يشهد الاقتصاد السعودي تطورا وتقدما ملحوظا في العام الحالي من خلال نمو جميع مكوناته (الاستثمار، الاستهلاك الخاص، الإنفاق الحكومي، صافي الصادرات) بشكل مترابط ومتكامل، مما يؤكد نجاح السياسات الاقتصادية والمالية بديناميكية النمو والتنوع للوصول إلى أسقف الأعلى لمستهدفات رؤية 2030. وهذا لم يأت من فراغ بل من التحول من مصدر واحد إلى مصادر متعددة لإدارة التقلبات الاقتصادية وتجنب المخاطر، وذلك بالتركيز على نقاط القوة للأنشطة غير النفطية ذات الأبعاد الاقتصادية طويلة الأجل والأكثر استدامة في مجال الإنتاج الصناعي والسياحي والترفيهي والتقني، لاستباق الصدمات المفاجئة ومواجهة عدم اليقين. إنه مسار الرؤية ذات الأهداف المحددة نوعيا وكميا وبإدارة حازمة اتخذت من الكفاءة والفاعلية منهجا لها نحو تعظيم المخرجات الاقتصادية على المستويين المحلي والعالمي. فقد حقق الاقتصاد السعودي بالأسعار الثابتة معدلات نمو فاقت كل التوقعات في الربع الأول والثاني والثالث من 2022 عند 9.9 %، 12.2 %، 8.6 % على التوالي. وبهذا يكون متوسط نمو إجمالي الناتج المحلي خلال الثلاثة الأرباع الماضية 10.23 %، بنمو الأنشطة النفطية بمتوسط 19.23 % وغير النفطية 5.83 % والحكومية 2.4 %، وعلى هذا الأساس من المتوقع أن يحقق الاقتصاد في الربع الرابع من هذا العام نموا لا يقل عن 7 %، وبمتوسط نمو سنويا بأكثر من 9 % مع بقاء معدل التضخم عند 2.7 %، متجاوزا ما توقعته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بأن ينمو الاقتصاد السعودي بمقدار (9 %) وهو أعلى بكثير مما توقعه صندوق النقد الدولي (8.3 %). كما توقعت المنظمة أن ينمو الاقتصاد 6 % في 2023 وهو أيضا أعلى من توقعات صندوق النقد (3.7 %). إن هذا التقدم والتنوع الاقتصادي وفي أصعب الفترات لم يكن ليحدث لولا رؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان واستثمار صندوق الاستثمارات العامة، الذراع الأيمن للحكومة، في مشروعات عملاقة ذات أبعاد اقتصادية مستدامة وبأثر اقتصادي، يضاعف مباشرة وغير مباشرة على تنويع الاقتصاد ودعم المنشآت والتوظيف. إنه أداء اقتصادي متميز، رغم الأزمة الجيوسياسية والركود الاقتصادي وارتفاع التضخم العالمي، مما يضفي على اقتصاد المملكة مرونة عالية تمكنه من امتصاص الصدمات الاقتصادية وتخفيف آثارها السلبية عليه، نحو المزيد من النمو والتنوع الاقتصادي وتعزيز الإيرادات غير النفطية على المديين المتوسط والطويل. إنه اقتصاد الرؤية الذي يقود إلى مؤشرات عالية الأداء تراكميا، تمكن الاقتصاد من الوصول إلى مرتبة متقدمة بين أكبر الاقتصاديات العالمية، ومن التنويع الذي يقود إلى مؤشرات أكثر استدامة بمحفظة متنوعة الاستثمارات في جميع الأنشطة الاقتصادية وبشراكة فاعلة من القطاع الخاص من خلال برنامج "شريك". إن النمو والتنوع هو أساس الاقتصاد والقاعدة الراسخة التي يعلو عليها بناء الأنشطة الاقتصادية المتنوعة نحو المزيد من الاستقرار وتعظيم إجمالي الناتج المحلي بمعدلات متصاعدة. "النمو مزيد من الإنتاج والخدمات والتنوع مزيد من الاستقرار والاستدامة".