تجمع صحي دولي في أبوظبي يبحث تحديات الصحة العالمية    جيسوس لا يستسلم: فارق ال 7 نقاط ليس كبيرًا    خليفة جيسوس.. انتظار انزاغي وموافقة رازفان    تشكيل النصر المتوقع أمام الرياض    ضبط (18669) مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل في مناطق المملكة خلال أسبوع    المركزي الروسي يخفض سعر صرف الدولار واليوان ويرفع اليورو أمام الروبل    أمطار خفيفة على عدد من مناطق المملكة    فريق صُنّاع التميز التطوعي ينفذ مبادرة "عساكم من عوّادة" بالتعاون مع جمعية الإعاقة السمعية في جازان    "فيفا" يطرح تذاكر إضافية لمباريات كأس العالم للأندية في أمريكا    دعوى أمريكية تطعن في عقوبات ترامب على المدعي العام للجنائية الدولية    انطلاق فعاليات مؤتمر القصيم الأول لطب الأسرة    المسحل يشارك في اجتماع المكتب التنفيذي للاتحاد الآسيوي    انزلاق طائرة بعد هبوطها واصطدامها بسور مطار فاس في وسط المغرب    مجموعة الاتصال الوزارية بشأن غزة تدعو لوقف النار وترفض التهجير    البيت الأبيض يعترف بصعوبة التفاوض على صفقات تجارية متعددة    حسان تمبكتي: التعادل مع الاتفاق غير مقبول وكنا نتمنى تحقيق النقاط الثلاث    اتحاد القدم يختتم دورة المحاضرين في الرياض بحضور 33 محاضراً ومحاضرة    التعادل الإيجابي يحسم لقاء الاتفاق والهلال في دوري روشن للمحترفين    «أمن الطرق»: القبض على شخص في عسير لترويجه (11) كجم "حشيش"        معايدة الموظفين تكسر الروتين وتجدد الفرحة    FreeArc سماعات بخطافات للأذن    أمين عام غرفة جازان: تتويج الغرفة بجائزة التميز المؤسسي ثمرة سنوات من التحديات والتطوير    مشامر الجلوات السبع صناعة هندية وطقوس سعودية    هرمون التستوستيرون عند النساء    روبوتات الإسعافات الأولية    أعراس زمان    أمين منطقة القصيم يلتقي مدير مكتب جمعية الوداد الخيرية بالمنطقة    الجاسر ريادة المعرفة والتنوير في قلب الجزيرة العربية    شركة "لسان الميزان – محامون ومستشارون" تستقبل الدكتور محمد بادغيش في جازان    قطاع ومستشفى ظهران الجنوب يُفعّل "التوعية بالقولون العصبي"    مستشفى أحد رفيدة يُنفّذ فعالية "اليوم العالمي للصحة"    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة وهيئة التراث توقعان مذكرة تفاهم    إعادة توطين 124 من طيور الحبارى النادرة في محمية الملك سلمان الملكية    475 ألف غرفة مرخصة في المرافق السياحية بنهاية 2024    4 متوفين دماغيا ينقذون حياة 8 مرضى    جامعة الأميرة نورة تمنح حرم خادم الحرمين الأميرة فهدة آل حثلين درجة الدكتوراه الفخرية في المجال الإنساني والأعمال الاجتماعية    مشروع الأمير محمد بن سلمان يُجدّد مسجداً عمره 13 قرنًا    في الخبر.."جوازك إلى العالم" تنطلق بالثقافة السودانية    الحياة الفطرية تُطلق 25 كائنًا فطريًا مهددًا بالانقراض في محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية    90 دولة تشارك بمهرجان الثقافات والشعوب    الإحصاء تنشر نتائج مؤشر الرقم القياسي للإنتاج الصناعي لشهر فبراير    محافظ الطوال يعزي أسرة المرحوم الشيخ عبدالرحمن بن حسين النجمي    محافظ بيش ينقل تعازي سمو أمير منطقة جازان وسمو نائبه لذوي الطالب معاذ شيبة    «السمان».. زائر موسمي للشمالية    كنوزنا المخبوءة    اعتبرها مراقبون ممارسة لإستراتيجية الضغط قبيل التفاوض.. واشنطن تفرض عقوبات جديدة على إيران    ولادة ظبي رملي بمحمية الأمير محمد بن سلمان    رفع التهنئة للقيادة الرشيدة.. وزير الطاقة: 14 اكتشافا جديدا للنفط والغاز في الشرقية والربع الخالي    ولادة أول ظبي رملي لموسم ربيع 2025 في السعودية    الصين تنفي إرسال جنود للمشاركة في الحرب بأوكرانيا    الاحتلال يقتحم نابلس موسعا عدوانه بالضفة الغربية    حين يتصدع السقف    مملكة الخير وميلاد قطب جديد    الحسد    سطوة المترهلين في الإدارة    أمير حائل يستقبل رئيس الهيئة العليا للحج والعمرة بجمهورية العراق ووزير الحج والعمرة    النقل الإسعافي يستقبل 5 آلاف بلاغ بالمدينة المنورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أغنية قادمة من الغيم: شعر يرقص تحت المطر
نشر في الرياض يوم 27 - 10 - 2023

سبر أغوار النصوص والروايات رفيعة المستوى لتفنيدها لهو أمرٌ في غاية الخطورة لأنه قد يخرجها عن مسارها الصحيح ويقودها لطريق شائكة ومنعطفات غريبة إن لم يصاحب ذلك خبرة كبيرة ودراية وحنكة وثقافة وقدرة عالية على التفنيد والتأويل تليق بها.
دمع مملوءٌ بالسُكّر.. نارٌ ونور.. ثلجٌ وجمر.. هكذا هي تحفة الكاتب المبدع عبدالعزيز النصافي (أغنية قادمة من الغيم) التي صدرت مؤخرًا، ووصلتني وأخرجتني من أجواء الصيف التي نعيشها في السودان إلى أجواء الربيع..
هذه الرواية تكتسي بالمعنى الحرفي الكامل للاسم بشكل لا يوصف كأنما نسجت عباراتها من الغيم وزخات المطر والعطر، ورائحة الأرض والأشجار والورد وألوان الخضرة والسماء والبراري والجبال والقلوب النقية.
حينما انتهيت منها أرسلت لكاتبها:
«هذه الرواية الشاعرية من أجمل وأرقى وأمتع الروايات التي قرأتها على الإطلاق»..
واليوم أقول في هذه المساحة الصغيرة وكل المساحات لا تكفيني للحديث عنها أبداً، ما أروع الشعراء حين ينسجون رواية بحريرهم الخاص! ولا أروع من رواية خطها شاعر أنيق راقٍ
حقيقة من أول سطر يضع أساور من النجوم حول معصميك وإكليلاً من الياسمين حول عنقك ثم يسرقك منك ويأخذك كلك نحو الغيم وعوالم لم ترتدْها قَبلاً فتسير خلفه طائعاً مستمتعاً ومنبهراً.
والحق أقول إن المقدمة لأي عمل أدبي هي كالرشفة الأولى التي تخبرك عن جودة القهوة واحترافية الصانع.. رواية مُقَننة ومفعمة بشاعرية الروائي، قدرته على السبك والحبك جعلته يمر على كل الأحداث بنعومة وانسيابية ووضوح دون أن نتعثر بزخارف لفظية ومشاهد حادة أو مشوشة عصية على الفهم.
ويستمر بربط متين أنيق بين المكان والزمان، بين العاميّ والفصيح، بين نبض البداوة وروح الحضارة في جسد الأدب الجميل الذي جمع بين فن الرواية والقصيد في تمازج رقيق يكاد يتماهى بعضه في بعض حتى لا نكاد نفصل بينهما في جوهر السرد وتسلسل الصور والمعاني والأخيلة.. مما يدل على تمكن الكاتب من أدواته وعلو ثقافته وسمو ذائقته الأدبية وتجلي شاعريته في كل حرف في الرواية.. إذ استطاع بمهارة بديعة أن يجعل القارئ أسير إبداعه، ومنحه كل العناصر التي تجعله مستمتعاً بالرحلة من تشويق وتجديد ومفاجآت وصور ورموز وإشارات واستفهام وغواية وروعة سرد بكل هدوء وبخطو الواثق من نفسه.. في فضاء الكتابة الواسع الممتد حتى آخر نقطة..
تسلسل الأحداث بهذا الصبر وتلك الدقة أمر في غاية الأهمية، إذ يحدد مدى قدرة الكاتب على تحديد غايته.. ومنح القارئ فرصة لمشاركته سبر الأغوار والتأويل والتفكير والتمحيص والتقدير والنسج والرسم..
وكل شخصية تم إلباسها الثوب الذي ناسبها تماماً بدقة عالية دون إهمال أي شاردة أو واردة، إذ جعل تركيبة كل شخصية توافق زمانها ومكانها، وثقافتها، وعاداتها، وتقاليدها، وبيئتها، ونشأتها، وتفكيرها، وطباعها، وكينونتها وظروفها كلها.. لم يتجاوز حتى حال الشخصيات التي تغربت عن أوطانها وأهلها ونفسها قسراً، كما لم يهمل إبداعها ومدى ثقافتها وتكيفها مع بيئتها الجديدة المغايرة حتى يكاد القارئ يجزم أنها رواية واقعية وليست من نسج خيال.. وما أجمله من خيال..! وكلما غرقنا في التفاصيل راودنا إحساس أننا نعيش مع شخوصها نعرفهم ويعرفوننا، نشم عبق المكان، نحس نسماته ونتحسس جباله، أشجاره، طرقاته، أهله، فراشاته، ونسمع كل الأصوات فيه.
تنقُل الكاتب برفق بين التفاصيل والأجزاء والتعابير والصور منح العمل متانة في بنائه، وتضميخه بالقصائد والأغنيات والمعلومات جعله أكثر سحراً ومتعة ودهشة..
وما بين نعومة المقدمة وتفرّد الخاتمة يعيش القارئ بكل حواسه في عالم آخر من السعادة، والحزن، والحنين، والعتاب، والامتنان، والرحمة، والأمل، واليأس، والخوف، والعطاء، والحذر، والهدوء، والثقة، والقوة، والاطمئنان، والشموخ، والتباهي، والطموح والحب..
وكلما ظن أن الرحلة انتهت وجد نفسه مُنقاداً في طريق جديدة أجمل مملوءة بالتنبؤات والتآويل التي تمنح العمل عمراً آخر على عمره وقوةً وسحراً، وهكذا دواليك حتى يصل بهدوء وسلام وقلبه يقول ليتها رحلة لم تنتهِ..
هذه هي الرواية التي تترك بصمة حقيقية وأثراً رائعاً بداخلنا طوال العمر..
*كاتبة سودانية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.