إنّ همّة وشجاعة وفروسية الإمام محمد بن سعود، ووقفة شعبه الوفي خلف دعوته المُباركة في صف واحد، مكنته من تجاوز التحديات العظيمة الداخلية والإقليمية والدولية، حتى تمكن من تأسيس دولة عربية أصيلة في قلب الجزيرة العربية.. السمو والشموخ والعُلو والمكانة الرفيعة التي يعيشها أبناء المملكة العربية السعودية لها أصل ثابت في تاريخ الشعوب الأصيلة، ولها جذور راسخة في أعماق أرضها المُباركة. نعم، إنه الحاضر العزيز الذي يعكس بشرف وكرامة ذلك الماضي العريق المليء بالقيم السَّامية، والمبادئ النبيلة، والتقاليد الرَّصينة، والعادات العربية الأصيلة. نعم، إن عمق التاريخ يجب أن يقرأ بعناية شديدة جداً لأنه يساعد الجميع على المعرفة الدقيقة بماهية المملكة، وقيمها، ومبادئها، وسياساتها، وتوجهاتها القائمة، في وقتنا الحاضر حتى تتعزز المُشتركات، وتُتجنب المفاهيم المغلوطة. نعم، إننا نتحدث عن التاريخ العريق والمُمتد لهذه الدولة العزيزة "المملكة العربية السعودية" الذي ابتدأ في 22 فبراير 1727م، لأن الحاضر الكريم ليس إلا امتداد للماضي العريق المليء بالعِزة، والكرامة، والأنفة، والإباء. نعم، إن من يقرأ الحقبة الزمنية التي تأسست فيها هذه الدولة الأبية "المملكة العربية السعودية" يشعر بالعزة والكرامة والإباء إن كان عربياً، ويشعر بالفخر والسمو والكبرياء إن كان مُسلماً، ويشعر بالابتهاج والراحة والطمأنينة كل من ينادي بحقوق الإنسان ويسعى لتحقيق الأمن والسلم والاستقرار للشعوب والمجتمعات، فإذا استذكرنا ذلك التاريخ الذي تأسست فيه هذه الدولة العزيزة "المملكة العربية السعودية" قبل ثلاث مئة عام، فإننا نجد أنفسنا أمام مجتمع دولي صعب جداً حيث الصراعات الدولية بين الإمبراطوريات في أعتى صورها حيث تسعى كل إمبراطورية لزيادة مساحتها الاستعمارية على حساب الشعوب المسالمة في كل مكان. وإذا استذكرنا ذلك التاريخ البعيد للأوطان العربية جميعها، فإننا نجد أنفسنا أمام أوطان عربية مُستعمرة من الإمبراطورية التركية التي سلبتها حريتها السياسية، ومزقت أوصالها الاجتماعية، ودمرت بنيتها التحتية، واستهدفت رموزها ونخبها الدينية والثقافية والفكرية والسياسية، وجهلت وشتت شعوبها المسالمة، وسرقت خيراتها وثرواتها الوطنية. نعم، هكذا كان حال السياسية الدولية والأوضاع العالمية في ذلك التاريخ البعيد حيث الفوضى السياسية، والأطماع الاستعمارية، واستعباد الشعوب. إنها صورة ظلامية لواقع السياسة الدولية وحال الشعوب الواقعة تحت الاستعمار الإمبراطوري، إلا أنها الحقيقة القائمة بصعوبتها في ذلك الوقت. إلا أنه في وسط ذلك الظلام الحالك، الذي أصاب العرب بسوء ظلامه وظلماته، نهض بسمو وشموخ الإمام محمد بن سعود منادياً بكل عزة وكرامة وإباء في أبناء شعبه بوجوب توحيد الصفوف، ومُعلناً تأسيس دولة عربية أصيلة، عاصمتها الدرعية في قلب الجزيرة العربية، لم تكن تلك الخطوات سهلة، ولم يكن الأمر ميسراً، إلا أن همة وشجاعة وفروسية الإمام محمد بن سعود، ووقفة شعبه الوفي خلف دعوته المُباركة في صف واحد، مكنته من تجاوز التحديات العظيمة الداخلية والإقليمية والدولية حتى تمكن من تأسيس دولة عربية أصيلة في قلب الجزيرة العربية لتصبح الدولة الإسلامية القائمة حقيقةً على القرآن والسنة النبوية الصحيحة، ومن تلك الخطوات المباركة التي تأسست عليها المملكة العربية السعودية في العام 1727م، بدأت رحلة البناء والتنمية والتطوير حتى عمَّت معظم أرجاء الجزيرة العربية. وبناءً على تلك الخطوات العظيمة التي أسس لها الإمام محمد بن سعود، استمر أبناؤه وأحفاده من بعده بمواصلة رحلة البناء والتطوير والتنظيم للدولة السعودية على جميع المستويات الداخلية والخارجية، وفي كل المجالات السياسية والاقتصادية والتنموية والخدمية والأمنية والعسكرية. إن هذه الأسس المتينة والرصينة في مرحلة التأسيس الأولى للدولة السعودية المبنية على الشرعية التاريخية للإمام محمد بن سعود، مكنها من الاستمرار وتجاوز التحديات والعقبات، خاصةً الخارجية، لتواصل بناء المجتمع والدولة على الأسس الأصيلة التي قامت وتأسست عليها. وهنا يجب أن نشير إلى أن هذه الرحلة العظيمة من البناء والتحديث للدولة السعودية لم تكن سهلة وميسرة، بل واجهت العديد من التحديات الخارجية التي تستهدف وجودها خاصة من الإمبراطورية التركية الاستعمارية، إلا أن همة الإمام تركي بن عبدالله ابن الإمام محمد بن سعود مكنته من إعادة بناء الدولة السعودية على الأسس العربية والإسلامية الأصيلة والصحيحة لتتواصل رحلة صناعة التاريخ من قلب الجزيرة العربية وبأيد سعودية أصيلة. نعم، هكذا كان الحال على الرغم من بعض التحديات الداخلية والخارجية التي أثرت على مسيرتها وحركة بنائها في بعض سنواتها، إلا أن هذه الرحلة المباركة للدولة السعودية شهدت انطلاقة وبداية كتابة تاريخ جديد عندما تمكن الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - رحمه الله - من استعادة مُلك آبائه وأجداده بدخوله الرياض وإعادة بناء وتأسيس الدولة السعودية من جديد. نعم، إنها مرحلة وحقبة جديدة، إلا أن الذي يجب أن يدرك هو أن الظروف والتحديات الدولية كانت كبيرة ومتنوعة ومتعددة، ولم تكن سهلة وميسرة. نعم، لقد تمكن الملك عبدالعزيز بحكمته وشجاعته وفروسيته ودهائه من التعامل مع الظروف والتحديات الإقليمية والدولية باحترافية عالية جعلته أحد أبرز القادة والسياسيين في تاريخ البشرية حيث استطاع إعادة تأسيس الدولة وتوحيد أقاليمها على أسس قوية، والسير بها بثبات نحو المستقبل، في الوقت الذي شهد العالم فيه حربين عالميتين وصراع مصالح وأيديولوجيات بين الإمبراطوريات الاستعمارية. وعلى هذه الحكمة السياسية والشهامة والفروسية والأصالة العربية واصل أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز بناء وتنمية وتطوير الدولة السعودية على أسس حديثة في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والعسكرية وغيرها من مجالات حتى أصبحت عضواً في مجموعة العشرين لأكبر اقتصادات العالم، وخلال هذه الرحلة العظيمة من رحلات البناء تجاوزت الدولة السعودية الحديثة بحكمة وحنكة وشجاعة جميع التحديات والمؤامرات الإقليمية والدولية الكبيرة والصغيرة والخفية. وكما شهدت سياسة الملك المؤسس عبدالعزيز انطلاقة جديدة لإعادة بناء الدولة السعودية الحديثة، نستطيع القول إننا نشهد رحلة بناء وتنمية وتطوير وتحديث جديدة وغير مسبوقة تشهدها الدولة السعودية تحت قيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظهم الله -. نعم، إننا نشهد مرحلة جديدة من مراحل البناء والتنمية والتطوير عناوينها الرئيسة تضمنتها رؤية المملكة 2030، حيث شملت جميع المجالات وكل المستويات. وإن الذي يجب أن نشير إليه هنا هو أن رحلة البناء والتنمية للمجتمع والدولة السعودية الحديثة تتواصل وتتصاعد على الرغم من جميع التحديات والظروف الإقليمية والدولية الصعبة التي تعيشها المنطقة والعالم، وكذلك التقلبات السياسية التي أدت لزعزعة استقرار بعض المجتمعات العربية والإقليمية. وفي الختام من الأهمية القول إن الدولة السعودية مُنذُ تأسيسها الأول في 1727م وحتى الآن 2023م، وضع وأقام أُسسها أئمتها وملوكها من آل سعود، وبناها ونمَّاها وطورها أبناؤها الكِرام، وأقام أمنها وحمى حدودها ودافع عنها وواجه أعداءها رجالاتها في القوات الأمنية والعسكرية، وبُني اقتصادها وصناعاتها من ثرواتها الوطنية، وأقامت علاقاتها الخارجية بما يخدم مصالحها ومنافعها ويعزز مكانتها الدولية. نعم، إن تاريخ المملكة العريق المُمتد لثلاث مئة عام يُوصل رسالة للعالم أجمع الأصدقاء والأعداء بأنها دولة بنت نفسها بنفسها، وتجاوزت التحديات بحكمة قادتها، حتى أصبحت في مصاف دول العالم المتقدم اقتصادياً واجتماعياً وتقنياً وأمنياً، هذا في الوقت الذي تقف مع أشقائها، وتساند المحتاجين من الأمم والشعوب المختلفة أياً كانت هويتهم. نعم، هكذا هي المملكة مُنذُ تأسيسها وما زالت دولة عِزة وكرامة وإباء، ودولة قيم ومبادئ وعدالة، ودولة حكمة وحنكة وسمو.