بعض الأمثال انطلقت من حالة واحدة لم تتكرر، مثل هذا المثل، فليس هناك من طبخ الفأس يريد مرقاً، إلا حالة واحدة تاريخية قديمة جداً، لكنها صنعت مثلاً، بينما بعض الأمثال يتكرر شبيهاً للحالة التي صارت مثلاً. والأمثلة على ذلك كثير منها: «غبر يا ثور على قرنك» فالثور يغبر على قرنه كل فترة، ويمكن مشاهدته، وأيضاً «الدار دار أبونا والقوم طردونا»، وأيضاً «حوفك يالرفلا وكليه» فهذه كلها تتكرر. ويضرب المثل الذي يشبه بطابخ الفأس، للحمق وللبخل ولقلة الخبرة ولكل المعاني القريبة. ومعروف أن الفأس يقطع بها كل شيء، سواء الخشب والأشجار أو اللحم، وإن اختلف الحجم والنوع لكن المشترك واحد. وعندما يقطع اللحم ويكسر العظم ويفرغ الجزار من ذلك، تكون حديدة الفأس عليها دسم وطراوة الشحم ومن شمها يتبين ذلك، فيظن البخيل خاصة أو فاقد المعرفة والفطنة والفهم، أن هذا الدسم والدهن يمكن أن يستخلص ويعمل منه مرقاً، فلعله يوماً من الأيام قديماً، جرب أحدهم طبخ الفأس ليستخلص منه دهنا، فصار فعله ذلك مضرب مثل شعبي تداوله الناس فيما بعد. فلا يطبخ حبل على أثر تعليق شرائح اللحم عليه، ولا يكون لكيس السكر بعد تفريغه حلاوة، ولا يكون من قليل المال أو غيره نفع يذكر. فإذا قيل: فلان مثل طابخ الفأس، فهذا يعني أنه لن يحصل على شيء من عمله الذي يعمل فيه، كما أنه لن يقدم مساعدة لأحد، وحاله على تلك الصورة. ولذلك شاهد في هذا البيت: مسكين يا طابخ الفأس يبي المرق من حديدة كما ويقول حميدان الشويعر: طالب الفضل من عند الشحاح مثل مهدي وقت الصرام اللقاح أو مثل طابخ الفاس يبغي مرق أو مثل حالب التيس يبي مناح ويقول الشاعر حمود العطاوي: بعض البشر ماله علينا مشاريه اليا قطع وصله لا يشره على الناس من لا يواصلنا ويبدي حسانيه نلقى بداله من بعيدين الارماس ومن لا خدم ربعه وساعد عوانيه سواة من يرجي مرق طابخ الفأس