تحديث الجهاز الحكومي وهيكلته تنظيميا وتقييم عمل قطاعات منظوماته عملية مستمرة ومشروع دائم لحمايته من الترهل أو التمدد، وللارتقاء بمستوى أدائه وترشيد تكلفته، وهو كذلك محكوم بما يطرأ من متغيرات تشريعية وتنظيمية واقتصادية واجتماعية، وما يستجد من طرق وأساليب إدارية ومالية ورقمية للأعمال والإجراءات التي تسهم في حوكمة سير العمل وتؤطر آلية صنع القرار وسرعة اتخاذه، وتيسر من وسائل تنسيق جهود عمل قطاعات وحداته الإدارية فيما بينها ومع غيرها من المنظومات الأخرى؛ ومن هذا المنطلق أولت رؤية الوطن الطموحة هذا المشروع الأهمية وأفردت له برنامجا خاصا بمسمى «برنامج إعادة هيكلة الحكومة» لتطوير وتجديد آليات ومنهجيات ومنظومات العمل الحكومي بهدف رفع كفاءة الأداء ومستوى التنسيق وتكامل الأدوار والمسؤوليات والاختصاصات. وعلى هذا الأساس استهل هذا العهد الميمون مسيرته المباركة بتدشين برنامج تطوير الأجهزة الحكومية عبر أجراء هيكلة تنظيمية شاملة لأجهزة ومؤسسات الدولة أدت إلى استحداث وإلغاء ودمج عدد من الوزارات والأجهزة والمجالس واللجان الحكومية بسبب تضخم عددها وتوسع تشكيلها وتمدد مهامها وتداخل اختصاصاتها وزيادة أعبائها البيروقراطية والمالية، وتلا ذلك عدد من القرارات التنظيمية المتتابعة والمكملة لرحلة التطوير هذه بهدف الارتقاء بمستوى كفاءة أداء الجهاز الحكومي للمساهمة في تحقيق مستهدفات رؤية الوطن الواعدة؛ لكن قد يكون من المناسب بعد مضي هذه المدة الزمنية منذ تلك الهيكلة الشاملة الأولى إعادة تقييم مدى فاعليتها وملاءمتها للأهداف والغايات التي تم توخي تحقيقها بداية، فنحن لا نقصد من الهيكلة التنظيمية تلك التي يجب أن يترتب على مخرجاتها تحديدا الفصل والدمج أو استحداث وإلغاء أجهزة حكومية، بقدر ما هو المقصود هو تقييم كثير من العوامل التنظيمية والفنية التي تجعل من نتائج التنظيم الإداري والهيكلة أمرا مؤسسيا بناء على دراسات مستفيضة يتم فيها تقييم كثير المقتضيات والاعتبارات والمعطيات التشريعية والتنظيمية المتعلقة برسم السياسات وصنع القرار وحوكمته وتسريع آليته، والهياكل التنظيمية والموارد البشرية، وإجراءات توحيد الجهود وتنسيق أدواتها، وتقليل المصروفات مع المحافظة على رفع كفاءة الأداء وتعزيز جودة الخدمات الحكومية ونحو ذلك، بغية الوصول الى قطاع عام فعال يعمل كمنظومة واحدة وممكنه للمستحدثات الاقتصادية التي يعيشها الوطن في هذا العهد الزاهر، وأن تكون متوائمة تنظيميا وزمنيا وموضوعيا مع ما تسعى رؤية الوطن الواعدة لتحقيقه من مستهدفات مرحلية وتنموية، وتفعيل ربط ذلك بمؤشرات قياس الأداء وتحقيق الأهداف ورصد الأثر كي يسهل استكشاف المستجدات التشريعية أو التنظيمية أو التنفيذية، والتحديات المستقبلية بصورة شاملة، وتقترح لها حلول المعالجة السريعة في الوقت المناسب.