مؤشرات اقتصادنا مشجعة، فأولاً هناك توقعات الميزانية لهذا العام، التي أعلنت عنها وزارة المالية بداية هذا الشهر، والتي قد يصل إجمالي النفقات فيها نحو 1.251 تريليون ريال وهي الأعلى على الإطلاق، في حين إن الإيرادات قد تبلغ نحو 1.172 تريليون ريال، وعلى هذا الأساس، فإن العجز من المتوقع أن يصل إلى 79 مليار ريال، وهذا معناه أن نسبة العجز إلى الناتج المحلي الإجمال، بالمقياس العالمي منخفضة، ولن تتعدى 1.9 ٪. ورغم أن نفقات تعويضات العاملين -كالعادة- تشكل نسبة لا يستهان بها 544 مليار ريال، بارتفاع نسبته 1.6 ٪ عن العام السابق، فإن المملكة -كما جاء في البيان- مصممة على رفع كفاءة وفاعلية الإنفاق والضبط المالي، واستدامة المالية العامة، وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية، وتحقيق مستهدفات رؤية 2030، وبرامجها ومبادراتها ومشاريعها الكبرى، وتعزيز نمو الاستثمار المحلي عن طريق تمكين القطاع الخاص وتأهيله ليشمل كافة المناطق. ولهذا، فلا غرابة أن تتشجع رؤوس الأموال الأجنبية على الاستثمار في بلدنا، فتقرير الهيئة العامة للإحصاء يبين أن صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر قد وصل في الربع الثاني من العام الحالي إلى 11.7 مليار ريال، أي بارتفاع نسبة 23 % مقارنة بالربع الأول من العام. ومن الواضح أن تدفق رؤوس الأموال على بلدنا في الربع الثاني كانت أكبر من تدفقات رؤوس أموالنا إلى الخارج، وهذا أيضاً مؤشر مهم، يعكس التحسن الذي طرأ على مناخ الاستثمار. وقد أنعكس مجمل هذه التطورات الإيجابية على معدل البطالة بين السعوديين، التي سجلت في الربع الثاني من العام مستوى متدنٍّ، حيث وصلت لأول مرة إلى 7.1 ٪، كذلك فإن الإجراءات ضد العمالة السائبة واستقدام العمالة، قد أدت إلى تراجع البطالة الأجنبية، الأمر الذي أدى إلى تراجع معدل البطالة الإجمالي للسعوديين وغير السعوديين، في الربع الثاني من العام، إلى مستوى تاريخي متدنّ 3.3 %، وهذا يعني أيضاً أن درجة تشغيل اقتصادنا قد تحسنت. إن هذه المؤشرات الإيجابية سوف تؤدي -إذا ما استمرّت- في التحسن، خلال النصف المتبقي من العام، إلى تشكيل قاعدة متينة لتطور الاقتصاد خلال العام القادم. الأمر الذي سوف يؤدي إلى مزيد من النشاط الاقتصادي، مدفوع بزيادة الإنفاق الحكومي والخاص، حيث من المتوقع أن تنمو تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية علينا وترتفع مساهمة قطاع الأعمال السعودي في الاقتصاد. وهذا من شأنه أن يخلق أساسا لا يستهان به لزيادة العائدات غير النفطية، ولذلك فمن المتوقع أن يتراجع عجز الميزانية، خصوصاً إذا ما شهدت أسعار النفط وكمية الإنتاج تحسن خلال عام 2025، وهذا بالتأكيد سوف ينعكس على نسبة البطالة، التي من المتوقع أن تنخفض إلى مستويات متدنية أكثر خلال العام المقبل.