يواصل الاقتصاد السعودي نموه هذا العام وفي الأعوام المقبلة، بينما يشهد الاقتصاد العالمي حالة من الركود، والأسوأ قادم، لهذا حذر صندوق النفذ الدولي من ركود اقتصادي لم يشهده العالم منذ 2001 باستثناء عام 2008 (الأزمة المالية) و2020 (كوفيد-19). إنه الركود التضخمي الذي يخفض معدل النمو ويرفع معدل التضخم في ظل أزمة جيوسياسية أشعلت فتيل أسعار الطاقة وترتب عليها تضخم أسعار السلع والخدمات عالميا. وهنا لا نتحدث فقط عن انكماش اقتصادي عندما ينخفض نمو الاقتصاد لربعين متتاليين في هذا العام بل عن سنوات مقبلة. إنها أزمة حقيقة هزت هياكل الاقتصاد العالمي ورفعت معدلات التضخم إلى مستويات لم يشهدها الاقتصاد العالمي منذ عقود طويل، مما دفع البنك الفدرالي لرفع سعر الفائدة بمعدلات متسارعة ومتتالية تصل إلى 75 نقطة. ورغم ذلك استطاعت بعض البلدان من اتخاذ قرارات حكيمة وسليمة واستباقية خلال جائحة كوفيد-19 وأثناء الخروج منها وكانت على استعداد كامل للتعامل مع أزمة الطاقة العالمية. فقد نجحت المملكة وبكل تفوق من خلال سياساتها الاقتصادية الاستراتيجية التي تجسد أهداف رؤية 2030 وبسياساتها المالية التي دعمت ومازالت تدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة والتوظيف ماليا وإجرائيا. كما أنها حدت من ارتفاع معدلات التضخم وخاصة التضخم المستورد بتوفير ما يحتاجه القطاع الاستهلاكي، بل إنها وضعت سقفا أعلى لأسعار الوقود لمحاصرة التضخم المحلي. لقد حقق الاقتصاد السعودي معدلات نمو فاق كل التوقعات في الربع الأول والثاني من 2022 عند 9.9 % و12.2 % مع نمو الأنشطة النفطية ب20.3 % و22.9 % وكذلك الأنشطة غير النفطية، ومن المتوقع أن يحقق الاقتصاد 7.6 % نموا حقيقيا هذا العام مع بقاء معدل التضخم عند 2.7 %. بينما من المتوقع أن تنمو الاقتصادات الكبرى مثل؛ أميركا، الصين، اليابان، ألمانيا؛ 1.6 %، 3.2 %، 1.7 %، 1.5 % على التوالي. أما في عام 2023 فمن المتوقع أن ينمو ب3.7 %، بينما سينمو اقتصاد أميركا، الصين، اليابان، ألمانيا؛ 1 %، 4.4 %، 1.6 %، (-0.3 %) على التوالي، بناءً على توقعات صندوق النقد الدولي. إن هذا التقدم والتنوع الاقتصادي وفي أصعب الفترات لم يكن ليحدث لولا رؤية ولي عهدنا الأمير محمد بن سلمان لمسار رؤية 2030 واستثمار صندوق الاستثمارات العامة، ركيزة هذه الرؤية، في مشروعات عملاقة ذات أبعاد اقتصادية مستدامة وبمضاعف اقتصادي مباشر وغير مباشر على الاقتصاد والمنشآت والتوظيف. إنها استثمارات البنية التحتية والمشروعات ذات الأولوية والنوعية من تعدين وسياحة وترفيه، لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص نحو المزيد من الأنشطة الاقتصادية وتقليص معدل البطالة. فجاءت النتائج مذهلة خلال الجائحة والأزمة الجيوسياسية وارتفاع أسعار الطاقة والتضخم العالمي، بتمتع اقتصادنا بمرونة عالية مكنته من امتصاص الصدمات الاقتصادية وتخفيف آثارها السلبية، نحو المزيد من النمو الاقتصادي والإيرادات غير النفطية واستدامتها وتعظيم رفاه المواطن على المديين المتوسط والطويل. فمن المتوقع أن تتقلص الفجوة بين الإيرادات غير النفطية والنفطية إلى أدنى مستواها بحلول 2030 مع استمرار نمو الطلب الكلي وتضاعف إجمالي الناتج المحلي.