أتت الأوامر الملكية الكريمة الأخيرة لتؤكد استمرار حرص القيادة الرشيدة على مواصلة التطوير والتجديد لآليات ومنهجيات ومنظومات العمل الحكومي، ورسم سياساته واستراتيجياته وصولاً إلى الريادة المنشودة في مجالات وقطاعات تنسجم مع #رؤية_الوطن_2030 وأهدافها. لقد جاءت حزمة الأوامر الملكية الأخيرة متنوعة وشاملة وحاملة في جعبتها ما تستلزمه المرحلة من استعداد تنظيمي لمواجهة ما يفرضه المستقبل من متغيرات لعمل منظومة قطاعات الدولة؛ لكن أهم ما ميزها تحديداً هو إنشاء هيئة باسم «الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي» ترتبط مباشرة برئيس مجلس الوزراء، ويكون لها مجلس إدارة برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء، ويعين أعضاؤه بأمر من رئيس مجلس الوزراء، وينشأ مرز باسم «المركز الوطني للذكاء الاصطناعي»، ومكتب باسم «مكتب إدارة البيانات الوطنية»، ويرتبطان تنظيمياً ب»الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي»؛ فالذكاء الاصطناعي والذي سبق نقاشه في ثلاث مقالات هو رهان المستقبل، أو كما يوصف مجازا «ببترول» المستقبل، حيث تشير كثير من الدراسات العالمية أن الاستثمار في تطبيقاته يفوق الاستثمار في عمليات التنقيب عن النفط. كما تضمنت الأوامر إنشاء وزارة باسم «وزارة الصناعة والثروة المعدنية»، تُنقل إليها الاختصاصات والمهمات والمسؤوليات المتعلقة بقطاعي الصناعة والثروة المعدنية، والتي طالبنا باستحداثها في مقالات سابقة لأن الواقع يقول ليس أمامنا إلا القطاع الصناعي لتنويع مصادر القاعدة الاقتصادية للوطن بالاستفادة مما في باطن الأرض وما تهيأ من جهود لتطوير المدن الاقتصادية والصناعية لنقل عمليات التصنيع الأولية والبنية المساندة لها لمرحلة تنافسية أعلى، والمأمول أن تعاد لهذا القطاع حيويته التي فقدها بسبب غياب المظلة التنظيمية لمنظومته بما يوحد شتات جهوده، ويؤكد استراتيجية بعده، ويسرع وتيرة نموه. كما شملت أيضا تحول «هيئة تطوير مدينة الرياض» إلى هيئة ملكية باسم «الهيئة الملكية لمدينة الرياض»، وتعديل اسم كل من «ديوان المراقبة العامة» ليكون «الديوان العام للمحاسبة»، و»وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية» ليكون «وزارة الطاقة»؛ هذا فضلا عن عدد من التعيينات الوزارية في مناصب تنفيذية. لا شك أن تلك التغييرات التنظيمية والتنفيذية محورية وتنسجم وتحقيق مستهدفات رؤية الوطن الواعدة، وجاءت لتؤكد نهج هذا العهد الميمون الذي يقاس فيها الأداء والتعاطي مع المهام الموكلة على أساس ما يلمسه الوطن والمواطن من إنجازات حقيقية، وفي ذلك رسالة بليغة من أن المسؤولية تكليف وأمانة وتتطلب كثيراً من العمل الجاد ومضاعفة الجهد وابتكار الحلول وتطوير الخطط، وإن بقاء أو تغيير أي مسؤول مرتبط بمعايير التقييم المقترنة بقياس الأداء، وأساس ذلك ما يعود على الوطن من إنجاز ويلمسه المواطن من أثر؛ فالتحديات والمتغيرات المتسارعة من حولنا تلزمنا بسرعة الدخول إلى نادي المنجزات التي تحكي عن نفسها، وفي ظل هذا العهد الميمون المميز بسرعة تجاوب وجزالة عطاء راعي نهضته، يجب ألا نرضى سوى بالتميز الذي قد لا يستلزم سوى تجديد الفكر والإصلاح الإداري.