كشف التقرير الربعي لأداء الميزانية العامة للدولة للربع الثاني من السنة المالية الحالية (2019)، عن تحسن ملحوظ في الأداء المالي للنصف الأول من العام مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي، حيث قد بلغ عجز الميزانية خلال النصف الأول من العام نحو 5.7 مليارات ريال مقابل 41.7 مليار ريال في الفترة المماثلة من العام السابق. من بين أبرز الأسباب التي ساهمت في انخفاض العجز، ارتفاع إجمالي الإيرادات بنسبة 15 %، رغم ارتفاع إجمالي النفقات بنسبة 6 %، وما ساهم في ارتفاع الإيرادات بنوعيها النفطي وغير النفطي عوامل عدة، من بينها على الجانب النفطي، ارتفاع الإيرادات النفطية بنسبة 15 % خلال النصف الأول من العام الجاري، مقارنة بالنصف المماثل من العام السابق، مدفوعة بالمبالغ المستلمة من أرباح النفط. وفي المقابل قد سجلت إجمالي الإيرادات غير النفطية ارتفاعاً بلغت نسبته 14.4 %، نتيجة لتسجيل عدد من بنودها لارتفاعات خلال النصف الأول من العام الجاري، من بينها، رسوم المنتجات النفطية وضريبة القيمة المضافة والضريبة الانتقائية، بنسبة بلغت 48 %، مسجلة بذلك مبلغ 77.6 مليار ريال. كما وساهم ارتفاع الضرائب الأخرى، التي من بينها الزكاة في تحسين مستوى الإيرادات غير النفطية، حيث سجل هذا النوع من الضرائب ارتفاعاً بلغت نسبته 44 % (مقارنة بالنصف الأول من العام الماضي)، لتبلغ 21.7 مليار ريال. وعلى جانب الإنفاق العام، فقد بلغت قيمة إجمالي المصروفات خلال النصف الأول من العام الجاري قرابة 512 مليار ريال، مسجلة بذلك ارتفاعاً عن النصف المماثل من العام الماضي، بلغت نسبته 6 %. وقد أسهمت عدة عوامل في ارتفاع حجم الانفاق الحكومي، من بينها على سبيل المثال، ارتفاع نفقات التمويل بنسبة 71 %، والإعانات الحكومية بنسبة تزيد عن 100 %، والإنفاق الحكومي الرأسمالي بنسبة 22 %. نتيجة للتحسن في جانب الإيرادات بنسبة أعلى من الزيادة في جانب الإنفاق العام، انخفض العجز المالي في الميزانية خلال النصف الأول من العام الجاري إلى 5.7 % بنسبة انخفاض بلغت 86 % مقارنة بما كان عليه بنهاية النصف المماثل من العام الماضي، وتم إصدار الدولة لأدوات دين داخلية وخارجية خلال النصف الأول من العام الجاري بنحو 67.9 مليار ريال، لاستخدامه في تمويل العجز المتوقع حتى نهاية العام وبلغ رصيد الدين العام في نهاية شهر يونيو من العام الجاري نحو 627.8 مليار ريال. إن التحسن في جانب الإيرادات العامة والزيادة المعقولة في جانب الانفاق العام، يؤكد على التزام الدولة بمنهجية الإصلاحات المالية والهيكلية التي بدأت الدولة بتطبيقها منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 في شهر إبريل 2016، والتي بدأت الدولة تجني ثمارها من عدة جوانب، من بينها انخفاض العجز المالي في الميزانية العامة، والتحسن في مستوى الإيرادات غير النفطية. ومن بين العوامل التي تسببت في زيادة حجم الإنفاق العام خلال النصف الأول من العام الجاري، ارتفاع انفاقات المنافع الاجتماعية وتعويضات العاملين بنسبة 3 % لكل منهما مقارنة بالفترة المماثلة من العام السابق، وارتفاع حجم الإعانات الحكومية بأكثر من الضعف، نتيجة لتطبيق خطة تحفيز القطاع الخاص، كمبادرة الفاتورة المجمعة لمساندة المنشآت الصغيرة والمتوسطة. كما وقد شهدت نفس الفترة زيادة في الإنفاق على برامج الحماية الاجتماعية، مثل حساب المواطن، والضمان الاجتماعي، وبدل المعيشة، ومكافآت الطلاب، في حين ارتفعت النفقات في قطاعات الصحة والتنمية الاجتماعية والخدمات البلدية بنسبتي 13 % و 22 % على التوالي، وارتفعت كذلك النفقات الرأسمالية بنسبة 22 % مع التقدم في تنفيذ مشروعات الإسكان والمشروعات التنموية الأخرى. برأيي أن استمرار الدولة في سياسة الإنفاق الحكومي المتوازن الذي يراعي استمرار الإنفاق على الخدمات العامة الأساسية التي لها مساس مباشر بحياة المواطن، كخدمات الرعاية الصحية والاجتماعية ومشابهها، وأيضاً العمل في الوقت نفسه، على تنمية الإيرادات العامة، وبالذات الإيردات غير النفطية، سيسهم بفاعلية في تحقيق مستهدفات برنامج التوازن المالي قبل حلول عام 2023، وفي تنويع قاعدة الإيرادات والتقليل من الاعتماد على الإيرادات النفطية كمصدر رئيس للدخل الحكومي.