بسم الله نبدأ.. كما بدأ باسم الله وعلى بركته تأسيسُ هذه الدولة العظيمة بسواعد الإمام الكبير محمد بن سعود -رحمه الله-، وعلى شريعة الله ومنهجها القويم ثبّت فيها الأوتاد ورفع العِماد. دولةٌ كُتِبَت عنها السطور بمداد النور.. فاستحالت صفحات التاريخ شُعاعاً ساطِعاً وبياضاً ناصعاً.. ورواها الجيلُ السلَف للجيلِ الخلَف ليستلهم منها دروس الإصرار على الانتصار المؤزرِ بالإيمان بالله ثم بالتمسك بنُبلِ الغاية وسمو الهدف. وَحَّدَ الإمامُ المؤسس قلوب أهل الدرعية فتوحدت له أرضها.. ونشر الوئام بين أهلها فاستتب الأمن بأرضهم، ثم امتدّ ظِلُّ سُلطانه الوارِف الظلال كامتداد الشجرة الوارفة الظلال إلى معظم نواحي نجد، فنَعِمَت نجدُ كُلُّها بأمنٍ مُستتِب وأمرٍ مُستقرٍ، وعيشٍ ماؤهُ مُستَعذَبٌ وزادُهُ مُستطاب. علاماتٌ نصرٍ وتمكين أرخت بظلالها على مسيرة الإمام المؤسس الأول وحكمه المُسدَّد، وكأن التاريخ يُحَدّثُ الإمام العظيم قائلاً: إن عناية الله بعباده المؤمنين هي المُنجية من عثَرات الزمان وتقلباته المخيفة، وقدرتُهُ فوق السُنَنِ وتصاريف القَدَر، ولقد صدق التاريخ فيما قال، وتحققت عناية الحفيظ العليم.. وكتب الله للإمام تركي بن عبدالله أن يحتضن الإرث العظيم للإمام محمد بن سعود ويعلن الدولة السعودية الثانية ليكمل ما بدأ به المؤسس الأول، فأقام العدل في أنحائها التي امتدت إلى بقاع أوسع وأشمل، وفرض فيها الأمن وحكمها على منهج الشرع المُطهر، مستلهماً منهج المؤسس العظيم الإمام محمد بن سعود، ولأن صاحب الإرادة الصُلبة المعتمد على الله ثم على صحة المنهج وسلامة المقصد لا يُذَلُّ ولا يُخذَل، فلقد قضت مشيئة الله للملك الإمام عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود أن يُتَمِّمَ عاطِرَ السيرة ونُبلَ المسيرة، ويعيد بناء الأمجاد التي بدأها الأجداد على قواعد شديدة المتانة والرسوخ وأكثر انسجاماً مع متغيرات العصر وحركة التاريخ. فتقدم إلى حيث الرياض مع نُخبةٍ من الفُرسان الشجعان، فخاضوا معركة استرداد الرياض لتسيلَ دماؤهم حِبراً تخضّبت به صفحات المجد، وتعطرّ به التاريخ، فأسسها عبدالعزيز على مبادئ التأسيس الأول وقواعده العريقة المستمدة من القرآن والسنة والأخلاق العربية الأصيلة. وبعد ملاحم التوحيد العظيمة التي قادها الملك المُظفّر أعلن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود توحيد المملكة العربية السعودية على الشرع المطهر ومبادئه الراسخة. واستمر هذا الكيان المبارك من بعده لينتقل الحكم فيه بسلاسةٍ متناهيةٍ من يد ملكٍ أمينٍ إلى يد ملكٍ أمينٍ استلهم فيه الملوك المتتابعون المنهج الفريد في إدارة شؤون الدولة والأسلوب الرشيد في التعامل مع المجتمع الدولي من والدهم المؤسس العظيم الذي رسم نهج دولته وصاغ سياساتها بعد طول تفكيرٍ عميق. ومع تتابع العهود المجيدة للملوك البررة يتجلى للشعب السعودي أن كل ملك قد وضع بصمته العظيمة في كل ناحية من هذا الوطن العظيم، وأبلى بلاء حسناً في تصريف شؤون الدولة وشؤون المواطنين. وكان الفضل لله ثم لحكمة الملوك في حماية كيان الوطن العظيم من كوارث الدهر وحوادثه. ومع وصولنا إلى العهد الأكثر إشراقاً وقوةً في تاريخ المملكة بقيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي بَوّأَ المملكة العربية السعودية مُبَوّأَ سؤددٍ ومجد. فَغَدَت مضرِبَ المَثَل، ارتسمت بتوجيهاته الحكيمة ملامح نهضة وثّابة انطلقت بالوطن العظيم إلى ميادين السيادة والريادة، صاغها وفق رؤيةٍ عظيمةٍ واضحة المعالم سامية الأهداف ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان المتّصِف بالحنكة وبعد النظر، وغزارة الثقافة وسَعَةِ الاطلاع. وبعد اكتمال هذه القصة الزاخرة فخراً والمليئة عَسْجَداً ومَجْداً، حُقَّ لنا القول: إن الأسرة المالكة في المملكة العربية السعودية ليست مجرد أسرة تحكم دولة عظيمة تزخر بالخيرات وترعى المُقدسات بل هي رمزٌ لاستقرار المنطقة العربية كلها، وضمانةٌ مؤكدة للاستقرار الاقتصادي والسياسي للعالم كله. ودولةٌ أسَّسَ الإمامُ بنيانها على التقوى حَريُّ بها أن تبقى.. وتقوى.