يطيب الحديث عن الوطن في ذكرى يوم تأسيسه المجيد وتخالج النفس مشاعر فياضة حين تستحضر ماضيه العريق وتتأمل حاضره المزدهر وتستشرف مستقبله الواعد بمزيد من الخير بإذن الله. ذلك أن اليوم الوطني ومضة زمنية يحضر فيها التاريخ بسجلاته وأحداثه وشواهده ليذكرنا بأمجاد الوطن ويروي لنا قصص الملاحم والبطولات التي صنعت كيانه الكبير، ويدعونا إلى مواصلة الجهد والبذل خلف قيادتنا الرشيدة للحفاظ على وحدته واستقراره ودفع الشرور والمكائد عنه. وإذ حلت بنا الذكرى السابعة والثمانون لتوحيد الوطن على يد مؤسسه الفذ الملك عبدالعزيز -يرحمه الله- الذي أقام أركان الدولة الحديثة التي ننعم بوارف ظلالها اليوم، فإننا لابد أن نتذكر أن هذا المجد قد تأسس على أمجاد سابقة وأن دولة عبدالعزيز هي امتداد لدولة آبائه وأجداده الضاربة في عمق التاريخ والمتجذرة في القلوب لسلامة منهجها ونبل قادتها وخدمتها للحرمين الشريفين والحجاج والمعتمرين ودعمها لقضايا الأمة ونشرها لمبادئ العدالة والوسطية والاعتدال. فاليوم الوطني ليس مناسبة للاحتفاء العابر فحسب، بل وقفة ملهمة تفتح لنا كنوز التاريخ الزاخرة بأمجاد الوطن الغالي وذكريات مؤسسه الكبير الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، الذي كان قائدًا استثنائيًا بكل ما يحمله هذا الوصف من معنى، والذي صنفه المؤرخون واحدًا من أعظم صناع التاريخ في العصر الحديث لحكمته وشجاعته وقدرته على استعادة ملك آبائه وأجداده وإقامة الدولة الحديثة التي واصلت الشموخ وعانقت القمم بعد أن سار أبناؤه البررة بقافلتها إلى مزيد من البناء والنماء وصولاً إلى هذا العهد الزاهر عهد رجل العزم والحزم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيده الله- الذي يقود رؤية المملكة الطموحة 2030 نحو آفاق تنظيمية واسعة في جميع مجالات الحياة بما يتفق مع ثقافة العصر وتطوراته وبما يكفل تجديد دماء الدولة وتأكيد قدرتها على المنافسة العالمية في مجالات التخطيط والابتكار والتنوع الاقتصادي مع توفير البيئة المناسبة التي تستوعب الطاقات الشبابية وتدفعها للعطاء والإنتاج. وحين يحتفي أبناء المملكة بهذه المناسبة العزيزة ويعبرون عن حبهم العميق لوطنهم، فإنهم في ذات الوقت يؤكدون الولاء الصادق لقيادتهم الرشيدة ويقدرون سعيها المتواصل لاستشراف المستقبل والتخطيط لتحدياته، ويثمنون دعمها لقضايا الأمة وحكمتها واتزانها في علاقتها الدولية وكسبها لاحترام العالم، كما يؤيدون عزمها وحزمها في مواجهة المخططات المغرضة والمواقف المشبوهة التي تستهدف شق الصف وخلق الفتنة وخدمة أعداء الإسلام والسلام. وحيث يطيب الحديث في هذا المقام عن الوطن ومفاخره وإنجازاته، فإنه يحسن بي ومن خلال موقعي الوظيفي أن أشير إلى وزارة الحرس الوطني باعتبارها أحد الصروح العملاقة في الوطن ومثالًا للتخطيط والتحديث تحت رعاية ودعم القيادة الرشيدة -أيدها الله- وتوجيهات ومتابعة سمو الوزير -يحفظه الله- إذ لم تقتصر وزارة الحرس الوطني على التطوير المتقن لإمكانياتها العسكرية فحسب، بل أسهمت بجهود متميزة في التنمية وبناء الإنسان عبر البرامج التعليمية والثقافية والاجتماعية وما صحب ذلك من خدمات صحية راقية وتعليم صحي جامعي وأبحاث طبية متقدمة وغيرها من الإنجازات الحضارية. وخاتمة القول، فإننا أمام هذا المجد المتجدد نستشعر جميعًا مسؤوليتنا الكبيرة في صيانة هذه المكانة الرفيعة التي يتمتع بها الوطن ونُذكِر أنفسنا بالواجبات التي يقتضيها واجب المواطنة لدعم خطط الدولة وأهدافها الرامية إلى تحقيق نقلة نوعية تقف بنا في صفوف العالم المتقدم وتُبرز دورنا الفاعل في بناء الإنسان وتطوير حضارته. والله نسأل أن يكلل المساعي بالتوفيق وأن يديم للوطن الغالي عزه وأمنه واستقراره في ظل رعاية قيادته الرشيدة وإخلاص شعبه الكريم. *وكيل وزارة الحرس الوطني