رغم العجز الذي كشفت عنه النتائج المالية للربع الثاني من العام الجاري 2024، بما في ذلك النصف الأول من ذات العام بمبلغ 15.3 و 27.7 مليار ريال على التوالي، إلا أن الميزانية لا تزال قوية ومتينة ومستمرة في التوسع في الانفاق على الخدمات الأساسية التي لها مساس مباشر بالحياة اليومية للمواطن وللمقيم على حدٍ سواء، كخدمات التعليم، والبلديات، والصحة والتنمية الاجتماعية، والتجهيزات الأساسية والنقل، حيث قد بلغ إجمالي المنصرف على تلك الخدمات مجتمعة بالنصف الأول من هذا العام مبلغ 321 مليار ريال مقارنة بمبلغ 277 مليار ريال للفترة المماثلة من العام الماضي، بنسبة زيادة بلغت 16 %. كما أن للإنفاق الرأسمالي بالميزانية حيز لا بأس به لدعم مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة بشكل غير مسبوق منذ انطلاقة رؤيتها الطموحة 2030 في شهر إبريل 2016، حيث نما الانفاق الرأسمالي بالنصف الأول من العام الجاري بنسبة 43 % ليبلغ 99.4 مليار ريال مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي، والذي بلغ 69.4 مليار ريال. إن اللافت للانتباه بنتائج الميزانية الربعية والنصفية لهذا العام، أن الإيرادات النفطية قد نمت على المستويين الربعي والنصفي للعام مقارنة بما كانت عليه بالفترات المماثلة بالعام الماضي، حيث بلغت الإيرادات النفطية قرابة 213 و 395 مليار ريال بالربع الثاني والنصف الأول من عام 2024 على التوالي، مسجلة بذلك ارتفاع قدره 18 و10 % على التوالي مقارنة بالفترة المماثلة من العام 2023، وذلك ولله الحمد رغم التخفيضات الطوعية التي أعلنت عنها المملكة في وقتٍ سابق، بمليون برميل يوميًا ابتداء من الأول من شهر يوليو وتم تمديد التخفيضات الطوعية عدة مرات منذ الإعلان عنها لضمان استقرار أسواق النفط العالمية. وفي المقابل أيضاً، نمت الإيرادات غير النفطية على الصعيدي الربعي والنصفي، حيث بلغت 140.6 و 252.1 مليار ريال على التوالي، مسجلة بذلك نسبة ارتفاع بلغت 4 و6 % مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي على التوالي. ورغم الإنفاق التوسعي بالميزانية، إلا أن الوضع المالي العام، وبالذات السيولة لا تزال محتفظة بقوتها وبمتانتها، حيث بلغ رصيد الاحتياطي العام للدولة في آخر الفترة نحو 394 مليار ريال ، في حين بلغ رصيد الحساب الجار مبلغ 101 مليار ريال ، بالرغم من ارتفاع رصيد الدين العام للدولة، حيث بلغ الرصيد بنهاية النصف الأول من العام الجاري مبلغ 1,149 مليار ريال، بنسبة زيادة بلغت 9 % مقارنة برصيد أول الفترة، حيث بلغ 1,1050 مليار ريال، كما أنه لا يزال حجم الدين ضمن حدود المستويات المستهدفة نسبة لحجم الناتج المحلي الإجمالي، هذا بالإضافة إلى أن النسبة العظمى من حجم الدين، يُعد دين داخلي، الذي بلغ بنهاية الفترة مبلغ 680.3 مليار ريال، ما يعادل نسبة حوالي 60 % من إجمالي حجم الدين. من المهم جداً الإشارة إلى أن تمويل العجز المالي للربع الأول وللربع الثاني من العام الجاري قد تم من خلال الدين العام، وليس سواء من الاحتياطي العام للدولة أو الحساب الجاري. أخلص القول، بأنه رغم عجز الميزانية على امتداد ربعين متتاليين، بما في ذلك نصف العام، إلا أنها لا تزال قوية ومتينة للغاية من حيث السيولة المتمثلة بالاحتياطي العام للدولة والحساب الجاري، كما أنها لا تزال تواصل مسيرة التنمية من بالإنفاق التوسعي على الخدمات وعلى المشاريع التنموية، مما يؤكد أن الإنفاق العام يسير بالاتجاه الصحيح الذي يخدم أغراض التنمية والازدهار للمملكة ولاقتصادها، ليعم بذلك الخير الوفير المواطن والمقيم على حدٍ سواء ويحقق في ذات الوقت مستهدفات رؤية 2030.