحيرة تشاد، المنعقد في مدينة جدة. وألقى نائب وزير الخارجية كلمة في المؤتمر أكد خلالها حرص المملكة على الاستجابة لكل ما فيه خدمة للقضايا الإنسانية وتقديم المساعدات اللازمة للشعوب المُحتاجة في الدول الأعضاء في المنظمة خلال الأزمات، وذلك انطلاقًا من مبادئها الإنسانية الراسخة، واتساقًا مع ميثاق المنظمة. ولفت إلى أن المملكة لم تألُ جهدًا عبرَ تاريخها في مدَّ يد العون والمساعدة للدول والشعوب المحتاجة، وإغاثة المنكوبين حول العالم بلا تمييز تجسيدًا للقيم الإسلامية النبيلة، واستلهامًا لمبادئ التضامن وروح التعاون والتكاتف، مرتكزة على توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزِيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظهما الله-. وبين أن المملكة سخرت كافة الإمكانات والموارد في خدمة القضايا الإنسانية عبر ذراعها الإنساني الرائد مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، مؤملة أن تُسهم هذه الجهود الفاعلة للمملكة في هذا الميدان في إرساء الأمن والاستقرار، وأن يسود السلام الأرجاء كافة، وهو ما يجعلها من كبار الدول المانحة للمساعدات الإنسانية والتنموية على المستوى الدولي لعام 2023م، والأولى على مستوى الدول الإسلامية والعربية بإجمالي مساعدات بلغت (1.239 مليار دولار)، فضلاً عما قدمته من مساعدات إنسانية وإنمائية لأكثر من 170 دولة خلال خمسة عقودٍ ماضية، حيث تجاوزت 130 مليار دولار أمريكي. وأكد معاليه حرص المملكةِ بشكل خاص على التعاون مع الأممالمتحدة ووكالاتِها ومنظماتِها المتعددة ومؤسسات المُجتمع المدني في تقديم الدعم التنموي لصالح قطاعات البُنية التحتية في الدول المستضيفة للنازحين للتخفيف من أعَباء الاستضافة، فضلًا عن دعمها للدول مصدر النزُوح بما يُعزز الوصول إلى حلول جذرية لتلك الأزمات والتخفيف من تبعاتها، هذا إلى جانب ما تقدمهُ المملكة حاليًا من مساعدات إنسانية وإغاثية طارئة، للمساهمة في معالجة الوضع الإنساني لأبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وجمهورية لبنان. وقال: إن تفاقم الأوضاع الأمنية بما فيها العمليات الإرهابية، وكذلك سوء الظروف الاجتماعية والاقتصادية والصحية في بلدان منطقة الساحل وبحيرة تشاد تمثل خطورة بالغة ليست في دول أفريقيا وحدها، بل تتجاوزها إلى دول أخرى مجاورة ودول إقليمية، إذ تؤدي تلك الأوضاع إلى تغذية الصراعات وانتشار الفوضى وتعطيل حياة الناس وسبل معيشتهم في تلك البلدان، وهو الأمر الذي يُمثل تحدياً للدول الأعضاء لسعيها الدؤوب في سبيل تحقيق الأمن والاستقرار، وتوفير سُبل العيش والحياة الكريمة لتلك المجتمعات. وأعرب معاليه عن دعوة المملكة للدول الأعضاء والأصدقاء والمنظمات كافة والجهات الإنسانية المعنية إلى المُسارعة في تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية والاستجابة للوضع الإنساني في بلدان منطقة الساحل وبحيرة تشاد، وعن دعوتها مؤسسات منظمة التعاون الإسلامي وأجهزتها المتخصصة لدعم مشاريع التنمية، وتقديم المساعدات الإنسانية لتسهم في معالجة تلك المشاكل والأزمات في المنطقة. وفي هذا السياق، قال نائب وزير الخارجية: «تنفيذًا لتوجيهات كريمة من خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين ستعلن المملكة عن تبرعها السخي لتلك المجتمعات المتضررة أثناء جلسة التعهدات المخصصة لهذا الغرض». كما أوضح معالي المستشار في الديوان الملكي المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة أن آلية الاستجابة الاستراتيجية للمملكة العربية السعودية للأزمات في منطقة الساحل وبحيرة تشاد شاملة ومتعددة الأوجه، حيث قدمت المملكة ما يزيد على مليارين وخمس مئة مليون دولار أميركي من المساعدات الإنسانية والتنموية لهذه المنطقة، ويستخدم مركز الملك سلمان للإغاثة نهجًا قويًا ومتكاملًا للمساعدات الإنسانية، مع التركيز على الإغاثة الفورية والمرونة طويلة الأجل للنازحين والمجتمعات المضيفة، وتعمل جميع الكيانات الحكومية والإنسانية والتنموية في المملكة على تلبية الاحتياجات على مستوى العالم، كما تقدم المملكة دعمها لقطاعات حيوية أخرى. جاء ذلك خلال مشاركة معاليه في جلسة رفيعة المستوى بعنوان «مناقشة بشأن العمل الإنساني لتلبية احتياجات اللاجئين والنازحين داخليًا والسكان المتضررين في منطقة الساحل وبحيرة تشاد وتعزيز اعتمادهم على الذات»، وذلك على هامش مؤتمر المانحين لدعم النازحين واللاجئين في منطقة الساحل وبحيرة تشاد المنعقد في مدينة جدة. وبيّن أن المملكة العربية السعودية نفذت من خلال الصندوق السعودي للتنمية مشاريع واسعة النطاق في مجالات أنظمة الطاقة الشمسية والبنية التحتية، مثال قيام الصندوق السعودي للتنمية ببناء طريق سريع في إحدى دول المنطقة يربط الشرق بالغرب بتكلفة إجمالية قدرها 38 مليون دولار أمريكي، بالإضافة إلى ذلك تقديم وزارة التعليم العديد من المنح الدراسية الكاملة سنويًا للطلاب من هذه الدول، مما يمكّنهم من بناء مجتمعاتهم وتحسين النتائج للمستقبل، مثل حصول أكثر من 2.155 طالبًا من المنطقة على منح دراسية كاملة تشمل نفقات المعيشة في الجامعات السعودية، حيث تمهد هذه الجهود الطريق لمساعدة هذه المجتمعات المتضررة على التغلب على تحدياتها وتحقيق الازدهار. واستذكر معاليه جائحة (كوفيد - 19) التي أبرزت أهمية الجهود الدولية اللوجستية المنسقة، مبينًا أن دولاً مثل تلك الموجودة في منطقتي بحيرة تشاد والساحل تعاني بشكل غير متناسب أثناء الأوبئة والأزمات الاقتصادية والاجتماعية الأخرى، موضحًا أن المملكة العربية السعودية تعمل بجد لتوطين إنتاج اللقاحات في المملكة للسماح باستجابات أكثر فعالية لحالات الطوارئ الصحية المستقبلية، مشيرًا لأهمية إنشاء مراكز إنتاج ولوجستيات محلية للقاحات والسلع الحيوية الأخرى، التي سيكون لها تأثير عميق وإيجابي ليس فقط في منطقة بحيرة تشاد والساحل، بل على مستوى العالم. وأفاد أن المملكة تعمل مع أصحاب المصلحة الرئيسيين، بما في ذلك المنظمات المتعددة الأطراف والدول المانحة على حشد الجهود بشكل مشترك وتقديم حلول مستدامة وسد فجوات التمويل والتخطيط الفعال للمشاريع والبرامج الإنسانية. وأعلن معالي المستشار بالديوان الملكي المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة أنه بلغت حجم التعهدات في مؤتمر المانحين لدعم النازحين واللاجئين في منطقة الساحل وبحيرة تشاد، أكثر من مليار و100 مليون دولار أمريكي، بالإضافة إلى التعهدات العينية، التي جاءت من أكثر من 10 دول وهيئات ومنظمات مانحة. وتقدم معاليه في ختام أعمال المؤتمر بخالص الشكر والتقدير للجهات المانحة التي أسهمت بسخاء في دعم هذه الجهود الإنسانية النبيلة، مشيرًا إلى أن هذه المساهمات الكريمة تجسد الالتزام بقيم العطاء والتضامن، وتؤدي دورًا محوريًا في تمكين المنظمات الإنسانية من تقديم المساعدات اللازمة، وتحقق الأمن والازدهار للمتضررين. وجدد الدكتور الربيعة حرص المملكة العربية السعودية ممثلة بمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بأن تكون الجهود متواصلة ومكثفة للوصول إلى أكبر عدد ممكن من المحتاجين، والعمل بالشراكة مع الجهات كافة لتحقيق الأهداف الإنسانية النبيلة، كما شكر منظمة التعاون الإسلامي ممثلة بأمينها العام، ومكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (الأوتشا)، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وجميع المنظمات والهيئات المشاركة.