استهل هذا العهد الميمون مسيرته المباركة بهيكلة تنظيمية شاملة لأجهزة الدولة أدت إلى استحداث وإلغاء ودمج عدد من الوزارات والأجهزة والمجالس واللجان الحكومية بسبب تضخم عددها وتوسع تشكيلها وتمدد مهامها وتداخل اختصاصاتها وزيادة أعبائها البيروقراطية والمالية؛ وقد تمخض عن هذه الهيكلة والتي شكلت فيما بعد نواة لتدشين أحد برامج رؤية الوطن والمسمى ب»برنامج إعادة هيكلة الحكومة» لتطوير وتجديد آليات ومنهجيات ومنظومات العمل الحكومي بهدف رفع كفاءة الأداء ومستوى التنسيق وتكامل الأدوار والمسؤوليات والاختصاصات. هيكلة القطاع الحكومي عملية مستمرة ومشروع يتطور بحسب الأهمية والأولوية التنظيمية والحوكمة التي تسهم في تسريع عملية وضع الاستراتيجيات وتحسين كفاءة الأداء وصنع القرار وصولا إلى استدامة الحلول وتناغم عملها، ولكن المراقب لهيكلة الأجهزة الحكومية، يلحظ مؤخرا زيادة عددها وتمدد مهامها بشكل يخرجها عن الهدف الأساس لبرنامج الهيكلة أخذ في الاعتبار ما فرضته جائحة كورونا من وقفه للتأمل وانخفاض أسعار البترول من تقشف مالي تستلزم إعادة تقييم كثير من الأمور، فمن غير العملي أن يكون أي وزير مسؤول عن إدارة ومتابعة ما يزيد على خمسة أجهزة على الأكثر، ومن هذا المنطلق نضع بين يدي القائمين على «برنامج إعادة هيكلة الحكومة» فكرة مقترح دمج وزارة الأسكان في وزارة الشؤون البلدية والقروية، ودمج وزارة الاقتصاد والتخطيط في وزارة المالية، ودمج وزارة الاستثمار والهيئة العامة للتجارة الخارجية في وزارة التجارة، وذلك لتداخل المهام وتحقيقا للانسجام في منظومة صنع القرار الاستراتيجي وتلازمه باعتبار أن القرار يصعب اتخاذه بمعزل عن الرؤية والسيادة التنظيمية للوازرة الدامجة. وكذلك دمج الرئاسة العامة لهيئة الأمر والنهي عن المنكر في وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد وذلك لتشابه المهام وتعزيزا للاختصاصات. وكذلك إعادة تقييم الهيئات المكررة النسخ والمتداخلة الاختصاصات والمتشابهة المهام والتي تم استحداثها مؤخرا من حيث أهمية وأثر الاستقلالية المالية والإدارية وبالتالي وجود الإضافة التنظيمية من عدمها، ودمجها في الوزارات التابعة لها كإدارات أو وكالات على اعتبار أن الدمج يحقق السلاسة في أعمالها مقارنة في بقائها مستقلة في ظل التبعية والهيمنة التنظيمية للوزارة على شؤون أعمالها؛ فمثلا لن يقلل من أهمية الثقافة والفنون والحاجة لتنظيمها لو تم الاستعاضة عن وجود الهيئات المستقلة التي استحدثت مؤخرا عبر دمجها في الهيئة العامة للثقافة كوحدات إدارية فيها وهو ما يقلص عددها ولكن يبقيها تحت مظلة وزارة الثقافة؛ وأخيرا إعادة تقييم بعض الأجهزة والمراكز القائمة والتي لا يتسع المقام لذكرها لكن نخص منها تلك التي خصص لها أوقاف مالية ولكنها تستنزفها فيما ما لا يحقق الأهداف من إنشائها.