عزا الرئيس الأميركي جو بايدن سبب سوء أدائه في المناظرة التي جرت الخميس بينه وبين منافسه الجمهوري في الانتخابات الرئاسية المقبلة دونالد ترمب إلى الإرهاق الناجم عن سفراته الدولية الأخيرة، مشدّداً على أنّ «هذا ليس عذراً، بل تفسير». وقال بايدن (81 عاماً) خلال اجتماع مع متبرّعين ديموقراطيين قرب واشنطن إنّه «لم يكن أمراً ذكياً جداً أن أكون قد سافرتُ حول العالم مرّات عدّة... قبل وقت قصير من المناظرة». وأضاف «لم أستمع لمستشاريّ... وبعدها كدت أغفو على المسرح». وحتى هذ التصريح، كان المبرّر الأساسي لمؤيدي بايدن هو القول إنه مرّ ب»أمسية سيئة» مساء الخميس وإنّ «نزلة برد» أثّرت على طلاقته في الكلام. وأثارت هذه المناظرة الكارثية موجة ذعر في المعسكر الديموقراطي الذي بات الآن يتساءل علناً عن قدرات جو بايدن الذهنية وكذلك عن مستقبل ترشّحه. وزار الرئيس الأميركي فرنسا من 5 إلى 9 يونيو حيث شارك في احتفالات ذكرى إنزال الحلفاء في النورماندي ثم قام بزيارة دولة. بعد ذلك، سافر بايدن إلى إيطاليا من 12 إلى 14 يونيو لحضور قمة مجموعة السبع، قبل أن يتوجّه بعد ذلك مباشرة إلى كاليفورنيا حيث شارك في فعاليات في إطار حملته الانتخابية. بعدها، انعزل بايدن لمدة ستة أيام مع مستشاريه في منتجع كامب ديفيد بالقرب من واشنطن للتحضير للمناظرة، وهي فترة لم يمارس خلالها أيّ نشاط عام. وبدأت شخصيات بارزة من معسكر الديموقراطيين الثلاثاء طرح تساؤلات علنية حول الحالة الصحية للرئيس جو بايدن، في حين سعى البيت الأبيض لاحتواء الوضع المتأزم. وكتب البرلماني الديموقراطي ممثل ولاية تكساس لويد دوغيت في بيان لوسائل الإعلام الأميركية «آمل أن يتّخذ القرار الصعب والمؤلم بالانسحاب. أدعوه بكل احترام للقيام بذلك»، وأضاف «يجب ألا يسلمنا إلى ترمب عام 2024». واعتبرت رئيسة مجلس النواب الأميركي السابقة الديموقراطية نانسي بيلوسي أنه من «المشروع» التساؤل حول الحالة الصحية للرئيس بايدن بعد المناظرة. وقالت بيلوسي التي لا تزال تحظى بنفوذ واسع داخل حزبها، على قناة MSNBC «أعتقد أنه من المشروع أن نتساءل ما إذا كان هذا فصلا فقط أو أنها حالة دائمة». وردّاً على هذه التعليقات، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان-بيار إنّ بايدن «يعرف كيف ينهض مجددا»، مستبعدة خضوع سيّد البيت الأبيض الذي خلص تقرير طبيبه في فبراير إلى تمتعه بالأهلية لممارسة الحكم، لأي اختبار معرفي. في الأثناء، أعلنت محطة «ايه بي سي نيوز» الثلاثاء أنّ بايدن سيطلّ الجمعة في أول مقابلة له منذ مناظرته مع ترمب في محاولة لإسكات هذه الأصوات. وأعلن البيت الأبيض أيضاً عن مؤتمر صحافي سيعقده بايدن في الأسبوع المقبل خلال قمة حلف شمال الأطلسي في واشنطن، وعن حوارات مع مسؤولين ديموقراطيين من الصف الأول وحكام ولايات وبرلمانيين. وشدّدت جان-بيار على أنّ بايدن مرّ ب»أمسية سيئة» مساء الخميس، وأشارت مجددا إلى أنه كان يعاني من نزلة برد، لافتة إلى أنها لم تشهد سابقا نوبات جمود مماثلة للرئيس. لكنّ ديموقراطيين كثراً باتوا لا يصدقون ذلك. وقال عضو مجلس النواب مايك كويغلي وهو ديموقراطي عن إيلينوي (شمال) الثلاثاء لشبكة «سي ان ان»، «علينا أن نكون صادقين مع أنفسنا بشأن أنها لم تكن مجرد ليلة مروعة». وأظهر استطلاع للرأي نشرته شبكة «سي ان ان» الثلاثاء أن 75% من الناخبين الذين استطلعت آراؤهم يعتبرون أن الحزب سيحظى بفرص أفضل في نوفمبر مع مرشح آخر غير بايدن ما عزز قلق الديموقراطيين بشكل إضافي. ونال ترمب 49% من نوايا التصويت على المستوى الوطني مقابل 43% لمنافسه، وهو فارق لم يتغير مقارنة مع آخر استطلاع مماثل أجري في أبريل. وستكون نائبة الرئيس كامالا هاريس في موقع أفضل حيث نالت 45% مقابل 47% للرئيس الجمهوري السابق، مع هامش الخطأ في الإحصاءات. وأوردت صحيفة نيويورك تايمز الثلاثاء أنّ مقربين من الرئيس لاحظوا فترات جمود «أكثر تواترا» و»أكثر وضوحا» في الأشهر الأخيرة، بالتناوب مع لحظات من اليقظة الذهنية التامّة، على سبيل المثال في مواجهة الأزمات الدولية. وقالت جان-بيار الثلاثاء إن طرح تساؤلات بشأن مدى حدة الحضور الذهني للرئيس الأكبر سنا في تاريخ الولاياتالمتحدة والذي تراجعت طلاقته ولياقته «أمر مشروع». لكن المتحدثة أكدت أن الإدارة الأميركية لا تخفي أيّ معلومات في ما يتّصل بالحال الصحية لبايدن. وكان البيت الأبيض حتى الأمس القريب يميل إلى التقليل من شأن تساؤلات تطرح حول تداعيات تقدّم الرئيس بالسن. ومرّت أشهر عدة على توقف الرئيس الأميركي الذي تعثر وسقط علنا عدة مرات، عن استخدام الممر الكبير لطائرته، مفضلا درجاً أقصر وأكثر ثباتاً. ومنذ بضعة أسابيع، أحاط نفسه أيضا بمستشارين للانتقال من البيت الأبيض إلى مروحيته المجهزة في الحديقة ما يجنّبه لقطات الكاميرا الطويلة لمشيته المتصلبة جدا. وأكّدت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس الثلاثاء أنّها «فخورة» بترشّحها على قائمة الرئيس جو بايدن لمنصب «نائبة الرئيس»، وذلك في غمرة النقاش الدائر حول الحالة الصحية للرئيس الديموقراطي. وتعليقاً على الأصوات التي ارتفعت تطالب بايدن (81 عاماً) بالانسحاب من السباق الرئاسي وبأن تحلّ محلّه هاريس (59 عاماً)، قالت نائبة الرئيس لشبكة «سي بي إس نيوز» الإخبارية «أنا فخورة بترشحي لمنصب نائبة جو بايدن»، مشدّدة على أنّ «جو بايدن هو مرشّحنا. لقد هزمنا ترمب مرّة وسنهزمه مرة أخرى».